الولادات القيصرية بالعيادات الخاصة بين الضرورة و الصفقات التجارية

0

فاطمة سهلي

 

ينسب التوليد القيصري للإمبراطور يوليوس قيصر الذي اشتق من اسمه كلمة “قيصري” و هي العملية الجراحية التي يشق فيها بطن الحامل لإخراج الجنين في حال تعذرت ولادته بالشكل الطبيعي حيث يعتبر أول من أطلق اسم الولادة القيصرية هو الحاكم الروماني يوليوس قيصر حيث سن هذا الأخير خلال فترة حكمه قانونا أجبر فيه الأطباء على إجراء هذه العملية إذا تعرضت حياة الحامل للخطر أثناء الولادة و يرجع اهتمام يوليوس بذلك لكونه ولد بهذه الطريقة و بذلك سميت الولادة القيصرية نسبة له ..
غير أن الملفت للانتباه و المثير للاندهاش انه في السنوات الأخيرة أصبحت الولادات القيصرية ترتفع بشكل صاروخي حيث لا تكاد الحامل تشعر بألم المخاض حتى يبادرها طبيبها بضرورة الخضوع للعملية القيصرية حرصا على حياتها و حياة جنينها ..
إن من المؤكد أن هناك حالات كثيرة تستدعي التدخل الجراحي الضروري إما بسبب الوضع الحرج للحامل أو نظرا للوضعية الغير السليمة للجنين لكن الواقع أفرز موضة جلية للعيان و شكلا من أشكال المزايدة بين الأسر الميسورة و التي تتباهى فيما بينها في الولادة بإحدى المصحات الراقية و الغالية و تشكل في المقابل عبء ثقيلا تتحمله الأسر .. المحدودة الدخل والتي تتكبد المشقة في توفير ذلك الرقم الخيالي الذي لا يتماشى و وضعها الاجتماعي ..
أرقام مرعبة و مروعة يتنافس بها ملاك العيادات الخاصة حسب اسم العيادة و شهرتها و الخدمات الممنوحة فيها مما يزيد في ارتفاع أسعار العمليات و يساهم في المكسب المادي السريع بعائدات خيالية و مع مرور الوقت أفرز التوليد القيصري الغير الضروري سيدات . تحملن ندبا أسفل البطن يخلفها الجرح الذي يظل موصوما أبد الدهر تفقد معه المرأة دون وعي منها شكلها الطبيعي مما يصيب أكثرهن بالاكتئاب نتيجة العلامات التي تظل خالدة خارج الجسم خصوصا إذا ما تكررت الولادات بنفس الطريقة و جل هؤلاء السيدات يلجأن إلى هذه العمليات لخوفهن من ألم الوضع بل إن بعضهن تتحكمن في تحديد ساعة الولادة باليوم و الساعة  فأصبحت كل سيدة تشعر باقتراب موعد الولادة تتأهب لتتجه إلى مسلخ العيادة و تستسلم للمشرط و في دقائق معدودة تكون قد انتهت من إنجاح المهمة من دون الم متناسية الحكمة الربانية في الوضع و الولادة بالشكل الطبيعي كون هذه الانقباضات المصاحبة للألم هي أسلم طريقة للحفاظ على سلامة الرحم من حدوث كثير من الأخطاء الطبية التي تتسبب في نزيف عند بعض السيدات وإصابة أعضاء مجاورة للرحم أو بإصابة الجنين بشكل من الأشكال .
إن التوليد القيصري الغير الضروري أصبح ينبئ بكارثة حقيقية على مستوى الارتفاع المهول في تسعيرة المصحات الخاصة و كذلك نظرا لاستعمال حيل الخداع عند غياب الضمير المهني لدى بعض الأطباء الذين يدفعون بالحوامل للجوء للعملية القيصرية الغير الضرورية رغم علمهم الأكيد بقدرتهن على الإنجاب بشكل طبيعي كما أن الفراغ القانوني الذي لا يمنع مثل هذه العمليات القيصرية يساهم في استفحال هذه الظاهرة التي تنضاف إلى مصاف الظواهر التي تغزو المجتمع في الآونة الأخيرة .

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.