بقلم أحمد الإدريسي
تهدف التنمية البشرية المستدامة إلى توفير العيش الرغيد لكل الأشخاص ، حيث أنها تركز على الرأس المال البشري لإدماجه بصفة مستمرة داخل المجتمع.
و قد ظهر مصطلح التنمية البشرية خلال سنوات 1990 و هو يرمي إلى بلورة استراتيجيات للتنمية الشاملة، كما يروم القضاء على الفقر المادي و فقر الكفاءات.
و أهم عامل في مفهوم التنمية هو الاستدامة، و الحياة الرغيدة في ظروف تتميز بالصحة و طول العمر.
و التنمية الاقتصادية تأتي لتكمل التنمية البشرية، لأن أفراد المجتمع في حاجة ماسة إلى مدخول مالي يأمن لهم حياتهم بعيدا عن الخصاص و الاتكال على الغير. فكل الأشخاص يجب أن يساهموا فعليا و دوما في عمليات البناء و عليهم أن يتحركوا إيجابا لصالح تقدم وطنهم و لصالحهم أيضا.
و التنمية البشرية تنبني على وجود قضاء نزيه و على الإصلاح في كافة القطاعات، كما يجب توفير كل مستلزمات الحياة الهنيئة و ذلك بضمان الصحة و التعليم و الأمن و الشغل و السكن لكل مكونات المجتمع.
و الأمن نوعان: غذائي و اجتماعي.
كما أن افراد المجتمع في حاجة ماسة إلى الصحة البدنية و الكفاية المالية حتى يؤدوا مسؤوليتهم على أحسن الوجوه.
و قد ظهر مصطلح الاستدامة في سنوات 1980عندما لاحظ المهتمون أن الموارد الطبيعية محدودة، أضف إلى ذلك التلوث البيئي، لهذا أصبح لزاما أخذ العامل البيئي بعين الاعتبار في كل تنمية اقتصادية حتى لا نضحي بالأجيال القادمة. كما يجب الاهتمام بالجانب الثقافي كعامل من عوامل التنمية.
و الخطير في الأمر أن بعض الفئات الاجتماعية تعاني من الفقر المدقع، و من التهميش و تدمير لقدراتها الشخصية مما يرغمها على الهجرة.
فاستدامة التنمية الاجتماعية تتطلب توفير الصحة الجيدة و التعليم الراقي و الاستفادة من تجارب و خبرات الرواد.
كما ان الرأس المال الاجتماعي ينبني على الأسرة المتماسكة و حسن الجوار بين الأفراد و قوة المجتمع المدني و الولوج إلى المعلومة و توفير الشغل، لكن ما يمنع التنمية الاجتماعية هو انعدام الثقة و الصراعات العرقية و لهذا بجب تقوية الانسجام بين الفئات الاجتماعية بالمحافظة على العدالة و مكافحة الفقر و التكوين المهني و تطوير الفلاحة، و ترسيخ التقدم الاقتصادي و التعاون بين الأجيال: الشيوخ و الشباب.
و المعضلة الأساسية و التي هي ام المشاكل تتجلى في البطالة، لأن هذه الأخيرة هي السبب في الأمية و الفقر المادي و فقر القدرات و فقرالابتكار و التطور، و عدم تحقيق العدالة الاجتماعية يكون سببا مباشرا في التوترات بين الأفراد و يوقف عجلة التنمية، كما أن المساواة بين الجنسين يعد عاملا أساسيا لازدهار الأمم.
و باختصار فالتنمية لها تلاث ابعاد: بيئي و اقتصادي و اجتماعي، و هذه الأبعاد متلاصقة و لايمكن الفصل بينها لتوفير حياة هنيئة لكل الأجيال، كما أن التنمية تهتم كذلك بالجانب الثقافي و توفير الأمن و الاستقرار و تخليق الحياة العامة، لأن الأخلاق الفاضلة تلعب دورا محوريا في ضمان التقدم و الازدهار.
و لتحقيق التنمية الشاملة و المستدامة يجب الاعتماد على مراصد التي تزود بالمعلومات و الأخبار و الملاحظات المفيدة و الحوارات و الأبحاث و المعطيات الإدارية التي تساعد الفاعلين الاقتصاديين.
فالمرصد يعد وسيلة فعالة لفهم اعماق الواقع، و هو كذلك وسيلة لاستنتاج المعلومات الكفيلة بتحقيق التنمية الشاملة و المستدامة و تحقيق العدالة و الحياة الطيبة لكل أفراد المجتمع.