مدينة طنجة العروس المدللة بين محيطين السحر الطبيعي بين الاسطورة والخيال
فاطمة سهلي : طنجة
تقع مدينة طنجة عروس شمال المغرب في أقصى شمال غرب القارة الافريقية و لها تاريخ عريق عرفت أول استيطان بشري خلال العصر الحجري القديم نظرا لتموقعها الجغرافي وتتوفر على واجهتين بحريتين، الأولى على المحيط الأطلسي والثانية على البحر الأبيض المتوسط في أقصى شمال غربي القارة الأفريقية، وتبعد عن القارة الأوروبية 14كيلومترا
وصل إليها الفنيقيون والإغريق والقرطاجيون والعرب المسلمون واندهشوا من امتداد البحر، المحيط، الذي صيغت حوله الخرافات لقرون طويلة، واقتنعوا بنهاية العالم المعروف قديما عند شواطئها، وشكلت بداية بحر الظلمات كما اعتقد الأولون
كتب خورخي لويس بورخيس أحد كبار الأدباء في القرن العشرين في قصة ”الأبدي” ضمن كتابه ”ألف” سنة 157 ”هوميرو وأنا نفترق في أبواب طنجة، لا أعتقد أننا نتوادع”
وتتعدد الأساطير حول أصولها إذ يحكى أن نوارس طنجة هي التي أنبأت نوح عليه السلام وهو في سفينته بأن الأرض قريبة عندما لمح أثار الطين فجاء اسم طنجة منحوتا من كلمتي: ”الطين جا”.
وأسطورة إغريقية، تقول بصراع العملاقين هرقل وأنتي، وانتصار الأول على الثاني وإبان الصراع ضرب هرقل اليابسة التي كانت تربط إفريقيا بأوروبا متسببا في مضيق بحري وهو المسمى الآن مضيق جبل طارق، وتزوج هرقل زوجة أنتي وولد سوفوكس ليبني طنجيس. يزعم فبومبونيوس في بداية القرن الاول للمسيح بان تاسيس طنجة يرجع الى سوفاكس ابن هيركول و طانج ارملة العملاق انتي الذي قتله هيركول فالخرافة تحكي بان ”العملاق اطلاس اله البحر و الارض امه ” كان ملكا على شمال غرب افريقيا و كان مقره الرسمي بنواحي طنجة وكان من عاداته يتجهز بدرع هائل مصنوع من جلد الفيل و كان يطوف بالاقليم و كلما لقي في طريقه شخصا ارغمه على مبارزته وهكذا استطاع ان يبني هيكلا على شرف ابيه بجماجم قتلاه فلما لقيه هرقل تصدى له لمصارعته لكن هرقل لاحظ اثناء المعركة ان خصمه انتي كلما لمست رجلاه ”الارض امه ”ازداد قوة و عنفا لهذا رفعه من الارض و اخده بين ذراعيه الفولاديتين و ضمه الى صدره فخنق انفاسه و تغلب عليه فتخلص منه ثم استحود على طانج بعد الانتصارو زوجها من ولده سوفاكس و طانج هذه ابنة الضحية انتي وفي رواية أخرى أن طانج أرملة انتى تزوج منها هرقل وولدت له سوفاكس الذي اسس مدينة منحها اسم أمه طانج، تشريفا وتكريما له ومما ذكر يتبين لنا أن أصل نشأة طنجة يعوم في جو من الخرافة التي تنبع من غموض الأفاق البعيدة الغور
لما تحتله هذه المدينة من مكان يطل على عتبة البـحر الأعظم الذي كان يوقظ في قلوب البحارة الاعتقاد بأن هذا الميناء هو أخر مرحلة لما قيل هوة لمحيط كان يعتبر أنذاك، اعتبارا كبيرا ومدخلا وحيدا للخيال الذي ولد اساطير مشهورة يرويها خلف عن سلف لأن ميناء طنجة يوجد في أقصى حدود العالم الذي كان معروفا وقتذاك عند القدماء. وهذه الأساطير تمخضت عن وقعت بالفعل إلا أن خيال الإغريقيين الخصب نسج من كل حبة قبة.
و تفتخر المدينة بين أقرانها في العالم بتضمنها في الكتب التراثية الأولى للبحر المتوسط، الكتب الإغريقية، وإنها أكثر مدن العالم ذكرا في كتب التاريخ والجغرافيا. توجد في الأوديسا إشارات إليها عبر ما يسمى أعمدة هرقل في المضيق الذي سيحمل لاحقا اسم طارق بن زياد. وأول كتاب في وصف العالم الذي يعود إلى هيكاتيو ميليتو من القرن السابع قبل الميلاد تحدث عنها باسم طنجيس.
تحدث عنها أيضا هيرودوت أبو التاريخ في القرن الرابع الميلادي ووصفها بدقة استرابون أبو الجغرافيا في بداية القرن الأول الميلادي وذاع صيتها عندما منحت اسمها لمنطقة المغرب في التقسيم الروماني لشمال إفريقيا ”موريتانيا الطنجية”.
وتوالى ذكرها في مئات الكتب عبر كل الأزمنة، ويعادل هذا الذكر في الكتب الطبقات الأركيولوجية المكونة للمدينة، أينما يتم الحفر تطفو شواهد أثرية حول حقبة زمنية معينة عاشتها أراضيها.
موقعها الجغرافي جعلها بوابة المغرب نحو أوروبا وبوابة أوروبا نحو المغرب بل بين القارة الإفريقية والأوروبية وإحدى بوابات إفريقيا نحو العالم الجديد بعد اكتشافه
كما ان كل مبعوثي الدول الأوروبية قديما كانوا ينزلون بهذه المدينة، ولهذا تحولت إلى العاصمة الدبلوماسية للمغرب سنة 1786، وهو ما يفسر عشرات الممثليات الدبلوماسية في المدينة. وتفتخر طنجة بأنها احتضنت أول ممثلية دبلوماسية أمريكية في الخارج في تلك الحقبة.
وكلما كانت بعثة دبلوماسية تحل في المدينة لتمثيل دولتها كانت تشيد إقامة خاصة بها مستوحاة من هندسة بلادها، ما حول طنجة إلى موزاييك متداخل بين الهندسة العثمانية والأمريكية والبريطانية والإسبانية.
انفردت طنجة إبان وقوع المغرب تحت الاستعمار الفرنسي والإسباني بخاصية وهي أنها كانت مدينة دولية يشرف عليها مجلس مكون من دول متعددة من فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وهولندا وبلجيكا والبرتغال، وشكلت النموذج الذي اعتمدته القوى الكبرى لتسيير برلين بعد سقوط النازية غداة انتهاء الحرب العالمية الثانية
لا يمكن حصر المثقفين والمبدعين الذين تغنوا بالمدينة، فقد شدت إليها رسامي أوروبا، ويكفي ذكر الفرنسي أوجين ديلاكروا سنة 1832 والإسباني ماريانو فورتوني سنة 1870 والفرنسي ماتيس. وتغنى بها المغني الأمريكي بوب ديلان في أغنيته:
”لو رأيتها أبلغها التحية فقد تكون في طنجة”.
لكن الحضور المتألق لطنجة هو في الرواية العالمية، يتجلى في كتابات بول بولز، الكاتب الأمريكي الذي عاش في المدينة حياته كلها، وفي رواية ”الخبز الحافي” لمحمد شكري تنعكس أجواء طنجة إبان الاستعمار والسنوات اللاحقة للاستقلال
وتحضر طنجة كذلك في رواية ”الخيميائي” لبول كويلهو، وكذلك في أعمال الطاهر بنجلون.
فالملاحق السياحية للجرائد الكبرى مثل ”نيويورك تايمز” و”لوموند” و”الباييس” عادة ما تركز عليها، ومن بينها ”مقهى الحافة” أشهر مقاهي المدينة والذي ورد ذكره في عدد من الروايات العالمية. إنه مقهى ذو بناء بسيط يقع على هضبة مطلة على مضيق جبل طارق، ويتميز ببساطة الكراسي والطاولات وإطلالته الساحرة.
وأيضا يوجد ”مقهى بابا” الذي تأسس سنة 1942، المتواجد في القصبة، والذي يتميز بطابعه وتصميمه التقليدي وإطلالته على المدينة القديمة.
تعززت قوة المدينة الاقتصادية مع بناء الميناء المتوسطي الذي يعد من أكبر الموانئ في البحر الأبيض المتوسط بوجود مطار دولي فيها، وشبكة مواصلات حديثة ومتنوعة ”الطريق السريع والسكك الحديدية ”مما جذب إليها عددا من الشركات والبنوك العالمية لهذا تحتضن طنجة منذ سنوات أحد أكبر موانئ العالم ”طنجة المتوسطي” الذي جعلها قبلة للاستثمارات الصناعية وكذلك للسياحة واستمرار توافد الناس عليها من مختلف القارات والحضارات والثقافات الذي دفع المغرب لجعلها مركزا اقتصاديا مهما في منطقة البحر المتوسط لتنافس المراكز الصناعية الكبرى بأوروبا في إطار مشروع “طنجة الكبرى“
كما ان وجودها على مقربة من أوروبا جعلها مركزا تجاريا ومحطة تواصل بين حضارات متعددة تمتلك المدينة معالم تاريخية وطبيعية جعلتها قبلة سياحية متميزة، ومن تلك المعالم أسوار المدينة العتيقة الممتدة على طول 2200م، والتي تحيط بالمدينة وحي القصبة ودار البارود وجنان قبطان، وواد أهردان وأيت إيدر، وقد دعّمت تلك الأسوار بأكثر من أربعة أبراج ولها سبعة أبواب
من معالمها أيضا مبنى السفارة الأميركية التي أقيمت على أرض أهداها السلطان مولاي سليمان الأول 1821 للولايات المتحدة وتعتبر أقدم مقر دبلوماسي أميركي في العالم، وهي المعلمة التاريخية الأميركية الوحيدة التي تقع خارج أرض الولايات المتحدة
حُول المبنى 1976 إلى متحف يستعرض تاريخ العلاقات بين الولايات المتحدة والمغرب العربي، ويضم لوحات فنية من التراثين المغربي والأميركي، بالإضافة إلى وثائق تاريخية
توجد في طنجة كنيسة القديس أندرو التي تعد من الكنائس الفريدة في العالم التي بُنيت وفق الفن المعماري الإسلامي وبأبراج على نمط مآذن المساجد المغربية، إضافة إلى مسجد السوريين الذي أسسته مجموعة من الأسر السورية لتخليد ذكرى المشاركة المغربية في حرب الجولان
يحيط بالمدينة من الناحيتين الغربية و الشمالية شريط ساحلي بطول 16 كلم يقع 12 كلم منها على شاطئ خليج طنجة الكبير. و هذا ما يجعل من طنجة نقطة اصطياف للآلاف من السياح سنويا من داخل المغرب و خارجه
اذ تستقبل مدينة طنجة سنويا ما يقارب 47 بالمئة من السياح الأجانب الوافدين على المغرب فقد تم تحويل ميناء طنجة القديم من ميناء تجاري إلى ميناء ترفيهي منذ سنة 2010
و تتوفر المدينة على عدة منتجعات و قرى ساحلية من أهمها منتجع طنجة سيتي سانتر
من اهم المعالم التي تجدب السياح ايضا
منار بارك وهي مدينة للملاهي مقهى الحافة ،سوق المدينة
سوق كاسبارطا
شاطئ سيدي قاسم
ساحة 6 أبريل
حمامات البوغاز منطقة عين الحصن
فندق المنزه
شاطئ البلايا
الشاطئ مالاباطا
شاطئ سيدي فنقوش
شاطئ الغندوري