خطاب المسيرة عرض ملكي لبناء علاقات اقتصادية أوروبية إفريقية على أساس رابح رابح.

0

خطاب جلالة الملك محمد السادس نصره الله، جاء في سياق المنظومة القيمية، التي مافتيء جلاته يؤكد على تبنيها في العديد من المناسبات، و المبنية على الجدية والواقعية والبعد الإنساني الحضاري، منظومة تقوم على عرض جديد لتجاوز العلاقات الأوربية الإفريقية الموروثة عن المرحلة الكولونيالية المؤسسة على منطق استغلالي تؤطره اتفاقية يالطا لسنة 1945لتقسيم العمل الدولي القاضية بتكريس دول الشمال كدول مصنعة، ودول الجنوب كدول مستهلكة و منتجة للمواد الأولية، والتي كان من أهم نتائجها الغير معلنة التي بقيت سرية للغاية حتى الآن ، هي تقسيم القارة الإفريقية إلى خمس مناطق ووضع آليات معقدة لمنع أي تكامل اقتصادي بين هذه المناطق، وربط دولها بالاتحاد الأوربي الذي أسس بعد الحرب العالمية الثانية بموجب معاهدة روما 1957، كنتيجة لمشروع مارشال الكبير، وانسجاما مع منطق تقسيم العمل الدولي بين الشمال والجنوب، الخطاب الملكي جاء كمسيرة جديدة وثورة على هذا المنطق الكولونيالي، لأن العرض القوي الذي جاء به هو تجاوز لكل ما قبله، وهو في نفس الآن متعدد الأبعاد لجمعه بين الأبعاد الإقتصادية والاجتماعية والسياسية، في إطار منظومة حضارية وانسانية عادلة على أسس قوية كبديل حضاري للعلاقات الغير متكافئة التي سادت منذ الحرب العالمية الثانية إلى الآن بين إفريقيا و أوربا، ذلك أن مشروع بناء انبوب الغاز الذي سيربط بين القارتين ستستفيد منه 23 دولة إفريقية ودول الاتحاد الأوربي طبقا لمنطق رابح رابح، سيكون في الواقع بديل للعلاقات المجحفة القديمة، و يخلق آفاقا متجددة للتعاون في الفضاء الأطلسي الإفريقي الذي سيصبح فضاء منسجما متجانسا لخدمة إفريقيا وأوروبا، هذا العرض الحضاري الطموح لم يكن ليتحقق دون الطفرة النوعية والديناميةالتي تشهدها الدبلوماسية المغربية، ودون مصداقية المغرب والجدية التي يعمل بها كل فاعليه في مختلف المجالات، والشركات القوية والقاعدية التي باتت تميز علاقات المغرب بعمقه الإفريقي والتي سيساهم فيها المغرب بكل بنياته التحتية الطرقية والمنائية البحرية لتذويب الحواجز التي كانت تحول دون التكامل الإقتصادي الإفريقي وتجثم على صدره بكل ثقلها لتمنع القارة الإفريقية من التوظيف الجيد لثرواتها الطبيعية بشكل مخالف للمنطق الاستعماري، نتمنى من دول الاتحاد الأوربي أن تتلقف بشكل إيجابي العرض الطموح لجلالة الملك الذي سيفتح آفاقا واعدة لتنمية القارة الإفريقية بتعاون وانسجام مع الدول الأوربية مما سيظفي على التعاون الافريقي الأوربي بعدا حضاريا بعيدا عن النظرة الاستعمارية القديمة التي ما زالت تتشبث بها مع الأسف بعض الدول الأوربية التي هي الآن مدعوة أكثر من أي وقت مضى أن تخرج من منطقتها الرمادية ومسايرة ركب التنمية والتعاون الايجابي المتكافيء لإفريقيا وأوروبا. د. حميد المرزوقي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.