لا للأكاذيب في مجالس الاصدقاء

0

 

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا

فَعَلْتُمْ نَادِمِين

سورة الحجرات”6

فاطمة سهلي

 

لقد تعودنا في هذا الزمن الرديء سماع الكثير من الأكاذيب في مجالس الأصدقاء حتى بات الواحد لا يدري يصدق من؟ ويكذب من ؟ وإذا كان البعض يمارس الكذب جهاراً فإن الأسوأ منه ذاك الذي يروج الادعاءات خفية والتي لا أصل لها بل لمجرد أن يعطي لنفسه قيمة أو وجاهة

وتتميز بعض الشخصيات المريضة بحبها لإثارة الفتن ودب النزاعات بين الناس من خلال نقلها لكلام مسيء أو تلفيقه لبعضه بهدف تحقيق بعض المكاسب والمصالح الشخصية حتى لو كان ذلك على حساب مشاعر أبرياء لا ذنب لهم .
موضوع إلقاء الأحكام على الناس جزافاً واتهامهم بالباطل قد يتخد شكلا عفويا نتيجة نظرة سطحية ..او انطباع غير مفهوم .. ولكنه بالقطع شكل ساذج غير واع للمخاطر، أو أنه قد يكون بشكل مقصود ومدبر للإيقاع بالشخص الذي هو موضع الشبهة والاتهام، وكلتا الحالتين صعبة. ولكن الثانية تظهر بشكل يوضح طبيعة الحقد الدفين في قلب الإنسان، لهذا فقد حذرت جميع الأديان والأفكار والاتجاهات والقوانين من هذا الموضوع لما يسببه من مشاكل على جميع المستويات وخاصة على المستوى الاجتماعي، فاتهام الآخرين بأي فعل مشين بلا دليل قاطع هو أكثر الصفات انحطاطاً، فالتهمة أو الشائعة التي تنتشر حول الناس من الصعب محوها من الذاكرة، وقد تظل عالقة بالأجيال اللاحقة، ولا يتأثر الشخص المتهم فقط بل يتأثر محيطه كله، فالناس العوام يعرفون فقط مبدأ ولا تزر وازرة وزر أخرىعلى أنها قول يردد على الألسن وفي الصلوات لكنهم غير قادرين على تطبيقه في واقعهم وخلال مواقف حياتهم، فمن يتهم بشيء تتأثر عائلته المقربة أولاده وزوجته وإخوانه وأمه وأبوه ويلحقهم العار والأذى وربما تتأذى العائلة على المستوى الكبير . والقانون أيضا يمنع اتهام الناس لبعضهم البعض بالباطل والزور والبهتان، وهناك وسائل تحر يتحرى من خلالها المختصون عن مصداقية الاتهامات الموجهة، وللمتهم بالباطل الحق في رفع قضية ضد من اتهمه، وهي قضية التشهير، وبهذا يستطيع المتهم الاقتصاص ممن اتهمه.

لقد أقرت الشريعة الإسلامية أيضاً مبدأ التثبت عند تناقل الأخبار ووضعت الشهادة حيث أن عدد الشهود قد يصل إلى أربعة ثقات عدول خصوصاً في المواضيع والقضايا التي تتعلق بالشرف لما يشكل ذلك من خطورة على المجتمع ككل .
ان الظلم ظلمات ..ومن أشد أنواع الظلم اتهام البريء ورميه بما ليس فيه، وفقدان الثقة فيه، وإثارة الشكوك حوله، وإن الويل ثم الويل للظالم من عقاب الله وعذابه يوم القيامة
قال تعالى
{
ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار}
فمن تجرأ على الناس تجرأ الناس عليه ومن فضح مؤمنا فضحه الله فى قعر بيته
فالكذب على الناس وقذفهم بالباطل بلا برهان من البهتان الذي حرمه الله ورسوله؛ كما قال تعالى: وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرُجُلِهِنّ [الممتحنة:12
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه
أتدرون من المفلس؟ . قالوا ; المفلس فينا يا رسول الله من لا درهم له ولا متاع . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ; المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ،وسفك دم هذا ، وضرب هذا ، فيقعد فيقتص هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقتص ما عليه ؛ أخذ من خطاياه، ثم طرح في النار

وتزداد خطورة نقل الكلام، والافتراء على المحصنات،عندما يصاحب الافتراء

عدم الدقة والتضليل وقذف الأعراض محرَّم في الكتاب والسنة والإجماع ، وهو من كبائر الذنوب ، وقد أوجب الله على القاذف عقوبات مغلظة في الدنيا والآخرة
قال الله تعالى: ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ ) النور
والقذف : هو تعرضٌ للعرض برميه بزنى أو لواط ، وقد كُلِّفَ القاذف أن يأتي بما يثبت قوله بأربعة شهداء ، فإن لم يفعل أقيم عليه حد القذف ، وهو ثمانون جلدة ، ولا تُقبل له شهادة ، وهو من الفاسقين إلا أن يتوب أو يقام عليه الحد فإنه يرتفع عنه لقب الفسق ” “وقد انعقد الإجماع على حكم قذف المحصن من الرجال هو نفسه حكم قذف المحصنة من النساء
إن نشر الإشاعات سلاح خطير يفتك بالأمة ويفرّق أهلها، ويسيء ظن بعضهم ببعض، ويفضي إلى عدم العدالة الاجتماعية أو غير ذلك من ميادين المنافسة التي يجب أن تكون شريفة وحضارية وبعيدة عن كل السلوكيات الشاذة والمرفوضة في ميزان شريعتنا الإسلامية السمحة.الثقة بينهم، وأسرع الأمم تصديقًا للإشاعات هي الأمم الجاهلة الفاشلة، بسذاجتها التي تصدّق كل ما يقال، وتردد الأخبار الكاذبة دون تمحيص ولا تفنيد أو تتخذ قرارات أحادية دون أن تعطي للطرف الأخر الحق في الاستماع إليه وشرح وجهة نظره

لقد أرسى الإسلام كل قواعد وأسس وضوابط الحريات حتى تحقق أهدافها في حياة الناس دون عدوان على الحرمات، ومن دون أن تستغل لتصفية حسابات بين خصوم أو متنافسين في ميادين السياسة أو الاقتصاد أو الرياضة 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.