نظمت رابطة الشباب الديمقراطي والاقتصادي بشراكة مع رئاسة جامعة الحسن الأول وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ومختبر البحث في الحكامة والتنمية المستدامة شعبة القانون العام بسطات يوم الخميس 3 أكتوبر 2019 ندوة علمية بعنوان: “أي دور للجامعة في مواكبة مشروع مخطط التنموي الجديد؟“، بمشاركة الدكتور محمد أوزين، نائب رئيس مجلس النواب، والدكتور محمد عزيز خمريش، رئيس شعبة القانون العام ومنسق ماستر الادارة والقانون، والدكتور إبراهيم دينار، مدير مختبر البحث في الاقتصاد والعمل العمومي. وقد ساهمت الدكتورة إيمان النوري في تسيير الندوة.
الأستاذ خياري: اسهامات الجامعة الفكرية والعلمية يجعلها شريكا أساسيا لتحقيق التنمية.
وفي الكلمة الترحيبية التي ألقاها الأستاذ أشرف خياري، منسق الرابطة بجهة الدار البيضاء سطات، نوه فيها بالمناسبة بالدور الذي لعبه أعضاء اللجنة التحضيرية في إنجاح اللقاء، واهتمام شباب الرابطة بالاطلاع والمشاركة في المواضيع التي تستأثر اهتمام عموم المواطنين، وكذا مدى سعي الجامعة في التموقع في الخريطة التنموية الجديدة، من خلال اسهاماتها الفكرية والعلمية بشكل يجعلها شريكا أساسيا في هذه العملية.
الأستاذ الحمداوي: النموذج التنموي الجديد فتح نقاشا واسعا حول التنمية الاجتماعية والاقتصادية بالمغرب.
بعد ذلك، تناول الأستاذ حمزة الحمداوي، الرئيس الوطني لرابطة الشباب الديمقراطي والاقتصادي كلمة افتتاحية شكر فيها المتدخلين والحاضرين على تلبيتهم الدعوة.
وأكد الرئيس الوطني في هذه المناسبة أن اختيار هذا الموضوع جاء في سياق خطاب جلالة الملك محمد السادس في افتتاح الولاية التشريعية للبرلمان، الذي قال فيه جلالته: “النموذج التنموي للمملكة أصبح غير قادر على تلبية احتياجات المواطن المغربي”. وأضاف جلالته أن: “المغاربة اليوم يحتاجون إلى التنمية المتوازنة والمنصفة التي تضمن الكرامة للجميع وتوفر الدخل وفرص الشغل، وخاصة للشباب، وتساهم في الاطمئنان والاستقرار والاندماج في الحياة المهنية والعائلية والاجتماعية، التي يطمح إليها كل مواطن، كما يتطلعون إلى تعميم التغطية الصحية وتسهيل ولوج الجميع إلى الخدمات الاستشفائية الجيدة في إطار الكرامة الإنسانية“.
كما ذكر الأستاذ الحمداوي، بالتصور الجديد للنموذج التنموي المنشود، الذي دعا إليه جلالة الملك والذي يرتكز على ضرورة تسريع تفعيل الجهوية المتقدمة ونقل الاختصاصات والكفاءات البشرية المؤهلة والموارد المالية الكافية، مضيفا أن هذا النموذج التنموي الجديد، فتح نقاشا واسعا حول التنمية الاجتماعية والاقتصادية بالمغرب، بالإضافة أنه أصبح التفكير بخصوصه من أولويات الحكومة والفاعليين المؤسساتيين والسياسيين وفعاليات المجتمع المدني.
وقال رئيس رابطة الشباب أن مثل هذه الندوات التي تتطرق لمواضيع تستأثر اهتمام الرأي العام الوطني والشباب على الخصوص، تشكل فرصة سانحة للمناقشة من الزاوية السياسية والعلمية، للتقييم واستشراف المستقبل.
في هذا الإطار، أضاف السيد الرئيس الوطني “إن تقدم الشعوب يقاس بمدى إنتاج المعرفة في جميع المجالات، ومن هنا تبرز أهمية البحث العلمي كمحرك أساسي ووسيلة فاعلة وأساسية في تحقيق التنمية المستدامة. لذا فإننا واثقون أن الجامعة ومؤسسة البحث العلمي تلعبان دورا محوريا في نشر ثقافة المواطنة والانخراط في التنمية والتشبث بالهوية الوطنية على جميع المستويات، على اعتبار أن الجامعة هي المعقل الحقيقي لتكوين وتدريب الأجيال التي ستتولى المسؤوليات، وكذا بلورة السياسات العمومية والمخططات البنيوية. “
الدكتور أوزين: لا يمكن كسب رهان النموذج التنموي الجديد دون تقوية الثقة بين الفاعلين.
من جانبه، تطرق الدكتور محمد أوزين، إلى محور المشروع التنموي الجديد الذي دعا إليه صاحب الجلالة افي خطبه المولوية، وأكد الدكتور أوزين، على أن النموذج الحالي، لم يعد قادرا على حل مشاكل البطالة والصحة والتعليم والسكن، مما يستدعي إلى التجديد العميق للنموذج التنموي الذي تعتمده المملكة، مؤكدا أن “هذا الرهان لا يمكن كسبه دون تقوية الثقة بين الفاعلين من أجل كسب المعركة ضد المعضلات التي تعوق التنمية“.
وشدد الدكتور أوزين، على ضرورة تسريع وتيرة العمل في تنفيذ الاستراتيجيات وبرامج التنمية والاستثمارات الخصوصية والعمومية، فضلا عن تطوير القدرات الاستباقية لصناع القرار والحرص على حسن إعداد الاستراتيجيات والبرامج ومبادرات التنمية، وأضاف أن المغرب عرف تحولات إيجابية نتيجة المشاريع الكبرى المرتبطة بمجموعة من القطاعات الاستراتيجية، المتمثلة في الطرق السيارة والقطار فائق السرعة وتأهيل المدن الكبرى والبنيات الصناعية والطاقات المتجددة وغيرها، غير أن اليوم يحب التفكير في مشروع تنموي يليق بطموحات المواطن المغربي وبالخصوص العالم القروي الذي ما يزال يبحث عن نموذج تنموي حداثي فعال يخرجه من وضع مجتمعي مأزوم إلى نظام مجتمعي سائر نحو النمو والحداثة والتطور .
الدكتور خمريش: دور الجامعة يرتكز على صناعة الأفكار وإفراز نخب شبابية سياسية وغيرها.
أما بالنسبة للدكتور محمد عزيز خمريش، فقد أكد في مداخلته حول موضوع “مشروع النموذج التنموي في سياقه العام”، على أن مشروع النموذج التنموي يتم إعداده وفق مقاربة ثلاثية الأبعاد: البعد الاقتصادي، البعد الاجتماعي والبعد الثقافي، وأضاف أنه يمكن الحديث أيضا عن البعد المؤسساتي، معتبرا أن المغرب لا يتوفر اليوم على إستراتيجية واضحة المعالم خاصة بالنسبة للجهات والجماعات الترابية، والمجالس الإقليمية.
كما تطرق الدكتور خمريش إلى أسباب تدني مستوى التسيير للمجالس المنتخبة، وقال بهذا الخصوص أن هناك بعض رؤساء هذه المجالس لهم مستوى معرفي متدني، مما يؤثر بطريقة مباشرة في تعثر العديد من الأوراش، وكذلك في إعداد مسودة المشروع التنموي دون اشراك ذوي الاختصاص والمعرفة.
وأضاف قائلا: “كما أن من بين الأسباب الأخرى التي تجعل من المشروع التنموي غير ناجح تعود إلى بعض الممارسات وتضارب المصالح بين الجماعات الترابية والجهات، في إعداد برنامج عمل موحد ومنسجم مع المخططات المطروحة من طرف كل حدى.
وفي سياق آخر تساءل الدكتور خمريش، هل الجامعة مؤهلة للمساهمة في إعداد المشروع التنموي الجديد؟ وقال في هذا الصدد، أن الجامعة المغربية ظلت محاصرة وفرض عليها الانغلاق مع المحيط الخارجي ذلك ما جعلها لا تؤدي دورها في إنتاج الأفكار وصناعة المعرفة وفي إمداد الوطن وسوق الشغل بخريجين يمتازون بالكفاءة ويساهمون في النمو الاقتصادي، معتبرا النظام الجامعي الحالي الذي يمنح شهادة الاجازة أو الماستر أو الدكتوراه، نظام معطوب بسبب عدد الحصص والمواد وغيرها، وبالتالي فقد تحولت الجامعات إلى خلية لتخرج العاطلين، مؤكدا على أن دور الجامعة يرتكز بالخصوص على صناعة الأفكار والتنظير وإفراز نخب شبابية تمارس السياسية أو لا تمارسها.
الدكتور دينار: ضرورة انخراط الجميع إلى جانب الجامعات التي تحتضن النقد وحرية التعبير.
أما من جهته، فقد تناول الدكتور إبراهيم دينار، موضوع حول الملامح الكبرى للنموذج التنموي الجديد ودور الجامعة في مواكبة هذا النموذج، حيث استهل مداخلته بالدعوة إلى اشراك كل الكفاءات الوطنية والفعاليات الجادة وجميع القوى الحية لتوحيد الرؤية، في إطار مقاربة تشاركية تفضي إلى وضع نموذج تنموي جديد يستجيب لطموحات المملكة المغربية بصفة عامة.
وارتباطا بالموضوع، قال الدكتور دينار أن معظم المغاربة والمحللين السياسيين لم ينتبهوا جيدا لخطاب صاحب الجلالة الذي دعا فيه جلالته إلى النموذج التنموي الجديد، والذي كان بمثابة التذكير بمضامين الرسالة المولوية الموجهة إلى الحكومة التي سهرت على إعداد المخطط التنموي سنة 2002 ـ 2004، مما يتبين أن أكثر من 17 سنة لم يتم تطبيق وتنزيل العديد من المضامين الأساسية لهذه الرسالة من بينها العدالة الاجتماعية، تطوير وتحسين مستوى التعليم وغيرها من النقط الأساسية.
وأضاف قائلا: بعد الانتظار الطويل، الذي سئم منه جل المغاربة حث جلالة الملك في خطابه المولوي الأخير، على ضرورة إحداث لجنة من أجل بلورة النموذج التنموي الجديد، وهي لجنة “لن تكون بمثابة حكومة ثانية، أو مؤسسة رسمية موازية؛ وإنما هي هيأة استشارية، ومهمتها محددة في الزمن”، مؤكدا جلالته على طبيعة تركيبتها والتي ستشمل على “مختلف التخصصات المعرفية، والروافد الفكرية، من كفاءات وطنية في القطاعين العام والخاص، تتوفر فيها معايير الخبرة والتجرد، والقدرة على فهم نبض المجتمع وانتظاراته، واستحضار المصلحة الوطنية العليا”.
وأضاف الدكتور دينار، أنه ليس هناك نموذج تنموي جديد لأنه ليس هناك قطيعة مع النموذج القديم، بل هو مكمل لهذا الاخير مع إحداث زلزال سياسي الذي سيجعل منه نموذجا جديدا.
وزاد قائلا: ليست اللجنة هي الوحيدة التي يجب عليها أن تحدث المشروع التنموي الجديد بل يجب انخراط الجميع من رجال أعمال، والجامعات التي تحتضن النقد وحرية التعبير والتي تعتبر مخرجاتها هي الجديرة بإعداد النمو والتنمية، دون أن ننسى مساهمة المجتمع المدني وأهل الدين، لأن هذا المشروع هدفه النمو الاقتصادي والتنمية الشاملة.
وأضح الدكتور دينار، أنه من بين الأعطاب التي سادت النموذج التنموي تتجلى في التضاربات والصراعات بين الفرقاء السياسيين، حيت تطغى عليها الأنانية والمصالح الذاتية أو السياسية، دون مراعاة أن المشروع يهم كافة المواطنين المغاربة.
وفي السياق ذاته، أشار إلى تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي وضح فشل وأعطاب النموذج التنموي الحالي والذي لخصها في عدم قدرة دينامية الاقتصاد الوطني الحفاظ على مستوى مرتفع من النمو، حيث ظلت معدلات النمو خلال السنوات العشر الماضية ضعيفة جدا. أمـا فيما يتعلـق بمنـاخ الأعمـال، فقد نبه تقرير ذات المجلس إلى تراجع المغرب برتبة واحدة في تصنيف مؤشر التنافسية الذي يعتمده المنتدى الاقتصادي العالمي (الرتبة 71)، وفي تصنيف مؤشر ممارسة الأعمال (الرتبة 69)، وأحصى خمسة عوامل شكلت العراقيل الرئيسية التي حالت دون تحسين مناخ الأعمال بالمغرب.