الرئيسية » 24 ساعة » في قصيدة النثر (1)

في قصيدة النثر (1)

بقلم/ د. علي الدرورة

تتعدّد الأنساق الشعرية عبر العصور، كما تتعدّد في كثير من بقاع العالم، وحتى في المناطق داخل نطاق حدود الدولة الواحدة، وهذا يعود للبيئة المحيطة، فالبيئة البحرية تختلف عن الزراعية والصحراوية والجبلية.

وحديثنا حول قصيدة النثر حيث إنّ هناك من يري أنه من الصعوبة قراءة قصيدة النثر في المهرجانات الثقافية، وهذه وجهة نظر قاصرة قد يؤمن بها البعض، والكثير لا يؤمن بهذا المنحى حيث يرون إنّها غير خطابية!.

فتعدّ قصيدة النثر ذات أبعاد تأملية في أغلب إيقاعها ومعانيها وأبعادها، وهذا يعتمد على فلسفة الشاعر نفسه، فلا يمكن تطبيق ذلك على كلّ الشعراء، فالأساليب تختلف والطرح يختلف أيضاً، وكذلك المضمون حتماً سوف يختلف، وفي بعض الحالات تكون قصيدة النثر أقوى من القصيدة الكلاسيكية.

حيث يرى البعض إنّ قصيدة النثر لا وزن فيها، ولا قافية، وهي تعتمد على الإيقاع الداخلي وموسيقاها خافتة، وهذا غير صحيح إطلاقاً، وهي وجهة نظر قاصرة ولا يؤمن بها النقاد والشّعراء بتاتاً.

هناك من يحتفظ بوجهة نظر خاطئة ويرى بفصل قصيدة النثر في الأمسيات أو الملتقيات حيث يخصّص لها مهرجانات مستقلة أو ملتقيات سنوية أو جلسات أو أمسيات خاصة، وهذا لا يمكن أن يكون بطبيعة الحال أبداً، ففصل قصيدة عن بقية الأنساق الشعرية يُعدّ أمراً غريباً أو أمراً غير مرغوب، بل وغير مناسب أو غير ملائم، ويُعدّ بعيداً عن روح الأدب، كما يطالب البعض بأن تكون ملتقيات بشعر الومضة أو شعر الهايكو أو ما نسمّيه قصيدة البيت الواحد، تبقى هذه وجهات نظر محدودة جداً.

الشعر هو الشعر مهما كانت وتعدّدت أنساقه، ففي الملتقيات على جميع الشعراء أن يقدّموا ما يطرحونه من فصيح وشعبي وأزجال ومواويل وملحون ونبطي وموشحات وبديات وعتابا وميجانا وكِسرة ودوبيت وهايكو وغير ذلك من الأنساق العديدة.

وسواء أكانت القصائد مطولات ملحمية أو قصائد قصيرة أو رباعيات أو مقاطع شعرية أو سوناتات، على أنه في الملتقيات الشعرية يحبّذ عدم الإطالة، بمعنى ألّا تكون القصيدة أطول من خمسة وعشرين بيتاً حيث إعطاء الفرصة للشعراء الآخرين بأن يقتسموا الوقت والفرص في إلقاء أشعارهم.

وحيث إنّ كلّ شعر له أسسه، فعلى المتذوق أن يفهم تلك الأسس، وإذا فقدنا ذلك الفهم شتتنا الشّعر بتعدّد الملتقيات وتخصّصها، وهذا يعني أنّ كلّ ملتقى شعري يجب أن يتنوع فيه الطرح، لا أن يخصّص لكلّ ملتقًى نوعاً أو نسقاً من الشعر، وبطبيعة الحال إذا قلنا إنّ هذا المهرجان لشعر الموال، وهذا لشعر الموشحات، وهذا لشعر الزجل، وذاك للشعر الملحون، فالآخرون لن يحضروا ويستمتعوا بأمسية شعرية رسمت سلبياتها سلفاً في المخيال.

إنّ محبّي قصيدة النثر من النقاد والشعراء والمتذوقين لها في فهم أسرار هذه القصيدة ذات العمق الأدبي.

إنّ قصيدة النثر تتيح للشاعر أن يقول ما يريد وتفتح له أفقاً واسعاً وخيالاً أرحب، على العكس من ذلك القصيدة الكلاسيكية التي تحدّ من فتح الأفق وأنّها فقط تعطيك صور بديعة.
____
منتدى النورس الثقافي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *