فاس التي في خاطري

0

خواطر وهمسات

المدينة الخضراء، برياضها الفيحاء، ومآثرها الشماء، مَهْد العلماء، مُلهمة الشعراء، مُنْجِبَة الزعماء، الباعثة على الفداء، متماسكة الأحياء، بدروبٍ مُتضوِّعةِ الأشداء، ومياهٍ منسابةٍ في صفاء، وجوامعَ تصدح بتلاوة القرآن، ومآذنَ تشرئبُّ نحو السماء، وتقاليدَ ترعَى القيمَ النَّجلاء.
يشدُّني الحنينُ إليكِ كما كنتِ، يُساكِنُ فيك الوُجهاءُ البُسَطاء، وتحشُدين الجموعَ في ساحتك البطحاء، ويتنادى الجميع لبناء الاستقلال، والسيْر على المَحجَّة البيضاء.
تُرى! ماذا صنع بك الحَدَثان؟
انْحَسَرَ مَدُّ الاِخْضرار، وتكاثف بك البُنيان، وتغيَّر لونُ واديكِ عند الجريان، وانفرط عِقْدُ التقاليد في كلِّ آن، واختلط الرصيفُ بالدكان، وساد التغاضي والإهمال، فعلى أية آفاقٍ تنْفتحين يا أُمَّ المدائن، ودُرَّة العِقْيان؟
نَهيمُ بك، ونُقِيمُ على عهدك، ومهما اشْتَطَّ بنا المَزار، فالحنينُ يشدُّنا دَوْماً إلى أحَبِّ الديار.
ولن يهنأ لنا بال، إلا بالِانبعاث، وعودة الألق والبهاء، وتمازُج الاخضرار مع العُمران، وتمايُز الرصيف عن الدكان، وأوْبَةِ الصفاءِ إلى الوِدْيان، ووصلِ الجديد فيك مع العتيق بمُؤنِسِ المسار، فَتَدِبّ الحياة في الأوصال، ويعود الازدهار إلى الاقتصاد، ويسهل التنقل لدى المقيم والسائح والزوار، ويستأنف “صوتُ وضوءُ فاس” إشادتَه بمآثرك، وتذكيرَهُ ب “رابع يناير” يَوْمِك السنوي الذي باشر فيه المولى إدريس الثاني حَفْرَ أُسُسِك، والشروعَ في بنائك.
فعسى الآتي يُرَمِّمُ ما مِنْكِ تداعَى، ومع أمجاد الماضي يتماهَى، وإلى المعالي يشرئبُّ ويتنادَى، فيُحققُ المُرَام، ويُجَسِّدُ شعار “مدينةٍ تًسْتدَام”.
عبد الحي الرايس
17/12/2023

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.