وعيا منها بمسؤولياتها المجتمعية تنخرط المدرسة العليا للتكنولوجيا التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله في خدمة المحيط. وتعمل على تحقيق غايات علمية و اكاديمية منسجمة مع مشروع التنمية التعاقدي للسنوات الأربع المقبلة، الذي قدمه السيد رئيس الجامعة، واعتمده مجلس الجامعة في اجتماعه يوم 27 يوليو 2018. ويروم هذا المشروع تحقيق الأهداف المسطرة في مجالات عدة منها التكوين والبحث العلمي والابتكار والانفتاح على المحيط الاجتماعي والاقتصادي الجهوي والوطني.
وقد وضعت الجامعة مخططا دقيقا للعمل، يشمل الموضوعات الرئيسية التي تهم الجهة والشركاء. وفي هذا السياق ، تم مؤخراً توقيع اتفاقية تعاون بين وزارة السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي وجامعة سيدي محمد بن عبد الله – فاس، و هي اتفاقية تفتح الآفاق للمدرسة العليا للتكنولوجيا وباقي مؤسسات الجامعة، من أجل وضع خبرات أساتذتها وبنياتها و مختبراتها رهن إشارة الحرفيين في مجال الصناعة التقليدية وخاصة في قطاع الدباغة والصناعة الجلدية ، ودعم ديناميات القطاع بتقوية مهارات الصناع من أجل الجودة في الانتاج والتسويق لتصبح الصناعة التقليدية قادرة على المنافسة ، وبالتالي مواكبة إقلاع لقطاع و تنميته، ليواصل مساهمته في خلق فرص العمل وخلق الثروة. ويتم ذلك بالضرورة عبر تعزيز مهارات الحرفيين وتنميتها من خلال تكوينهم وفتح فرص إعادة تأهيلهم بالتكوين التكوين الاساسي و التكوين المستمر، المناسب لاحتياجاتهم و مستجدات السوق ومتطلبات جودة المنتوج.
وقد راكمت جامعة سيدي محمد بن عبد الله تجربة كبيرة في هذه المجالات سواء في البحث التنموي أو التكوين الدامج في مجال الحرف، كما هو الشأن بالنسبة لمسلك الإجازة المهنية في الدباغة والصناعة الجلدية، المعتمد بالمدرسة العليا للتكنولوجيا منذ سنة 2015، وتخرجت منه كفاءات عليا تشتغل في القطاع أو تواصل دراساتها في سلك الماستر أو تكوين المهندسين.
وقد تمكن الفريق العلمي للمدرسة العليا للتكنولوجيا بفاس من ربط علاقات تعاون وثيقة في هذا المجال مع فرق المدرسة الاسبانية للمهندسين بمدينة إكوالادا التابعة لجامعة برشلونة. و ولهما علاقات لتبادل الاساتذة و الطلبة وإنجاز برامج علمية وتربوية بالغة الاهمية بالنسبة للطرفين و ذات وقع اقتصادي واجتماعي على محيطهما السوسيو اقتصادي.
وتجذر الاشارة إلى أن التعاون في هذا المجال يتم مع عدة فرقاء من بينهم على الخصوص المديرية الجهوية للصناعة التقليدية لجهة فاس مكناس وغرفة الصناعة والتجارة و الخدمات لجهة فاس مكناس و الفيدرالية المغربية للصناعات الجلدية والمركز المغربي لتقنيات الجلد وعدد من الشركاء المهتمين.
وتأتي اتفاقية التعاون الموقعة بين وزارة السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي وجامعة سيدي محمد بن عبد الله – فاس، لترسيخ هذا التعاون الدولي لفائدة القطاع وفتح فرص إضافية تسخر لفائدة الحرفيين على الصعيد الوطني، لصقل مهاراتهم و تكييفها لمواجهة كل التحديات.
وتنص الاتفاقية على خلق فضاء للتعاون بين الجامعة و الوزارة وباقي الفاعلين المعنيين، من أجل تكوين ما لا يقل عن 110 صانعا تقليديا في أفق 2020، وفق برنامج علمي متكامل يغطي غلافا زمنيا يتعدى المائة ساعة من التكوين التطبيقي والتكوين النظري الذي يركز أساسا على دراسة منهجية الدباغة باستعمال المواد البيولوجية الطبيعية. وسيفتح التكوين في وجه كافة الصناع التقليديين المهتمين في كل ربوع الوطن.
وتأتي أهمية هذا التعاون في ظل الوعي الجماعي بأهمية البحث العلمي التطبيقي وتكوين الكفاءات في ظل سعي السلطات الوصية إلى ترسيم الشارة الوطنية لجودة المنتوج، من أجل دعم الابداع و الجودة وحماية الصناع التقليديين من الغش و المنافسة الغير الشريفة وتكوين حرفيين متخصصين بمهارات تمكنهم من رفع كل التحديات. وقد شرعت الجامعة في بلورة هذه التوجهات وتشخيص الحاجيات عبر تنظيم ورشات عمل بمشاركة المديرية الجهوية للصناعة التقليدية وخبراء أكاديميون وصناع تقليديون وممثلوا المصالح الادارية المهتمة.
وكان هذا التشخيص تشاركيا مكن من تحديد حاجيات الصناع التقليديين من حيث التكوين و بلورة جدولة زمنية للإنجاز تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الفئات المعنية.