أَلاَ قدْ دَقتْ ساعة الاختيار
خواطر وهمسات
أحْسَنَ المجلس الأعلى للتربية والتكوين حين أكد انشغاله بالسؤال الآني عن “المدرسة المغربية وتحديات التحول الطاقي والذكاء الاصطناعي”، وكم كان مُوَفقاً في استحضار مفخرة المغرب ((رشيد اليزمي)) لما حققه من سَبْق وما يطمحُ إليه في الآفاق، ليكون به الافتتاحُ في المعرض الدولي للكتاب.
ومروراً بالتجربة المتميزة المِعطاء لهذا الرجل كان مسكَ الختام السؤالُ المُلحّ عن لغة التعليم في المدرسة العمومية بالمغرب، وكأني بالسائل إنما يريد تعزيز الاختيار الأخير بالتحول من اعتماد الفرنسية إلى الإنجليزية، وطبعاً جاء جواب القادم من سنغافورة والمتنقل في بلاد العالم عبر مختلِف الأرجاء مُؤكداً حُسنَ الاختيار، ما دامت الإنجليزية في عالمنا المعاصر هي لغة البحث والتواصل مهما تعددت اللغات، وتباعدت الأمصار.
وإمْعاناً وتدقيقاً في السؤال أبى المُحاوِرُ إلا أن يسأل عن نموذج التعليم الأقرب إلينا:
وهنا يَبْهرُنا رشيد اليزمي بعفويته وتلقائيته وطلاقة لسانه حين يقول: التعليم الابتدائي عندهم يعتمد حَلَّ المشاكل الحياتية العملية التطبيقية، ويَخْلُصُ من ذلك إلى القول: مَدْعوُّون للعودة بالتعليم إلى الأشياء البسيطة التي تشَبَّعْنا بها منذ المراحل الأولى، وما زلنا نَحِنُّ إليها ونتجاوبُ معها كلَّما سمعناها، وكأني به (وهو ابْنُ المدرسة العمومية المغربية) يُردِّد ما انتهت إليه منظمة اليونسكو من التأكيد على أن اللغة الوطنية هي الأكثرُ عَوْناً ـ عند البدايات ـ على استيعاب أوَّليات العلوم واستكْناهِ أسْرارها.
لك أن تتنقل في بلاد العالم حيث تشاء: في الصين والهند وكوريا وماليزيا واليابان وغيرها من البلدان: ستجد الإنجليزية لغةً مُشتركةً سائدة، ولكنْ تَحْضُرُ قبْلَها لغةُ الهُوية كمُنطلقٍ وأساسٍ للفهمِ والاستيعابِ والاِمْتلاك، ثم يكونُ الانفتاحُ والدعمُ والانطلاق.
ألاَ قد دقَّتْ ساعةُ الاختيار: فمدرستُنا المغربيةُ العمومية أحْوَجُ ما تكون إلى حَسْم الموضوع باعتماد لغة الهُوية أساساً لاكتساب أوَّليات العلوم والرياضيات، تَعْضُدُها وتُسْنِدُها الإنجليزية أداةً للبحث ومُواصلة التعلُّم والانفتاح، وكُلُّ اختيارٍ عَدَا ذلك سيُمْنَى بالإخفاق.
وَخَتْماً نقول:
رائعٌ من المجلس الأعلى للتربية والتكوين أن ينْشغل بهاجس السؤال، وكلُّ الآمال تنْعقدُ عليه في أن يُدَقِّقَ في الإجابة ويُحْسِنَ الاختيار.
عبد الحي الرايس
03/06/2023