نظم المنتدى المغربي للمبادرات البيئية بقصر المؤتمرات بفاس لقاء بمناسبة الدورة السابعة ليوم فاس وبهذه المناسبة ألقى الأستاذ عبد الحي الرايس رئيس المنتدى الكلمة الآتية:
باسم المنتدى المغربي للمبادرات البيئية أحيي هذا الحضور المتميز، وأثمن هذا اللقاء الذي ينتظمنا في يوم نعتز به اعتزازنا بفاس كمدينة مغربية أشربتنا حب الوطن، وعلمتنا معنى الثقافة والحضارة، علمتنا أن تأهيل الإنسان خير ضمان لتحقيق الأمان، وتوفير الإطار الأمثل للحياة.
رصيد فاس ينبغي أن يصان، وحاضرها ماثل للعيان، به جهود تبذل، وإنجازات تتحقق، ولكن به أيضا اختلالات ترفع سقف الانتظارات، وتأبى علينا كمجتمع مدني إلا أن نمارس القوة الاقتراحية، علَّ مخططات التنمية تأتي مستجيبة لطموحات الحكامة المحلية.
فإذا شئنا للانتظارات جردا وجدنا أنها تند عن الحصر، وإذا أردنا لها ترتيبا ألفينا أنها تتنازع السبق والأولوية.
وقد أبينا كمنتدى إلا أن ننقل انشغالاتنا عبر شريط وثائقي تحضر فيه الصورة جنبا إلى جنب مع الكلمة، على أمل أن تكون وفية بالتعبير، وأن يكون لها رجع صدى في التخطيط والتدبير، ولو أن بعض العناوين تابى إلا أن تقتحم فضاء هذا التقديم الوجيز من قبيل:
ـ برمجة إنجاز مسار سياحي يغري بالتنقل بين المدينتين الجديدة والعتيقة
ـ التجاوب مع اقتراح إحداث عربة هوائية Téléférique تصل البرج الشمالي بالجنوبي على غرار مشروع Téléférique سلا بورقراق
ـ التحرك القوي من أجل تأهيل النقل الحضري
ـ تسريع إخراج مشروع حديقة النبات إلى حيز الواقع
وأجدد الشكر لكل من شرف بالحضور، أو أسهم في الإعداد وتقديم الدعم لهذا اللقاء.
من أجل فاس مدينةً مُسْتدامة (تعليق على شريط وثائقي)
- فاس في ماضيها كانت حاضرةً تَصْهَرُ قُطَّانَهَا في بَوْتَقَةِ التمدن والحضارة، لم تكن تَعْبُرُها مَرْكبَات، ولا تُلوث أجواءَها انْبعاثات.
كان أهلُها يتأنقون، ويتنافسون في تحصيل العلم، والتنشئة الاجتماعية، وتعميم الْخُضْرَة، ولا يَقْنَعُون بما دون السطوح الْمُخْضرَّة الْمُزْهِرَة، والأحياءِ النظيفةِ الْمُشِعَّة.
- مع مُسْتجدات الصناعة، وتَعَدُّدِ أسباب الهجرة، تَمدَّدتِ المدينة في كل الاتجاهات، وصارت نسبة سكانها في تزايد بِاطِّرَاد، طغتْ عليها الاختلالات، وانفرط بها عِقْدُ التوازنات، وحل بها الترييفُ مَحَلَّ التَّمْدِين.
- حواضرُ العالم ـ بعد تلاحق ظواهر الاحتباس الحراري، وكوارث التغيرات المناخية ـ استشعرت الخطر، وآثر المنتظم الدولي الأخذ بأسباب التنمية المستدامة، والمدينة المستدامة، فصارت كل مدينـة ـ تتبنى الشعارـ تُنافسُ غيرها، وتتجاوز ذاتها باستمرار، وتخطط لصيرورتها أشواطاً بعد أشواط.
بَيْدَ أنَّ الاِسْتدامة ليْسَتْ صفةً تُمنَح، ولا شعاراً يُردّد، وإنما هي مجهودٌ يُبْذَل، ورؤيةٌ تُنْضَج، وإستراتيجيةٌ تُعَدّ، وتعهدٌ باحترام الْبِيئَةَ يُؤَكَّد، وإنجازاتٌ على أرض الواقع تتلاحقُ وتتحقق.
ويسأل السائلُ عن طبيعة المدينة المستدامة، فتتنازعُ مُواصفاتُها السَّبْقَ والأوْلَوِيَّة:
- هي مدينة تسعى لتحقيق التوازن بين المعمار والاخضرار، تتجمعُ في دائرية، ولا تتمددُ على حساب الأراضي الفلاحية، ينتطمُ فيها السَّكَنُ مُختلِفَ الشرائحِ والفئات، في تعايُشٍ واندماج، تُلبِّي احتياجاتِ الأجيال الراهنة، مع تحسبٍ لمتطلباتِ الأجيال القادمة، تُعَدِّدُ الحدائقَ والْمُتَنَزَّهَات، وتُحيط مجالَها بأحزمةٍ خضراء، وتُراهِنُ على شرفاتٍ وسطوحٍ، بل وجُدْرانٍ خضراء.
- وهي حاضرةٌ تُدَبِّرُ نفاياتِها، فتُحْسِنُ التخلصَ منها من المصدر إلى المطرح، فَرْزاً وتصْنيفاً، وتدْويراً، ومعالجة تُنتج الأسمدة والحرارة والكهرباء دون أيِّ ضَارٍّ من الْمُخَلَّفات.
- تُرَشِّدُ التعامل مع مياهها، وتَقِيهَا شرَّ الْهَدْرِ والتلوث، فتنْسَابُ في وِدْيانها رقراقةً صافية، وتُعالجُ العادمَ منها لِتُعيدَ استعمالَه في الرَّيّ.
- تُعَمِّمُ النقلَ الأخضرَ المُسْتدام، لِيَنْسَابَ بدِقةٍ وأمان، في مساراتٍ مُسْتقلة تُغْرِي مُختلِف الشرائح وفئاتِ الأعمار باستعماله والزهد فيما سواه.
- تُعْطِي الأولوية في الفضاء الطرقي للنقل الحضري النظيف، والراجِلِ والْمُعاق والدرَّاج كوسائلَ للتنقل الناعم، وغيْرِ الْمُلَوِّث.
- تُشجِّعُ على البناء الإيكولوجي وتعميمِ العمارةِ الخضراء، الواقيةِ من الزلازل، والعازلةِ لِلصَّوْتِ والحرارة، الآخذةِ بأسباب الاِسْتدامة، بكل ما لذلك من عائداتٍ على الاقتصادِ في الطاقة.
- تُعَمِّمُ إنتاجَ واستخدامَ الطاقةِ الْمُتجدِّدة ، وتتخلَّى عن الأُحْفُورِيَّة