فاطمة سهلي
تحول مهرجان موازين من مناسبة محلية إلى مهرجان عالمي معروف منذ بدأ في إدراج أسماء موسيقية عالمية ضمن برمجته، فجلب من مختلف أنحاء العالم فنانين بعضهم يغني للمرة الأولى في إفريقيا و العالم العربي من بينهم شاكيرا، ويتني هيوستن، ماريا كاري، خوليو إغليسياس، إلتون جون وغيرهم شاركوا في الدورات السابقة للمهرجان و مازال موازين يسعى في كل دورة إلى استقطاب أهم نجوم الساحة العربية و العالمية.ويتزايد إقبال الشباب سنويا على حفلات الفنانين العالميين الذين يشاركون في “موازين”. فهوكغيره من المهرجانات الموسيقية التي تروج لثقافة الانفتاح وفي دورته 16 بالعاصمة الرباط، بمشاركة عربية ودولية. انطلقت فعاليات مهرجان ‘موازين إيقاعات العالم’ الشهير على منصة ‘النهضة حيث دشن الفنان البريطاني المعروف سامي يوسف، بصوته الشجي، افتتاح المهرجان الدولي بسهرة فريدة، تفاعل معها الآلاف من معجبيه.وعلى إيقاعات صوفية من التراث الإسلامي ، تعانقت العالمية بأدائها المتجدد، أدى سامي يوسف باقة من أشهر أغانيه، بينها ‘أمتي’ و’المعلم’ و’محمد’ و’نور’، مزج فيها بين اللغة العربية والإنجليزية، والتي تجاوب معها الجمهور بحماس.وعلى منصة ‘السويسي’ المخصصة للفنانين الغربيين، كان لجمهور هذا اللون الموسيقي، موعد مع المغنية البارزة في ‘الإلكترو بوب’ البريطانية إيلي غولدينغ، بعدد من أغانيها الشهيرة، أتحفت جمهورها وأغلبهم من المراهقين، بالترديد والرقص.المغنية البريطانية حضرت إلى ‘موازين’ وفي رصيدها أكثر من 30 مليون اسطوانة مباعة، منذ صدور ألبومها الأول عام 2010، وحضورا كبيرا في مواقع التواصل الاجتماعي يفوق 30 مليونا، على إنستغرام، وفيسبوك وتويتر، ورصيدا من الجوائز الدولية.وعلى غير ما عرف به المهرجان، بدى الحضور في ليلة افتتاح هذه الدورة قليلا، مقارنة مع الدورات السابقة.وسامي يوسف ملحن ومطرب ومؤلف موسيقى وشاعر، ولد في طهران، وعاش في لندن مع عائلته، ويوصف بأنه ‘ابتكر نوعا جديدا من الموسيقى الإسلامية‘.
في سنة 2003، طرح سامي يوسف أولى ألبوماته ‘المعلم’. وفي 2005 أصدر ألبومه الثاني ‘أمتي’، الذي تضمن أغان باللغة الإنجليزية، والذي حقق من خلاله شهرة واسعة في أوروبا والعالمين العربي والإسلامي.صدر له عام 2016 ألبوم ‘البركة’ الذي يدعو فيه للحفاظ على أصالة الفنون التقليدية والتراثية.في رصيد سامي يوسف 8 ألبومات، وباع أكثر من 34 مليون نسخة.ويعتبر سامي يوسف أن رسالته الفنية قائمة على ‘الحب والتسامح والرحمة’، كما يعتبر أنه ‘يبتكر ويجدد بتقديم موسيقى تلائم وتصالح بين الانتماء الإسلامي وتطور المجتمع الحديث المعاصر‘.وعينته منظمة الأمم المتحدة سفيرا ضد الجوع.وفي مؤتمر صحفي، أقيم بالرباط، قال سامي يوسف، إن موسيقاه ‘تحمل رسالة وتنطلق من أعماق الروح‘.ودافع عن براءة الدين من التطرف، قائلا إن ‘هناك مشاكل في العالم كله، لكن التطرف الذي يمس العالم لا علاقة له بالدين‘.واعتبر أن ‘المسلمين يعانون مركب النقص تجاه الآخر’، مضيفا أنه ‘يجب أن نعيش في سلام مع أنفسنا لا أن نرضي الغرب، ويجب ألا ننتظره ليرضى عنا أو يحبنا، يجب أن نحب أنفسنا‘.
وأضاف ‘يجب ألا ننظر إلى الغرب على أنه الأفضل، ليس لأنه سيئ، بل لأن حضارتنا الإسلامية من أكبر الحضارات التي عاش فيها المسيحيون واليهود وباقي الديانات’، وختم بالقول ‘يجب أن نرضى عن أنفسنا ونعيش في سلام لأجلنا، ونحترم الآخر أيضا‘.
ويعد مهرجان ‘موازين’ أحد أشهر المهرجانات الموسيقية الدولية. وقدرت اللجنة المنظمة عدد الجمهور الذي حضر دورة العام الماضي بأكثر من مليونين ونصف المليون شخص.
ولمهرجان ‘موازين إيقاعات العالم’، الذي تنظمه جمعية ‘مغرب الثقافات’ (جمعية غير ربحية) برعاية من العاهل المغربي الملك محمد السادس، شهرة عربية وعالمية، مكنته من استقطاب اهتمام أبرز الفنانين العرب والعالميين
وفي كل دورات المهرجان شبان مغاربة ومهاجرون أفارقة وافدون من الصحراء الكبرى، بنكهات متمازجة بروح الوحدة يرقص الجميع على ايقاعات افريقية وينشدون معا من أجل التسامح والسلام.
يقال ان في الاختلاف تكمن الوحدة فالموسيقى يمكن أن تكون مدخلا لنشر قيم التسامح داخل المجتمع المغربي الذي أصبح مجتمعا لاستضافة المهاجرين الأفارقة، وبالتالي وجب التسلح بقيم التسامح وقبول الآخر لتجنب أي مظهر من مظاهر العنصرية أو الكراهية.
ومهرجان موازين لا يفوت الفرصة كل مرة دون أن يوجه رسالة قوية إلى المهاجرين الوافدين من إفريقيا جنوب الصحراء بأن لهم حيزا في هذا المهرجان العالمي، الذي يستقطب أشهر المغنيين العالميين، حيث يكون للفن الإفريقي نصيب من هذا المهرجان، ويحضره عدد كبير من الأفارقة المهاجرين والذي يثير في أنفسهم الشجن والحنين للوطن الذي أصبح مستعصيا عنهم بسبب الحروب والاضطرابات التي تعصف بالقارة السمراء.
على ضفاف نهر أبي رقراق الذي يفصل بين مدينتي سلا والرباط مثل ما تتمايل القوارب على صفحة النهر فعشرات الآلاف من الشبان والشابات المغاربة والمهاجرين الأفارقة يتمايلون على إيقاعات الموسيقى وينسون ولو لبرهة من الزمن أنهم ليسوا في وطنهم وأنهم غرباء عن هذا البلد، وهو ما جعل الكثيرين منهم يرفع شعار “إفريقيا متحدة“.
أن المهرجان يعكس خصوصية المغرب الثقافية المتنوعة و تطلعه نحو الحداثة وخير دليل على ذلك تتبع الجماهير الغفيرة له وتعطشهم لمعرفة الجديد بخصوصه كل سنة .
نهر أبي رقراق الذي كان شاهدا على هجرة الموريسكيين من الأندلس إلى المغرب، حوله مهرجان موازين إلى فضاء فني يتفاعل فيه المغاربة والمهاجرون الوافدين من الصحراء الكبرى بعد أن أضنتهم الحروب والاقتتال الطائفي، ليجدوا على ضفافه قليلا من العزاء في الموسيقى.