القانون ودوره في الدينامية الحضارية
من أهم وسائل معرفة وفهم شعب أو مجتمع معين، الدراسة لقوانين ذلك المجتمع كون القوانين غالبا ما تتشكل من الاعراف السائدة في المجتمع أساسا، ومن ثم تقوم بالتطوير لها و المحاولة لتحديثها بشكل حضاري. ولا يمكن أن يتحضر الانسان دون أن يكون هناك قوانين تحفظ حقوقه وحريته الاساسية وتضبطه أيضا عن ممارسة أي سلوك ضار بالمجتمع والدولة. لان الاصل في الانسان أنه يتحول إلى شخص فوضوي طالما علم أنه يوجد عقاب، لذلك قيل قديما، من أمن العقوبة أساء الادب، و بلا شك أن قوة القانون من حيث الفكرة ومن حيث التطبيق هما عاملان أساسيان في تغيير وتحديث طبائع الشعوب لتكون أقل عدوانية وأكثر مثالية.
ويعد القانون مرآة صادقة لحضارة الامة المادية والمعنوية، فهو يعكس ظروف الجماعة من كل نواحيها الطبيعية، الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية، الاخلاقية، والدينية. وترتبط صورة القانون في الجماعة بالنظام الاجتماعي والسياسية والاقتصادي والفكري السائد فيها. و هذا المعنى لم يفت الحضارات القديمة، فقد عبر الرومان بقولهم، لا مجتمع بلا قانون ولا قانون بلا مجتمع، أو حيث يوجد مجتمع يوجد قانون.
فالقانون هو إحدى الركائز الرئيسية في حياة الحضارات الانسانية، نظرا للدور البارز الذي يقوم به في الشؤون الانسانية عمليا وفكريا وما يزال.
فقد كان هناك فلاسفة من قبيل أفلاطون وماركس، ذهبوا إلى أن القانون شر يجدر بالإنسانية التخلص منه، فإن التجربة دلت أن القانون إحدى القوى التي تساعد على تحضر المجتمع الانساني وعلى نمو الحضارات وتطورها.
إن القانون في أي عصر من العصور وفي أي شعب من الشعوب، لم يكن حادثة من حوادث المصادفة أو نزعة عرضية من نزعات المشرع، إنما هو وليد ظروف التاريخ وتمرة تطور المجتمع، ونتيجة لعوامل مختلفة سياسية واقتصادية وأدبية وفكرية متصلة الحلقات ومتدرجة مع سنة التقدم والارتقاء.
وعموما يمكن القول، أن للقانون دور وأهداف متعددة ومن اهمها حماية الناس من الاعتداء وضمان المصلحة العامة للدولة والشعب وحمايتها، وتسوية النزاعات والخلافات إضافة إلى تشجيع الناس لعمل المفيد لهم ومجتمعهم وبطريقة حديثة، وبالتالي المساهمة في حضارة الانسان.