قمة ”افريستي” تحتفي بالذكرى العشرين لأكبر تجمع افريقي بمدينة مراكش للمرة الثانية
حظيت مدينة مراكش بشرف احتضان أشغال الدورة الثامنة لقمة منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية ”أفريسيتي” الذي انعقد يوم 20 نونبر2018 وسيستمر الى غاية 24 منه حول موضوع: ”الانتقال نحو مدن ومجالات ترابية مستدامة : دور الجماعات الترابية الإفريقي بمشاركة أزيد من 3000 منتخب من الدول الإفريقية، وعدد من الفاعلين الحكوميين بالمدينة الحمراء للبحث والتداول في مستقبل القارة الإفريقية ودور الجماعات الترابية في ضمان الاستقرار الاقتصادي والسياسي.
وتحتفي قمة أفريسيتي هذه الدورة بعيد ميلادها العشرين باستضافة المغرب للقمة للمرة الثانية بعد قمة مراكش 2009 التي تنظم كل ثلاث سنوات تجسيدا لتعلق المملكة بحتمية إعطاء دفعة قوية للتعاون جنوب – جنوب وكانت اول مرة اطلقت بأبيدجان في الكوت ديفوار سنة 1998،واستطاعت أن تكتسي أهمية كبرى خلال عشرين سنة وأصبحت بدون منازع أكبر تظاهرة ديمقراطية بالقارة.
وتجري أشغال القمة في منطقة ”باب الجديد ”التاريخية، في قلب المدينة الحمراء، داخل فضاء يمتد على مساحة ثمانية آلاف متر مربع، وتتكون من فضاء خاص بالاجتماعات، يتضمن قاعة كبيرة للاجتماعات العامة، وصالة عرض، و ثلاثين قاعة، ومطعم كبير حيث تتم خدمة جميع الحضور، بالإضافة إلى مراكز إعلامية مجهزة لجميع وسائل الإعلام ”المطبوعة والسمعية البصرية”
ويحظى هذا المؤتمر برعاية الملك محمد السادس، ويعد أكبر تجمع في القارة الإفريقية
وقد ترأسه في هذه الدورة وزير الداخلية المغربي، عبد الوافي لفتيت، الذي قال في كلمته الافتتاحية للمؤتمر، إن “العالم يشهد الْيَوْمَ تحولات سريعة ومعقدة تتطلب تعاونا مشتركًا لمواجهة التحديات العالمية، خاصة تلك المرتبطة بالتنمية المستدامة وإشكالية الهجرة والتحديات المناخية والأمن الغذائي وتمويل الجماعات الترابية”، مضيفا أن “مواجهة إشكالات من هذا الحجم شكلت لدى المغرب دافعا قويا لبلورة حلول عملية بالتعاون مع الدول الإفريقية”
كما دعا وزير الداخلية المغربي عبد الوافي ، إلى ضرورة التعاون بين كافة الأطراف، مشددا على أن الأمن الغذائي، وتمويل الجماعات الترابية، والحكامة الترابية، والتنمية المستدامة، والهجرة لقادة الدول الإفريقية ..على اعتبار أن القارة السمراء تعيش اليوم مجموعة من التحديات التي تستدعي تضافر الجهود وأبرز أن منظومة اللامركزية ودور الجماعات الترابية والحكومات المحلية يعد دافعا أساسيا لإفريقيا من أجل ضمان جودة الحياة لمواطنيها، معتبرا أن المسؤولية اليوم تبقى جسيمة من أجل بلورة حلول لتطوير أداء الجماعات الترابية بإفريقيا، وجودة إدارة الموارد الموضوعة رهن إشارة المسؤولين، والنظر إلى انشغالات الشباب الإفريقي. وأشار الوزير إلى أن المغرب باعتباره جزء لا يتجزأ من إفريقيا متلزم بدعم كل الاستراتيجيات التنموية بإفريقيا من أجل إفريقيا صامدة في وجه كل التحديات الإفريقية، مؤكدا أن غايته هي تماهي جهود التعاون التي تقوم بها الحكومات المحلية بشكل جماعي أو جزئي بما ينسجم مع جهود الحكومات الوطنية. وأَضاف أن إفريقيا بما تمتلكه من موارد طبيعية وخيرات أصبحت اليوم قادرة على تحقيق أهدافها التنموية وتحقيق الرفاه، وذلك بالرغم “من التحديات التي قد تطرح اليوم والتي لم تعد ذات أسباب تاريخية، وإنما مناخية وطبيعية أو اجتماعية وديمغرافية”
ويعتبر هذا الالتئام فرصة لتبادل التجارب والخبرات بين المنتخبين المحليين بعموم دول إفريقيا المتحدة، بهدف تحقيق الأهداف الكبرى لمشروع رؤية 2063 الذي يتكوّن من أربع أهداف.
الهدف الأول من مشروع رؤية 2063، تحقيق الانتقال في مجالات مختلفة:
من بينها التحول البيئي والاقتصادي والاجتماعي والتحول السياسي والديمقراطي والتحول الجيوسياسي والتحول الثقافي والعلمي.
الهدف الثاني فيتمثل في تحقيق مجموعة من الاستراتيجيات المحلية، من قبيل استراتيجيات المخططات والبرمجة المحلية، واستراتيجيات الموارد البشرية واستراتيجيات المالية المحلية واستراتيجيات الإعلام واستراتيجيات المشاركة.
الهدف الثالث في تنفيذ عدد من الإجراءات المحلية المبتكرة، من قبيل الابتكار بصيغة ‘ديل’ وتعزيز الموارد المحلية ومواكبة المستجدات التقنية وتثمين التنوع البيولوجي وتدبير الأراضي الفلاحية، وتطوير الطاقات المتجددة وتأهيل الفلاحة البيئية والنفايات وتقوية السكن الاجتماعي.
والهدف الرابع يهدف إلى تعبئة الفاعلين، من قبيل جمعيات السكان والمنظمات القروية وتنظيم نقابات المأجورين وتنظيم النساء والشباب ودعم المقاولين المحليين، وتحسين الاستفادة من القروض الصغرى وتعبئة المؤسسات المالية والمصالح العمومية وموظفي الادارات المركزية ووسائل الإعلام والفنون الثقافية، وغيرها من أجل بلوغ رؤية 2063.
ويشار أن قمة منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية “أفريسيتي” اكدت على دور الجماعات الترابية الإفريقية التي تهدف الى تحسين ظروف عيش الساكنة الإفريقية، كما تهدف إلى تشجيع التفاعلات والشراكات بين كافة الفاعلين في مجال التنمية في أفق المساهمة في اندماج ووحدة وأمن إفريقيا، انطلاقا من مجالاتها الترابية. وتهدف القمة إلى تكريس المكانة المحورية لإفريقيا المحلية في تحديد وتفعيل سياسات واستراتيجيات التنمية، والاندماج والتعاون بإفريقيا، فضلا عن اقتراح آفاق جديدة من أجل مساهمة أكبر للجماعات الترابية بالقارة، وكذا وضع لبنات سياسات بديلة تمكن من تحقيق الاستدامة البيئية والاندماج الاجتماعي بإفريقيا، إضافة إلى تعبئة الجماعات الترابية وشركائها لإنجاز تنمية شاملة ومستدامة لإفريقيا .
وباختيار موضوع الانتقال نحو مدن ومجالات ترابية مستدامة لقمة أفريسيتي 2018، تعلن الجماعات الترابية الإفريقية انخراطها في مشروع إحداث تغيير عميق في نماذج النمو والتنمية في إطار التفكير المتبع في تنمية القارة
وفي هذا الاطار نوه رئيس جمعية الجهات المغربية، الأخ محند العنصر خلال ندوة صحافية تمت برمجتها ضمن قمة “أفريسيتي 2018” حول موضوع: “المغرب بطل إفريقي وعالمي في مجال التمويل المناخي المحلي” على ضرورة إشراك الجماعات الترابية في مشاريع التمويل التي تم اعتمادها على المستويين المركزي والدولي، لافتا إلى أن المغرب ملتزم بتقديم دعمه إلى البلدان الإفريقية الشقيقة بأن كل الجماعات الترابية المغربية معبأة ومنخرطة في ضمان نجاح تعميم برنامج خبرة للمناخ ، الذي يعتبر مشروعا قادرا على توحيد المبادرات وتقوية المبادرات الوطنية والمحلية في مجال مكافحة المناخية .
وخلال افتتاح هذه القمة اعتبر العنصر أن استضافة المغرب للمرة الثانية لأشغال هذه القمة يجسد تعلق المملكة وإيمانها الراسخ بحتمية إعطاء دفعة قوية للتعاون جنوب – جنوب وتعزيز العلاقات التي تربط المغرب مع أشقائه الأفارقة على جميع المستويات، تحقيقا للتنمية المستدامة المنشودة
واستطرد قائلا إن تحقيق التنمية المستدامة، التي تعد موضوعا محوريا في أشغال هذه القمة، رهين بتفعيل الحكامة الترابية باعتبارها مدخلا لتحقيق التنمية المجالية، مبرزا أن هذه القمة ستشكل فضاء للتبادل والتشاور وتقاسم المعارف لإغناء التجارب، معربا في الوقت ذاته عن الأمل في أن تكون توصيات هذه القمة في مستوى التطلعات المعبر عنها على المستوى الإفريقي .
واعتبر العنصر أنه يمكن للجهات أن تلعب دورا هاما في الدفع بالتنمية المحلية، مبرزا الحاجة إلى فضاء للتواصل وتبادل التجارب بين جهات القارة السمراء، وكذا فتح نقاش حول العديد من القضايا الخاصة بتطويرها. وذكر بالاستراتيجيات الدولية التي انخرطت فيها البلدان الإفريقية والتي تؤكد على المجال الترابي والاهتمام بالبيئة وجلب الاستثمارات
ولأول مرة ومنذ أزيد من 16 سنة جرى على هامش أشغال القمة الثامنة لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية «أفريسيتي»، تم الإعلان عن تأسيس منتدى الجهات الإفريقية، وذلك خلال لقاء عرف مشاركة العديد من رؤساء الجهات والجماعات المحلية الإفريقية، وانتخاب مكتب تنفيذي مؤقت عبد النبي بعوي، رئيس مجلس جهة الشرق
وأكد الرئيس المؤقت، أن تأسيس المنتدى يعد ثمرة اللقاء الأول الذي انعقد في أبريل الماضي بمدينة وجدة، مضيفا أنه يشكل اللبنة الأولى التي على أساسها انعقد هذا الاجتماع. وأشار إلى أنه جرى، أيضا، انتخاب المكتب المؤقت للمنتدى على أساس أن يتم في «أبريل المقبل بمدينة وجدة عقد لقاء موسع يشمل جميع الجهات الإفريقية»، مبرزا، في هذا الصدد، أن جهة الشرق ستحتضن مقر منتدى الجهات الإفريقية. وذكر أنه ستنظم، خلال اللقاء المقبل، انتخابات موسعة لاختيار مكتب تنفيذي ورئيس لمنتدى الجهات الإفريقية
ووفق المتحدث نفسه، يعتبر منتدى الجهات الإفريقية فضاء قادرا على جمع رؤساء الجهات من أجل خدمة الساكنة، معتبرا أن إحداث المنتدى «أصبح واجبا» لأنه فضاء للتبادل وتقاسم التجارب بغية تحقيق التطور الاقتصادي والاجتماعي بإفريقيا ووسيلة لإسماع صوت الجهات
ودعا قادة الجماعات الترابية الإفريقية جميع الفاعلين المهتمين إلى التفكير خلال الورشات المبرمجة في إطار هذا الموعد الإفريقي الهام الى ملامسة مسألة الانتقال الديمقراطي والسياسي في القارة، وذلك في ظل البحث عن حلول لأزمة ديمقراطية القرب. ومناقشة موضوع الانتقال الاقتصادي والاجتماعي، في أفق دعم تنمية اقتصادية محدثة لمناصب الشغل اللائقة، ومكافحة الفوارق والاختلالات التي تعاني منها إفريقيا، فضلا عن انعكاسات الانتقال الثقافي والتواصلي، بما في ذلك تبني مرجعيات ثقافية وعلمية وفلسفية جديدة، اعتمادا على التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال. وتحديد ميزات وخصوصيات مختلف أشكال الانتقال هاته، بما يتماشى مع سياق وخصوصيات إفريقيا، فضلا عن تحديد دور الجماعات الترابية في تفعيلها الى البحث عن الاستراتيجيات التي يجب اعتمادها، والمسارات التي ينبغي سلكها للدخول من الآن في مسلسل الانتقال نحو مدن ومجالات ترابية مستدامة في إفريقيا
وقصد إثارة الوعي أيضا حول المسؤوليات الجديدة المناطة بهم واستكشاف الطرق والسبل الكفيلة بالوفاء كليا بتلك المسؤوليات، وهي فرصة لإلقاء الضوء على انتظارات وطلبات الاستثمارات والولوج إلى الخدمات الأساسية بالمدن والمجالات الترابية الإفريقية أمام عروض المنتوجات والخدمات التي تقترحها المقاولات وباقي الفاعلين، كما تعد هذه المناسبة فرصة لمناقشة عقود تتعلق بالأعمال والأسواق والشراكات .
فاطمة سهلي