شاركت السيدة نزهة الوفي كاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة في أشغال الورشة التشاورية حول إنشاء المعهد العالي للمهن في مجال التنمية المستدامة . وبالمناسبة ألقت عرضا قيما يندرج فيما يلي :
يسر كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة أن تتقدم لكم بجزيل الشكر على دعوتها للمشاركة في أشغال هذه الورشة التشاورية حول انشاء المعهد العالي للمهن في مجال التنمية المستدامة.
وتأتي مشاركتنا في هذا اللقاء ودعمنا لإنجاحه، إيمانا منا بأهمية الاستثمار في المهن الخضراء ودعم النمو الأخضر كحل من بين الحلول الناجعة لتحقيق التنمية المستدامة وتوفير عدد كبير من فرص الشغل لفائدة الأجيال المقبلة.
كما أود أن انوه في هذه المناسبة بالانخراط الجاد للجماعات الترابية والسلطات المحلية بإقليم خنيفرة في هذا المشروع الهام الذي سيساهم في خلق فرص شغل في المهن البيئية وتنمية اقتصاد أخضر محلي.
حضرا ت السيدات والسادة،
أود بداية التذكير بالتزام المملكة المغربية برفع تحديات القرن الواحد والعشرين من خلال اعتماد التنمية المستدامة كمشروع مجتمعي دامج وكنموذج تنموي جديد قائم على مراجعة السياسات الاقتصادية والتكوينية، قادر على خلق فرص شغل لائقة، بفضل التوجهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وقد تم تفعيل هذا الالتزام بالمبادئ الأساسية للتنمية المستدامة من خلال سلسلة من الإصلاحات المتتالية بهدف بناء التنمية الاقتصادية على أسس صلبة وتحسين الظروف الاجتماعية، وتسريع وتيرة الإنجازات البيئية عبر اعتماد الإجراءات الوقائية والعلاجية.
ويمتلك المغرب من المقومات ما يكفل له ضمان خلق فرص شغل خصوصا الخضراء منها، من خلال إرسائه وتفعليه لعدد من الاستراتيجيات والبرامج المهيكلة ذات الأبعاد البيئية الرامية إلى تقديم حلول مستدامة للتحديات البيئية الحالية والمستقبلية، كالاستثمار في الطاقات المتجددة والتدبير المستدام للنفايات الصلبة والسائلة، والسياحة الإيكولوجية الخ…. والتي ستمكن بلادنا من تحقيق قفزة نوعية نحو الاقتصاد الأخضر، الذي يركز على التنمية المستدامة والمنصفة والكفيلة بخلق مقاولات ذاتية مدرة للدخل، وقادرة على فتح فرص جديدة للشغل.
وتجدر الإشارة أن كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة تقوم بدعم تطوير المهن الخضراء عبر برنامج تشجيع مشاريع الابتكار في التكنولوجيات النظيفة “Cleantech Maroc “، وذلك بدعم من صندوق البيئة العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية.
ويهدف هذا البرنامج الذي يخص المقاولين الذاتيين، والمقاولات الوطنية الناشئة، والمقاولات الصغرى والمتوسطة، إلى تشجيع الابتكار في التكنولوجيات النظيفة وخلق فرص شغل خضراء في ثتمين النفايات، وترشيد استعمال الماء، والطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية، والبنايات الخضراء.
وقد تم تنظيم 3مبارايات منذ 2016، مكنت من انتقاء 18 من حاملي المشاريع الاكثر ابتكارا للاستفادة من الدعم المالي بمبلغ إجمالي يناهز 2,85 مليون درهم. كما مكن البرنامج من منح الدعم التقني لفائدة 90 من المقاولين الشباب عبر مشاركاتهم في سلسلة من الورشات التكوينية لتطوير مقاولاتهم.
سيداتي سادتي،
كما تعلمون، إن الجماعات الترابية أصبحت فاعلا رئيسيا وفقا لمقتضيات الدستور الجديد، والتي تؤكد على ضرورة مساهمتها بصورة فعالة في تحقيق التنمية المستدامة ببلادنا، وذلك من خلال تعزيز الديمقراطية التشاركية وتطوير الإمكانات والموارد الخاصة بكل جماعة ترابية.
كما ان القانون الإطار بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة الذي يعد الإطار المرجعي لجميع السياسات العمومية، أكد على دور الجماعات الترابية في تحقيق تنمية مجالية مستدامة وعلى التزامها بضرورة إنجاز برامج ومشاريع مندمجة تساهم في تحسين إطار عيش المواطنين وتثمين المقومات البيئية، وكذا اعداد برامج لنشر الوعي البيئي الجماعي وتعبئة كل مكونات المجتمع للانخراط في الدينامية البيئية.
إن النهوض بالاقتصاد الأخضر رهين بتعبئة كل الفاعلين وطنيا جهويا ومحليا لتوفير كفاءات بشرية مؤهلة للاستثمار في المهن الخضراء والتعريف بالفرص الكبرى الذي يمنحها الاستثمار في التنمية المستدامة.
وإن كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة ستعمل جاهدة لاستثمار كل الإمكانيات المتاحة للمساهمة في تنزيل مشروعكم الطموح الذي من شأنه تنمية المهن البيئية والمساهمة في تطوير الاقتصاد الاخضر المحلي.
لا يسعني في الختام، إلا أن أجدد تشكراتي لجميع الفعاليات المشاركة في هذا اللقاء، وأن أوجه خالص متمنياتي لأشغالكم بالتوفيق والنجاح، حتى نحقق ما نصبو إليه من تعزيز مكانة بلادنا بين الدول الراعية لمبادئ التنمية المستدامة.
بعض إنجازات كتابة الدولة في مجال المهن الخضراء وخلق فرص الشغل
- أرضية استراتيجية وطنية لدعم القدرات في مجال المهن البيئية
في إطار دعم القدرات للشركاء المهتمين بقضايا البيئة، واعتبارا للدور الجوهري للتكوين في بلورة السياسة التنموية والاقتصادية والاجتماعية للمملكة، قامت الوزارة بدعم من التعاون الألماني بإعداد أرضية لإستراتيجية وطنية لدعم القدرات في مجال المهن البيئية سنة 2012
وبهدف اعطاء توجهات وطنية لوضع نظام خاص بالتكوين على المهن البيئية في إطار مقاربة تشاركية مع كل الفاعلين المعنيين.
ولقد أظهر التشخيص الأولي بعض نقط القوى والتي تمثلت في التوزيع الجغرافي الجيد للمؤسسات الأكاديمية ومؤسسات التكوين، وتوفر مبادرات للتكوين البيئي والتنمية المستدامة، والخطة الاستعجالية 2009- 2012 لتعزيز التكوين التقني والمهني آن ذاك، والاستراتيجية الجديدة لوزارة التشغيل والتكوين المهني في طور الانجاز. ومن جهة أخرى، تلخصت نقاط الضعف غياب سياسة تشاورية ومنسجمة في مجال التدريب على المهن البيئية، وعدم استجابة التكوين البيئي مع احتياجات السوق، وعدم توفر منصات تعليمية تقنية وتربوية للتكوين التطبيقي في مجال البيئة (قلة الموارد المالية)، وقلة التنسيق والتعاون بين مؤسسات التعليم والتكوين فيما بينهم وبينهم وبين المشغلين (سوق الشغل).
وبعد ذلك، مكنت هذه الأرضية الاستراتيجية من تحديد أولي للمهن البيئية الحالية أو المستقبلية بناء على وتيرة إنجاز البرامج البيئية ووفق خلاصات الاستراتيجيات القطاعية في هذا المجال. كما مكنت من تحديد المؤسسات المكلفة بالتكوين ببلادنا سواء في الجامعات، أو المعاهد العليا العمومية والخاصة، أو التكوين المهني، وإبراز نقاط قوتها وضعفها، ثم أخيرا اقتراح منظومة للتكوين في المجال البيئي، تقوم على ثلاثة محاور: المهن البيئية الجديدة مثل الطاقات المتجددة، المهن البيئية التقليدية مثل التطهير السائل وتلوث الهواء والتربة، وفرز وتثمين النفايات، وتطور سلاسل الفرز، والتثمين وإعادة الاستعمال، و الحفاظ على التنوع البيولوجي، والمهن البيئية الأفقية مثل المراقبة والتفتيش والتواصل والتربية البيئية.
وقد تم في إطار تنفيذ هذه الأرضية الاستراتيجية إنشاء أربعة لجن قطاعية تتكون من ممثلي كل القطاعات المعنية منها ثلاثة لجن قطاعية (تدبير النفايات، التطهير السائل، الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية) ولجنة أفقية تخص التربية البيئية، والمراقبة، الخ.
- تجارب ناجحة لكتابة الدولة في مجال المهن الخضراء وخلف فرص الشغل
مشروع تشجيع الشباب على التشغيل في المهن البيئية « Yes Green »
في إطار تنفيذ مكونات مشروع يتعلق بتشجيع الشباب على التشغيل في المهن البيئية “YES GREEN” المنجز في إطار شراكة بين الوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وبتمويل من الحكومة اليابانية، والذي هم جهة طنجة تطوان والجهة الشرقية كمناطق نموذجية، وقد مكن المشروع من تكوين 200 شاب وشابة في مجالات مختلفة مرتبطة بالبيئة كالتطهير السائل، وتدبير النفايات الصلبة، والطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية، والسياحة الإيكولوجية، وذلك في إطار اتفاقيات شراكة مع بعض مؤسسات التكوين العمومية كالمكتب الوطني للماء والكهرباء والمعهد الدولي للسياحة بطنجة، الخ.
كما مكن المشروع تمويل خمسة مشاريع خضراء «Start up» منها ثلاثة مشاريع بالجهة الشرقية ومشروعين بجهة طنجة تطوان، بقيمة مالية إجمالية تقدر بحوالي 2 مليون درهم، حيث ساهم المشروع بنسبة 90 بالمائة من تكلفة كل مشروع، اضافة الى خلق حوالي 20 منصب شغل في إطار إحداث المقاولات الخضراء الخمسة.
ومن جهة أخرى، تم إعداد دليل لتوجيه الشباب لخلق المقاولات في المجال البيئي.
برنامج الابتكار في التكنولوجيات النظيفة بالمغرب«Cleantech Maroc »
يهدف برنامج الابتكار في التكنولوجيات النظيفة بالمغرب «Cleantech Maroc» والذي تسهر عليه كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة وبدعم من طرف الصندوق العالمي للبيئة وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، إلى تحفيز خلق المقاولات في مجال البيئة كرافعة للتنمية وتوفير إمكانيات مهمة في مجال خلق فرص الشغل.
ومند انطلاقه سنة 2016، يتم سنويا تنظيم مسابقات لتحفيز الشباب ودعم ماليا وتقنيا لخلق مقاولات خضراء في مجال الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية، فرز وتثمين النفايات، الاستعمال المعقلن للماء، والبنايات الخضراء.
ولقد مكن المشروع اليوم من خلق 18 مقاولة وتكوين ما يفوق 90 مقاولا.