لقاءات تمهيدية للمناظرة الوطنية للتجارة التي ستنعقد مستقبلا

0

 

انطلق المغرب على درب طريق الانفتاح والتقدم بفضل اختياراته الاستراتيجية في مجال التنمية، ووضع استراتيجيات قطاعية هادفة سيكون من شأنها تسريع دعم هذا التوجه.

وقد مكنت هذه الإنجازات المغرب من البروز على الخريطة العالمية كوجهة صناعية ذات مصداقية وتنافسية عالية.
ولكي يتم تحقيق ذلك والمحافظة على هذه المكانة المتميزة ينبغي تمتين هذه الأسس التي يرتكز عليها القطاع الصناعي، حتى يتم استغلال قدرات البلاد الصناعية أفضل استغلال، خاصة وأنها تتمتع بموقع جغرافي ممتاز بالنسبة لأوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا.

وقد التزم المغرب في توجهه هذا باتباع دينامية نمو تعززت بقوة منذ انطلاق مخطط “إقلاع” وتوقيع الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي في 2009.
وبهذا الخصوص وفي اطار التنزيل الفعلي لهذا المخطط دعا وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي بالاتفاق مع جامعة الغرف المغربية للتجارة والصناعة، ورؤساء غرف التجارة والصناعة والخدمات، والنقابات الممثلة للتجار والجمعيات المهنية، والمدير العام للضرائب والمدير العام للجمارك والضرائب غير المباشرة، ومدير تنسيق الشؤون الاقتصادية بوزارة الداخلية، على تنظيم مناظرة وطنية حول التجارة خلال شهر24 – 25 أبريل 2019، لفتح المجال لكل هيئات التجار لعرض مشاكلهم وتصوراتهم بخصوص تطوير القطاع وإعداد مقترحات تتعلق بالإصلاح الضريبي الذي سيتم مناقشته خلال المناظرة الوطنية الخاصة بالإصلاح الجبائي المقررة في شهر ماي القادم 2019.

وقبل انعقاد المناظرة الوطنية للتجارة انعقدت بمختلف غرف التجارة والصناعة والخدمات بجهات المملكة عدة مناظرات اهمها مناظرة جهة فاس مكناس التي انعقدت يوم الجمعة 29 مارس 2019، بالقاعة الكبرى للاجتماعات بملحقة عمالة فاس بالبطحاء، بحضور السيد وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي

وانسجاما مع انفتاحها على الفاعلين والشركاء الاقتصاديين ومع الدور المحوري الذي تقوم به الغرفة

بحضور السادة  مولاي حفيظ العلمي وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي .   

والسيد سعيد ازنيبر والي جهة فاس مكناس عامل عمالة فاس.

رئيس فيدرالية غرفة التجارة والصناعة والخدمات بالمغرب.

رئيس جهة فاس مكناس

والعديد من الفاعلين والشركاء الاقتصاديين والشخصيات السياسية ومجموعة من رجال الاعمال.

بالمناسبة دعا وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي مولاي حفيظ العلمي،   الى ضرورة إيلاء اهتمام خاص بالقطاع التجاري، بالنظر الى الدور الهام الذي يلعبه على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.

وأضاف في كلمة له خلال المناظرة الجهوية للتجارة والصناعة والخدمات .    

 أن التجار يعانون من عدة مشاكل من ضمنها منافسة التجارة العصرية، وتكاثر الباعة المتجولين، والتجارة الإلكترونية وأشار إلى أن قطاع التجارة استفاد من برامج خاصة، التي كان تأطيرها ضعيفا جدا، مستشهدا في ذلك ببرنامج “رواج”، الذي يقول العلمي، لم يحقق نتائج إيجابية بالنظر الى العدد القليل من التجار المستفيدين من دعم هذا البرنامج على الصعيد الوطني.

وبعد أن أبرز أن غرف التجارة والصناعة والخدمات لم تعط النتائج المرجوة لكونها لم تتلق الدعم اللازم ولم يتم مواكبتها بشكل كاف حتى تلعب دورها، ذكر الوزير أن قطاع التجارة بالمغرب يشغل 5, 1 مليون شخص، حيث يعتبر ثاني قطاع مشغل على المستوى الوطني .

واعتبر أن المناظرات الجهوية التي ستتلوها المناظرة الوطنية  يومي 24 و25 أبريل المقبل بمراكش، ستتوج ببلورة استراتيجية مشتركة، من شأنها أن تعطي قفزة نوعية لهذا القطاع، الذي يعتبر فيه التاجر الصغير العمود الفقري.

وركز “مولاي حفيظ العلمي” وزير الصناعة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، خلال كلمته الافتتاحية، على مشاكل شريحة التجار الصغار “البقالة” كركيزة أساسية للتجارة باعتبارها تخدم شريحة عريضة من المواطنين، حيث باتت مهددة بالاقبار بسبب التطورات الإقتصادية التي يشهدها المناخ التجاري بالمغرب من خلال إنتشار الأسواق الممتازة و التجارة الإليكترونية مما يحتم ضرورة التدخل العاجل للحيلولة دون انقراض هاته الفئة.

وخلص الوزير إلى أن الحكومة لن تدخر جهدا من أجل انقاد هاته الشريحة من التجار وذلك من خلال فتح حوار جاد وبناء خلال المناظرة الوطنية في أبريل القادم

وذلك من أجل البث في التوصيات التي خرج بها أعضاء الغرفة، وهي توصيات سيتم البث فيها على المستوى المركزي من طرف الوزارة الوصية  

وتم التأكيد على اقتصار التعريف الموحد للمقاولة، على الشركات التي تعتمد النظام المحاسباتي، وبالتالي فإن الشركات وتجار الجملة ونصف الجملة غير ملزمين بطلب التعريف الموحد للمقاولة من المشترين منهم. وأن ذلك سيكون موضوع دورية توضيحية، سيتم نشرها من طرف المديرية العامة الضرائب.
كما تم التأكيد على عدم تطبيق التدابير الجديدة المتعلقة بالفوترة الإلكترونية إلا بعد اعتماد النصوص التنظيمية المتعلقة بها والتي سيتم إعدادها في اطار مقاربة تشاركية مع الهيئات المهنية.
وسيتم اعتماد البون أو الفاتورة أوأي وثيقة تقوم مقامها، تتضمن تاريخ العملية التجارية، اسم وعنوان البائع، وكذا المشتري ونوع وكميات البضاعة، وذلك لإثبات حيازة السلع المنقولة أمام مراقبي الجمارك والضرائب الغير مباشرة.
كما تم الاتفاق على تقوية دور غرف التجارة والصناعة والخدمات من خلال تعزيز حضور ومساهمة الهيئات والمنظمات الممثلة للتجار والمهنيين في البرامج التنموية، والتزام غرف التجارة والصناعة والخدمات والجمعيات والنقابات المهنية بتبليغ التجار بما تم الاتفاق المتفق عليه في الاجتماع.
وحسب المعطيات الرسمية، يعتبر قطاع التجارة أول مشغل في الوسط الحضري، ويمثل 8 في المائة من الناتج الداخلي الوطني بقيمة مضافة تصل إلى 84,3 مليار درهم.

إن القول بضعف المردود و الأداء في علاقته بالتجار الصغار اللذين يشكلون الغالبية العظمى من المنتسبين لهذه الغرف و التركيز على التجار الصغار بالضبط مرده كون الصنفين الآخرين و هما قطاعي الصناعة و الخدمات مؤطران في إطار مؤسسات أو جمعيات أعطتها السلطات العمومية اهتماما قويا بل و مكنتها من إمكانيات تنظيمية و مادية و لوجيستيكية هائلة جعلتها في غنى عن غرف التجارة و الصناعة و الخدمات بل إن السلطات العمومية مركزيا و جهويا و محليا جعلتها مخاطبها الرسمي الوحيد ” الكونفدرالية العامة للمقاولات بالمغرب ” في تجاوز واضح لغرف التجارة و الصناعة و الخدمات بل أعطتها تمثيلية في الغرفة الثانية للبرلمان في ما يشبه إجهازا لغرف التجارة و الصناعة و الخدمات على هذا المستوى

في المقابل بقي التجار الصغار و المتوسطون خارج هذه التغطية و لم يرتقوا بعد إلى هذا المستوى التنظيمي لخلق مؤسسة جامعة لهم تكون المحاور الوحيد و الرسمي للدولة و هو ما لن يتأتى لهم إلا بتدخل الدولة لإخراج هذا الإطار التنظيمي على مستوى التشريع و التنزيل لتبقى هذه الغرف ملاذهم الأول و الأخير، الذي مع كامل الأسف لم و لا يرقى لتحقيق مطالبهم و الدفاع عن حقوقهم و صون مكتسباتهم بسبب الوضعية الحالية القانونية للغرف المهنية عامة وغرف التجارة و الصناعة و الخدمات خاصة.

كما ان الإقرار الملكي بفشل النموذج التنموي وحملة المقاطعة الشعبية لبعض الماركات و العلامات التجارية بدعوى الغلاء والاحتكار و دون الدخول في مناقشة حملة المقاطعة هذه وأسبابها يطرح سؤالا كبيرا الا وهو لماذا أصيبت هذه المؤسسات بالارتباك و الشلل تجاه هذه الحملة ألا يدور جزء كبير من هذه الحرب على ساحة التجار الصغار ؟

أليس تجار المواد الغذائية الصغار و المتوسطون أكبر المتضررين ؟

و لماذا لم تجعل الغرف الجهوية للتجارة و الصناعة من مؤسساتها فضاءات لفتح نقاش مسؤول بين جمعيات المجتمع المدني المهتمة بالمستهلكين و الجمعيات المهنية الممثلة للمتضررين لنزع فتيل الاحتقان على الأقل في الجانب الضار بالتجار الصغار و المتوسطين…. ؟؟

 فكيف يمكن أن تصبح تمثيلية غرف التجارة والصناعة والخدمات تمثيلية فاعلية وأن تساهم في إقلاع حقيقي للتجارة الداخلية في إطار استراتيجية تنموية مندمجة و مستدامة و شاملة

لذلك لابد من فتح نقاش عمومي وطني حول الغرف المهنية عامة لتحليل أسباب القصور و مكامن المعيقات و تسطير البدائل المستعجلة.

وحتى يتسنى لها ذلك لا بد من العمل على قانون خاص منظم للتجارة الداخلية و تجارة القرب يلزم السلطات العمومية بحماية التجار الصغار من المنافسات الغير الشريفة والغير المشروعة التي تسحق أعدادا هائلة من التجار الصغار و المتوسطين و تحيلهم من الطبقة الوسطى إلى الطبقات والشرائح الاجتماعية الهشة و لا بد هنا من التسطير بالبند العريض على أنه و طالما لم يتم إخراج مدونة للتجارة الداخلية تحدد بدقة الماهية القانونية للتاجر وتضع الفواصل و الحدود القانونية بين التاجر الصغير و التاجر المتوسط و التاجر بالجملة و في نفس الوقت تفصل بين التاجر الشخص الذاتي في الحالات الثلاثة والمقاولة التجارية المهيكلة فإنه يصعب بل سيبقى مستحيلا وجود أرضية صلبة للحماية القانونية و الاجتماعية لهؤلاء التجار من كل أشكال المنافسة الغير المتكافئة و الغير المشروعة ….

وعليه فانه من الضروري وضع استراتيجيات جهوية للنهوض بالتجارة الداخلية في إطار مخطط و مشروع تنموي جديد وبديل منسجم مع شعار الدولة الوطنية الاجتماعية العادلة.

وليصبح لغرف التجارة و الصناعة و الخدمات وجود فعلي و حضور قوي لإقلاع اقتصادي حقيقي بالجهات

لابد من إنشاء منظومات صناعية من شأنها خلق دينامية جديدة وعلاقة جديدة بين كبريات الشركات والمقاولات الصغرى والمتوسطة.
ويهدف هذا التعاون الجديد بين الشركات الصناعية الكبرى والمقاولات الصغرى والمتوسطة إلى جعل الصناعة مصدرا هامّا لمناصب الشغل، وخاصة للشباب، وجزءا من حلقة متينة في هذا المجال.
منطق المنظومات الصناعية يروم كذلك تحسين الفوائد الاجتماعية والاقتصادية للطلبيات العمومية من خلال الموازنة الصناعية والذي يشكل 20 بالمائة من الناتج الداخلي الخام.
وسيمكّن ذلك من مضاعفة الاستثمارات والرفع من القيمة التي تخلقها القطاعات وتحسين ميزان المدفوعات بتشجيع شراء المنتوجات والخدمات لدى النسيج الاجتماعي.
وفي إطار إنشاء هذه المنظومات الصناعية، تولى عناية خاصة لدفع الاقتصاد غير المهيكل باتجاه المهيكل مع وضع آلية متكاملة لادماج المقاولات الصغرى جدا، بما في ذلك خلق وضع المقاول الذاتي، وإطار ضريبي مناسب، إضافة إلى تغطية اجتماعية ودعم تمويلي خاص.

 ويتضمن مخطط تسريع التنمية الصناعية سلسلة من الإجراءات المندمجة لضمان دعم ملائم لحاجيات المقاولات ولتزويدها بإطار مناسب لتطوير أنشطتها.
وعلى مستوى التمويل، سيسمح صندوق عمومي لتمويل الاستثمار الصناعي  صندوق التنمية الصناعية  والذي خصص له غلاف مالي قدره 20 مليار درهم – للنسيج الصناعي بالاندماج والتحديث، وبتنمية قدرته على تعويض المنتوجات المستوردة.
يتضمن مخطط تسريع التنمية الصناعية تكوينات تستجيب لحاجيات القطاع من الكفاءات، وذلك لضمان ملاءمة أفضل لليد العاملة لحاجيات المقاولات. وتقدّم أيضا مساعدات مباشرة في تكوين الموارد في إطار الاستراتيجية الجديدة.

كما لابد من القيام بتحسين موقع المغرب على المستوى الدولي. فيما يخص وضعه في الأسواق الخارجية، حيث سيتم تركيز مجهودات الدعم على القطاعات ذات إمكانات التصدير العالية من أجل تحسين تنافسية عروض المملكة من الصادرات. كما سيتم تتبع اتفاقيات التبادل الحر المزمع توقيعها عن كثب ، إضافة إلى التأكد من احترام بنود اتفاقيات التبادل الحر المبرمة من قبل.

ان مخطط تسريع التنمية الصناعية 2014-2020 جاء بمقاربة جديدة مبنية على إنشاء منظومات صناعية. ويتعلق الأمر بمشروع رائد للاستراتيجية الصناعية الجديدة التي تتوخى تقليص التجزؤ القطاعي بتشجيع إقامة شراكات استراتيجية محددة بعناية وذات منفعة متبادلة بين كبار الصناع والمقاولات الصغرى جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة

وهي مجمل التوصيات التي تمخضت عن مختلف المحطات والتظاهرات التواصلية.

من رفع حصة الصناعة في الناتج الداخلي الخام بتسع نقاط، من 14 بالمائة إلى 23 بالمائة في أفق سنة 2020 .

 

تقرير فاطمة سهلي وعلمي العروسي

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.