فاطمة سهلي طنجة
يحتفل الشعب المغربي قاطبة، يوم الأربعاء 06 نونبر، في أجواء من الحماس الفياض، والتعبئة المستمرة، واليقظة الموصولة حول قضية الوحدة الترابية، بالذكرى الـ49 للمسيرة الخضراء المظفرة؛ الملحمة الساطعة في مسار الكفاح الوطني من أجل استكمال الاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية للمملكة.
ويجسد هذا الحدث النوعي، الذي أبدعته عبقرية جلالة المغفور له الحسن الثاني لتحرير الأقاليم الجنوبية من الاستعمار الإسباني، أروع صور التلاحم بين العرش العلوي والشعب المغربي. ففي السادس من نونبر سنة 1975، انطلقت جماهير المتطوعين من كل فئات وشرائح الشعب المغربي، ومن سائر ربوع الوطن، بنظام وانتظام صوب الأقاليم الصحراوية لتحريرها، بقوة الإيمان وبأسلوب حضاري وسلمي فريد من نوعه.
ففي يوم السادس عشرمن اكتوبر الف وتسعمائة وخمسة وسبعين وجه جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني خطابا الى الشعب المغربي قائلا
أعلن
شعبي العزيز
”لم يبق الا شيئ واحد علينا ان نقوم بمسيرة خضراء من شمال المغرب الى جنوبه ومن شرقه الى غربه علينا ان نقوم كرجل واحد وبنظام واحد وانتظام لنلتحق بالصحراء وسيشارك 350الف من السكان ولمدة اثنى عشر يوما ستكون عشر قطارات توصل الناس يوميا من الشمال والمغرب والشرق الى مراكش ومن هناك سياخذون الشاحنات والسيارات الى اكادير ثم الى طرفاية”
اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر
هكذااستجاب المغاربة لنداء ملكهم متلاحمين في اروع الياذة وملحمة سلمية عرفها التاريخ
ففي السادس من نونبرلعام 1975 وعلى الساعة العاشرة صباحا تحركت المسيرة نحو الحدود المصطنعة قاصدة ارض الصحراء والمغاربة مسلحين بالقران والاعلام المغربية والتكبير والتهليل وسط دهشة تعم العالم حيث انطلقت جماهير المتطوعين من كل فئات وشرائح المجتمع شارك فيها 350,000 من المواطنين والمواطنات اثبت المغاربة انهم شعب واحد رغم اطماع المستعمرالذي فرقه ولكنه استعاد وحدته بارادة لا تلين وكان العالم على موعد مع أروع قصة حب ونجاح بين قائد لبى فيه الشعب نداء ملك البلاد بروح متشبعة بقيم الولاء والوفاء والإخلاص والتضحية الراسخة في الوجدان الجماعي المغربي متوحدين بنظام وانتظام في اتجاه واحد صوب الأقاليم الصحراوية متسلحين بقوة الإيمان وبأسلوب حضاري سلمي فريد من نوعه انضم اليه الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي وعدد من السفراء العرب مثل السعودية والاردن وقطر عمان
وأمام العزيمة الراسخة للحشود الغفيرة المسلحة بالمصحف الشريف والعلم الوطني، لم تجد سلطات الاحتلال من سبيل سوى الرضوخ لإرادة الملك والشعب في استكمال وحدة الوطن، وإعلان انتهاء احتلال الأقاليم الجنوبية، ليصبح بذلك هذا الحدث ملحمة تاريخية شدت أنظار العالم وخلفت أصداء على نطاق واسع، بما عكسته من عزم وإرادة وإيمان المغاربة وتعبئتهم التامة والشاملة من أجل استرجاع الأراضي المستلبة.
وما كان لهذه الملحمة، التي جسدت عبقرية الملك الموحد، الذي استطاع بأسلوب حضاري وسلمي فريد نابع من قوة الإيمان بالحق وبعدالة القضية الوطنية من أجل استرجاع الأقاليم الجنوبية، إلا أن تتكلل بنصر المغاربة الذين رفعوا راية الوطن خفاقة في سماء العيون بتاريخ 28 فبراير 1976، إيذانا بانتهاء فترة الاحتلال والوجود الأجنبي في ربوع الصحراء المغربية، ليليها استرجاع إقليم وادي الذهب في 14 غشت 1979.
ويشكل تخليد هذه المحطة التاريخية الكبرى، الحبلى بالدروس والعبر، والطافحة بالمعاني والقيم، مناسبة لاستحضار الأمجاد واستنهاض الهمم من أجل إعلاء صروح المغرب الحديث، تحت القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
واليوم، تتواصل هذه الملحمة لإحباط مناورات خصوم الوحدة الترابية للمملكة، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، إذ يقف المغرب، ثابتا في الدفاع عن حقوقه المشروعة، م عز زا بفضل إجماع كافة قواه الحية، استماتته في صيانة وحدته الترابية، ومؤكدا للعالم أجمع إرادته القوية وتجنده الموصول دفاعا عن مغربية صحرائه، وتمسكه بمبادرته الجادة لإنهاء النزاع الإقليمي المفتعل الذي طال أمده جراء تعنت وعناد خصوم الوحدة الترابية والمناوئين لحقوق المغرب على أراضيه المسترجعة
والأكيد أن ذكرى المسيرة بسلمية ابعادها وحيثياتها تدعو وتستحث القوى الحية وسائر الأطياف السياسية والنقابية والحقوقية والشبابية والنسائية إلى تقوية الجبهة الداخلية الوطنية، وتعزيز التوجهات والاختيارات التنموية التي تستجيب لانتظارات وتطلعات سائر فئات وشرائح المجتمع المغربي الداعية إلى تحقيق أسباب رغد العيش والتقدم الاقتصادي والرفاه الاجتماعي في وطن ينعم فيه أبناؤه بالعزة والكرامة والرخاء والاستقرار.وفي هذا الاطار وفي ظل التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس كان من ثمار هذه الدينامية التنموية جعل الأقاليم الجنوبية للمملكة ورشا مفتوحا لمجموعة من الإنجازات النهضوية وسجلت هذه الربوع أدنى معدلات الفقر على المستوى الوطني وأدنى مستوى من التفاوتات الاجتماعية، وأفضل النتائج في مجال الإنجازات الاجتماعية والخدمات الصحية والسكن، وأعلى نسب نمو الناتج الداخلي الخام وأفضل أداء لسوق الشغل، ما عزز جاذبيتها الاقتصادية حيث أضحت هذه الأقاليم تشكل نموذجا للتنمية المستدامة والشاملة في كافة المجالات، شهدت الأقاليم الجنوبية نهضة حقيقية في نطاق جهوية متقدمة تأخذ بالاعتبار الخصوصيات السوسيو – ثقافية المحلية على إطلاق نموذج تنموي لتأهيل المنطقة وتحويلها إلى قطب منفتح على العمق الإفريقي للمغرب