هناك طعام لكل إنسان على وجه الأرض. لكن ليس كل إنسان يأكل
أرقام صادمة تصدر بين الحين والآخر عن هدر الطعام حول العالم اذ ليس مستغربا أن تجد سلوكيات الهدر في المجتمعات التي يفترض أنها بلغت درجة مرتفعة من النضج والرشد، ولكن الغريب أن هدر الطعام يتم حتى في البلدان الفقيرة التي تحتاج إليه حقا، لأسباب لا تتعلق بالترف والوفرة، بل فيما يرتبط بفشلها في عمليات التخزين المناسبة للأطعمة.
وبهذا الخصوص أقدمت بعض البلدان المتقدمة على خطوات عملية في مجال مكافحة الهدر، لكن تبقى هذه الخطوات غير متناسبة لا مع معدلات الهدر، ولا على المستوى المتطور للبلد نفسه. وربما يحتاج الأمر إلى سنوات أخرى، ليس لإنشاء ثقافة عدم الهدر، بل لتكريسها، لأن هذه الثقافة موجودة حقا في كثير من البلدان، لكنها ليست مفعلة بما يكفي، أو بما يتناسب مع مستويات الهدر التي تجري فيها. ولأن الأزمة خطيرة، لأسباب عديدة، في مقدمتها بالطبع، وجود مناطق في هذا العالم يعاني سكانها الجوع، أو في أفضل الأحوال نقص المواد الغذائية الأساسية.
تعتقد مجموعة العشرين، التي اتخذت زمام المبادرة الاقتصادية العالمية، أن هدر الطعام على المستوى العالمي، يمثل مشكلة اقتصادية ضخمة. وتقدر مستويات الهدر بأكثر من 30 في المائة من إجمالي الإنتاج العالمي وأيا كان مستوى تعودنا على أرقام الهدر، فالنسبة صادمة جدا .
تؤكد مجموعة العشرين ما توصلت إليه منظمة الأغذية والزراعة ”فاو” التابعة للأمم المتحدة، بما في ذلك إهدار 1.3 مليار طن من الطعام سنويا. وتجمع المؤسسات العالمية المختصة، على أن هذه الكميات من الطعام المهدر تكفي بالفعل وليس بالقول لإطعام الجوعى الذين تبلغ أعدادهم حول العالم أكثر من 800 مليون إنسان. وفي كل الأحوال، فإن كل طرف في هذا العالم، سيحقق فوائد جمة من خلال سياسة أكثر رشدا في مسألة هدر الطعام. فحتى المساعدات الغذائية التي توفرها الدول الغنية للبلدان الفقيرة، ستنخفض إذا ما تم إيصال الطعام إلى المناطق التي تحتاج إليه، واستغلاله إلى أقصى درجة ممكنة. إلى جانب الفوائد التي ستعود على البيئة ككل.
الحكومة الفرنسية أقدمت أخيرا على خطوة لافتة، ويمكن أن تشكل دافعا لبقية الحكومات في البلدان الغربية لاعتمادها، وهي ترتبط بهدر الطعام من جانب محال السوبر ماركت الكبرى والمتوسطة. والحق أن فرنسا من أكثر البلدان الأوروبية تقدما في مسائل تحاكي المستقبل من خلال البيئة والطعام. لقد حظرت الحكومة على المحال المشار إليها، التخلص من المواد الغذائية غير المباعة، وبدلا من ذلك، التبرع بها للجمعيات الخيرية أو المزارع. والقانون الجديد، يمكن تلخيصه بـ”حظر إفساد الطعام عمدا، بحيث لا يمكن تناوله”. والقانون يتعلق أيضا بالبيئة، إذ يفرض على الجهات المعنية، أن تتبرع بالمواد الغذائية منتهية الصلاحية للمزارع كعلف للحيوان أو سماد للأرض. كل مخالفة تضبط، سيدفع المخالف 75 ألف يورو.
عربياً، تشير البيانات والإحصاءات الصادرة عن منظمة “فاو” إلى أن أكثر الفترات التي يهدر فيها العرب الطعام تكون خلال موسم شهر رمضان المبارك، واحتلت السعودية المرتبة الأولى عالمياً في الهدر الغذائي، إذ بلغت قيمة هدر الطعام بـ 13.3 بليون دولار سنوياً، وهو أكثر من الناتج المحلي الاجمالي لكلّ من الصومال وجيبوتي وموريتانيا.
وأكدت تقارير حديثة أن ظاهرة إهدار وإتلاف الطعام، تسود في الكثير من الدول العربية والنامية والمتقدمة على حد سواء، في وقت لا يزال مواطنو بعضها، ومن كل الأعمار، يعانون الجوع والفقر والفاقة .
وأكدت منظمة الأغذية والزراعة “فاو” التابعة للأمم المتحدة أن 30 في المئة من الإنتاج العالمي من الأطعمة أي نحو 1.3 مليار طن يهدر سنويا قبل أن يصل إلى مائدة المستهلك، مشيرة إلى أن هذه الكمية من الطعام تكفي لإطعام الجوعى في كافة إنحاء العالم. وعزت الفاو إهدار الأطعمة في الدول النامية والدول الغنية إلى أخطاء في التخزين والنقل، إضافة إلى بعض العادات والتقاليد وحتى الطقوس المرتبطة باستعمال الأطعمة واستهلاكها.
حل المغرب في المركز 44 عالميا، من بين 119دولة، في مؤشر الجوع العالمي لسنة 2018، وذلك بحصوله على نسبة إجمالية متوسطة بلغت 10.4% ضمن المعايير المعتمدة من قبل هذا المؤشر لقياس مستوى الجوع. ولم يسجل المؤشر أي تغيير هذا العام في وضعية المغرب الذي احتل نفس الترتيب في تقرير العام الماضي.
ويعرف الجوع وفقا لمنظمة الصحة والزراعة العالمية التابعة للأمم المتحدةعلى أنه الحرمان من الطعام وسوء التغذية، الذي يجعل الفرد لا يستطيع الحصول على 1800 سعرة حرارية، كحد يومي أدنى لحياة صحية ومنتجة. ويعتمد مؤشر الجوع العالمي على أربعة معايير لقياس مستوى الوع للدولة محل الدراسة، تتمثل بشكل أساسي في حساب النسبة المئوية للسكان الذين يعانون من نقص التغذية، والنسبة المئوية لانتشار الهزال وقصر القامة ومعدلات الوفيات في صفوف الأطفال دون سن الخامسة .
بضرورة الوقوف بحزم أمام مظاهر الإنفاق والاستهلاك التفاخري القاتل والمدمر للاقتصاد الوطني، وهذا يتطلب تضافر الجهود الرسمية وغير الرسمية لرفع الوعي بشأن السلوكيات اللائقة التي تليق بحضارتنا وتستهجن الإسراف والمباهاة المذمومة التي تؤثر بشكل كبير على بنية وتلاحم المجتمع وأن يبدأ ذلك من المراحل الدراسية الأولي، مشدده علي ضروره وضع خطط واستراتيجيات لزيادة الوعي الاقتصادي، حيث يتضح للمواطن الآثار السلبية للاستهلاك الترفي ومضاره بينما يتم شرح مزايا استثمار الثروات، بما يعود بالنفع على الفرد والمجتمع من خلال الإدخار.
هل بالإمكان تحقيق خطوات عملية في هذا الخصوص؟ بالتأكيد، لأن كل الأدوات متوافرة، والمفاهيم الإنسانية حاضرة. والأمر لا يحتاج إلا إلى البدء بالتنفيذ الفعلي وليس النظري.
الحملة حددت كيفية التسوق الذكي، بكتابة قائمة تسوق محددة بأهم المشتريات والحرص على عدم تجاوزها، والتحقق بانتظام من تاريخ صلاحية الأطعمة واستهلاكها قبل انتهائها مع مراعاة استهلاك الأقدم فالأحدث,
والتقليل من شراء الأطعمة خلال التسوق,
تجنب عروض التخفيضات التي تؤدي إلى شراء كميات كبيرة من الأطعمة قد لا يحتاجها الشخص .
أهمية تجنب الشراء عندما يكون الشخص جائعاً حتى لا يشتري أطعمة أكثر من حاجته.
أهمية الاحتفاظ بفائض الطعام في علب محكمة الإغلاق ووضعها في الثلاجة
الحرص على قراءة تعليمات حفظ المنتجات المكتوبة عليها والتأكد من درجة حرارة وجفاف المخزن.
كتابة تاريخ يوم الطبخ على العلب لأن مدة صلاحيتها يومان على الأكثر، وعدم ترك الطعام المطبوخ في حرارة الغرفة لمدة تزيد عن ساعتين.
فاطمة سهلي