قصة طريفة بعنوان: فوضى الانفصال والارتزاق
بقلم: محمد أمقران حمداوي
في صباح بوم خريفي اجتمع ستة برلمانيين مغاربة في قاعة فاخرة بمجلس النواب بالعاصمة الرباط يناقشون موضوعا هاما يشغل بال المغاربة: ملف الصحراء المغربية على إثر الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لكن النقاش سريعا ما تحول إلى مأدبة من التعليقات الساخرة من موقف الانفصاليين وحليفهم الكبير الجزائر الشقيقة من الصحراء المغربية.
بدأ البرلماني الأول، المشهور بين زملائه بروح الدعابة، حديثه بصوت يغلب عليه الانفعال قائلاً:
“أوه، يا له من يوم شاق على الانفصاليين! ماكرون قام بزيارة كاسحة للمغرب، ووسائل الإعلام العالمية شغلتهم بتحليلات ونظريات حتى أذهلتهم.” ثم أضاف بابتسامة ساخرة:
“يا لسوء حظهم، فقد انكشف كل شيء! يا ليتهم يسكتون عن الكلام غير المباح، فقد أسقط عنهم القناع، وظهرت أكاذيبهم حتى لأكثر المتعاطفين معهم في الجزائر.”
ردّ عليه البرلماني الثاني، وهو يكاد يغص من الانفعال:
“أنت تعلم، هذه الزيارة لم تكن عابرة، بل هي انتصار ساحق ضد أبواق الانفصاليين والمرتزقة ، دعاة التقسيم ومعرقلي حق الشعوب في تقرير مصيرها الذي نص عليه ميثاق الأطلسي سنة 1941 . تصور أن روسيا والموزمبيق صوتا بالامتناع في مجلس الأمن! صاروا الآن يتراجعون وكأنهم قافلة تائهة في صحراء.”
أما البرلماني الثالث، فابتسم ابتسامة انتشاء وعلّق قائلاً:
“أعداء الوحدة الترابية تلقوا درساً تاريخياً في ثلاثة أيام فقط! الوفد الفرنسي رفيع المستوى يرافق ماكرون ب 112 شخصية من كل القطاعات. يا لسوء حظ هؤلاء ! إن الخطاب الذي ألقاه ماكرون في البرلمان المغربي أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الصحراء مغربية ودفع مجلس الأمن إلى إسقاط كل ما يمت بصلة إلى مطالب الاستفتاء والتقسيم وتقرير المصير. تبا لأعداء الوحدة الترابية ! إنهم الآن أشبه بذلك الحمار الذي ذهب يطلب قرنين فعاد مصلوم الأذنين!”
البرلماني الرابع لم يستطع إخفاء فرحته، فتدخل قائلاً:
“أصدقاء المغرب في مجلس الأمن، وعلى رأسهم أمريكا وفرنسا وبريطانيا، بصماتهم واضحة في القرار 2756 الذي يؤكد على مغربية الصحراء ويرسل أحلام الانفصاليين إلى غياهب النسيان. أما الجزائر، فأصبحت هي الأخرى معزولة وكأنها سفينة في بحر هائج بلا بوصلة!”
لم يكن للبرلماني الخامس إلا أن يضيف بشيء من البهجة المختلطة بالسخرية:
“تصوّروا، قادة البوليساريو اعتقدوا أن الجزائر، باعتبارها عضوا غير دائم في مجلس الأمن، ستحمل لواء الدفاع عنهم. لكن الحقيقة شيء آخر. الجزائر بالكاد تستطيع الدفاع عن نفسها! الحكاية أشبه بما تكون بغريق يستنجد بغريق آخر.”
البرلماني السادس جلس بصمت، يستمع إلى زملائه حتى ضاق صدره وقال بحدة:
” سيدرك الانفصاليون بعد زيارة ماكرون أنهم بالنسبة للجزائر مجرد ديكور باهت أو قلْ رديء في مسرحية أشرفت عليها الجزائر على مدى حوالي خمسين سنة. يا لسوء حظ الانفصاليين! بدأوا يتساقطون واحدا تلو الآخر مثلما تتساقط أوراق الخريف. هم اليوم يخلفون موعدا آخر مع التاريخ ويضيعون فرصة التنمية على مؤسسة المغرب العربي، وستذكرهم الأجيال بقول مغربي قديم: ‘إذا لم تحضر في وقت السفر فلن تقبل منك شكاية’!”
وفي الأخير انتهت الجلسة بقناعة مشتركة: لقد انتهت أطروحة الانفصاليين. وما زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون إلا بداية لانتصارات لاحقة، خرجوا من القاعة تاركين خلفهم عاصفة من الضحكات الساخرة ودخان القهوة الذي يعج بالأمل في زوال “الجمهورية الوهمية”.