مغربُنا مَشْتلُ العبقريات
تشِبُّ هنا وتَشِعُّ هناك، تُومِضُ هنا وتتوهَّجُ هناك، هنا تلقى الإهمال، وهناك تُستقبل بالأحضان، في فرنسا وألمانيا، في سنغافورة والنازا، وفي الصين واليابان.
بالأمس حل ببلادنا محاضراً رشيد اليزمي مخترعُ بطارية الليثيوم وغيرها، مغربيٌّ أصيل مُوَسَّم من ملك البلاد، مُتوَّجٌ بعشرات الجوائز العالمية، مرشحٌ لنوبل في الكيمياء ، لكنه مُقيمٌ في سنغافورة، البلد الذي اغتنى بعد افتقار، وازدهر بعد انطفاء، فقط لأنه راهن على التعليم ، وأيقن أن رعاية التميز إكسيرُ النجاح وسِرُّ النماء.
هجرة الأدمغة والكفاءات نزيفٌ حضاري يُعطل تقدم البلاد، ويُعلن المرَّة بعد الألف أن ثروة العقول أثمنُ من كنوز الأرض، وثروات البحار، وأرصدة البنوك.
فمصدر الثروة الذي لا ينضبُ له مَعين تعليمٌ يُبوَّأُ المقام الرفيع، يُعمَّمُ ويُلزم به الجميع، ويُكافئ الفرص بين ابن الوجيه والبسيط، وبَحْثٌ علمي يحظى بالدعم الكبير، وبعثاتٌ يتم تحفيزُها وإرسالُها لاستكمال التكوين، ثم تعود فتلقى التشجيع، لتُسهم في التأطير، وفي الإنتاج والتطوير.
وبدلا من التغاضي واللامبالاة بهجرة الكفاءات، يَحُلُّ الاهتمام برعاية النبوغ، ومنحه فرص العطاء وتأكيد الحضور.
وفي تدبير الشأن العام تُرْسَم الغايات، ويُرْفَعُ سقفُ الانتظارات، ويصيرُ تقييم الممارساتِ عند إسنادِ المسؤوليات مرْهوناً بمدى رفع التحديات، وكسب الرهانات، وتحقيق الطفرات .
تحية عالية لكل النجوم التي درجت هنا وسطعت هناك، وأمل كبير في أن يَحْضُنَ الوطنُ أبناءه، ويَمنحَهم فرصتهم الكاملة في تحقيق الذات، وتوظيفها في الارتقاء بالبلاد، وتسريع وتيرة النماء.
عبد الحي الرايس