كما هو معلوم ، وعلى هامش الاسبوع البيئي الثالث الذي نظمته مقاطعة زواغة فاس ،تحت شعار التوازن البيئي رهان المدينة المستدامة،في الفترة الممتدة ما بين 22و27دجنبر الماضي ، تم تنظيم ندوة علمية هامة ،تناولت عدة جوانب تتعلق بالمحافظة على البيئة ،وشارك فيها خبراء ومختصون واساتذة مهتمون،هذه الندوة التي تتبعها ممثلون عن الوداديات والجمعيات المتواجدة بتراب المقاطعة،وبحضور السيد عبد الواحد بوحرشة رئيس المقاطعة ، ونايءبه السيد حسن الحسيني ،ومديرة الاسبوع السيدة خديجة اسراطي ،ورؤساء المصالح والاقسام بالمقاطعة وعدد كبير من
وخلال هذه الندوة ،اكد المشاركون على الشعار الذي تحمله هذه الدورة:”التوازن البيئي رهان المدينة المستدامة”،مستحضرين التقديم الذي هو أرضية لهذه الندوة العلمية ،والذي ابدعه الاستاذ عبد الحي الرايس رئيس المنتدى المغربي للمبادرات البيئية ،والذي فاجاته وعكة صحية االزمته الخضوع الى عملية جراحية كللت ولله الحمد بالنجاج، حيث دعا كل المشاركين من منظمين ومحاضربن وجمهور ،الشفاء العاجل لهذا الرجل الذي كرس جهده ووقته في خدمة قضايا البيئة. وفي الكلمة التقديمية لهذه الندوة تم التاكيد على انه ،لم يَعُدِ التوازنُ الْبِيئي مقصوراً على نُشدان تأمين انسياب المياه، وتوفير الظلال، وإضفاء الجمال على المدينة، وإنما صار ضرورة وحتمية، لضمان السلامة البدنية والنفسية، والتنشئة السوية للمقيمين بها والوافدين عليها. ومع تنامي ظاهرة تكاثف البنيان وتلويث الماء والهواء، واشتداد أزمة ندرة المياه، والاحتباس الحراري والتغيرات المناخية التي عصفت بتمايز الفصول، وصارت تفاجئ باشتداد الحرارة وتدنيها، وانهمار السيول وتفاقم أخطارها، صار لزاما على مدبري المدينة وسكانها العملُ يداً في يد من أجل الحفاظ عليها، وتحقيق التوازن البيئي بها. والمدينة تلك الحاضرةُ التي تتسعُ وتتمدَّد، وتتزايدُ أعدادُ السكان بها التماساً للاستقرار والاستفادة من خِدْماتها، إذا تُرِكتْ تنمو لحالها من غير تَحَسُّبٍ ولا تخطيط، اخْتلَّ بها التوازن، وعمَّتها الفوضى، وتكاثرتْ بها الأحياءُ الهامشية والعشوائية، وصارتْ مُهدَّدةً بالترْييف، وانْتفتْ عنها سِمَة التَّمْدِين. لأجل ذلك صار لزاماً على كل مدينة تنْشدُ الاستمرار، وتُقاوم الاندثار، المراهنة ُعلى الاستدامة التي لا تحضرُ كشعار، ولكن كتحَدٍّ ورهان يقتضي فيما يقتضيه: *تحقيقَ التوازن بين المعمار والمساحات الخضراء. *اعتمادَ الطاقة المتجددة، وتأهيلَ النقل الحضري الأخضر. *ترشيدَ استعمال المياه ووقايتَها من الهدْر والتلوث . *تَعدادَ أندية الثقافة وملاعب الرياضة، والتحفيزَ على الاقتصاد الأخضر، والإقامة الخضراء.
*الجامعة والمدرسة الإيكولوجيتين . *حسنَ تدبير النفايات ومعالجتها، والانتقالَ بها من بقايا مُلوِّثة إلى مصْدرِ طاقةٍ وثرْوة. *توفيرَ فضاءاتِ التنقل المُريحِ والآمِن للراجلين والدرَّاجين. ويظلّ التوازنُ البيئي رِهَانَ كلِّ مدينة مُستدامَة تصُونُ تُراثها، وتُشخِّصُ واقعَها، وتتبصَّرُ مَواقعَ خُطاها، تُنافسُ غيرها، وتتجاوزُ ذاتَها بوَعْي ويقظة، وتَحَسُّبٍ وتخطيطٍ ومَسْؤول. انه السياق العام لهذا الاسبوع البيئي ،والذي يشتمل حسب البرنامج المسطر ، في إسهام جماعي لإنجاح عمليات ميدانية، وزيارات استطلاعية، للمنجزات التي حققها المقاطعة خلال هذه السنة والسنوات الماضية في مجال البيئة. ومن اجل التحفيز على الوعي البيئي وممارسته، قررمجلس المقاطعة ، مكافأة احسن ودادية او جمعية تتميز بالاعتناء بالبيئة ،وكذلك احسن مؤسسة تعليمية تغرس في النشىء مبادىء واسس المحافظة على البيئة. بالإضافة إلى تحفيز الاعلاميين للقيام بدورهم في التوعية بالمحافظة على البيئة. المداخلات القيمة للندوة انطلقت ،بخاطرة للأستاذ عبد الحي الرايس،حول البيئة وجماليتها ،وما ابدعه الخالق سبحانه وتعالى في الخلق، من انسان وحيوان ونبات ،واوصى به حفاظا على التوازن والتكامل بين كل مكونات هذا الكون المترامي الاطراف. ،بعد ذلك ، تحدث الدكتور موح الرجدالي ،الاستاذ بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة ،والخبيرالدولي
في المجال البيئي، تحدث عن حوض البحر الابيض المتوسط،واهميته البيئية،والذي تتقاسمه اكثر من 20دولة، وثلاث قارات :اروبا وآسيا وافريقيا،والذي تقطنه ساكنة يفوق عددها500مليون نسمة،اي بنسبة 7/من سكان العالم ،بساحل يمتد على مسافة46000كلم،كما تطرق إلى غنى وتنوع موارده الطبيعية،وضخامة ارثه الثقافي والحضاري،مشيرا الى أن البحر الابيض المتوسط ،يعد ايضا خزانا للتنوع البيولوجي ،حيث ياوي ازيد عن 12000من الاصناف البحرية ، و25000نوعا من الاصناف النباتية ،كما تغطي الغابات 10/من المساحة الإجمالية للمنطقة ،اي ما يعادل 25 مليون هكتار ،بالاضافة الى وجود ازيد عن 1200 منطقة محمية للمحافظة على الاصناف المهددة بالانقراض والتي تغطي مساحة تفوق200000كلم2. كما تطرق المحاضر الى الاكراهات،والتحديات ،والتي أكد على صعوبة حصرها،وذكر البعض منها:
ان اكثر من ثلث الساكتة.
ايما يعادل 180مليون نسمة ، من الساكنة تشكو من شح الماء ،وتستهلك اقل من 1000ل3 ،في السنة،وهو رقم مرشح للارتفاع بقوة في السنوات القادمة، والنقص في التساقطات المطرية في الآونة الأخيرة ،وهو ما ينعكس سلبا على السكان وحياتهم المعاشة، وارتفاع درجة الحرارة والذي تجاوز النسب المقبولة ،وتقلص حجم المناطق الرطبة، والتلوث الذي يطال البحر جراء البواخر التجارية ، والهجرة ،وتكون مادة البلاستيك التي تتسبب بشكل كبير في هذا التلوث.
ودعا المحاضر في الاخير كل القوى الحية لوضع اليد في اليد للتصدي لكل هذه الظواهر ،وبذل المزيد من الجهود لبلوغ الاهداف المتوخاة لضمان حياة كريمة لساكنة كوكب الارض ،وللاجيال القادمة.
من جانبه تطرق الدكتور سعد بنعمرو ،الباحث بجامعة سيدي محمد بن عبد الله في مجالات النباتات ، والبيئة والتنمية المستدامة،بتفصيل عن حديقة النبات بفاس لكونها امتداد لإبداعات التراث في استحضار النبات ، مركزا على العديد من المعطيات والارقام ،التي تبين المخزون النباتي لجهة فاس مكناس معرجا على حديقة جنان السبيل ،كحديقة رائدة في المجال الاخضر والتي كانت متنفسا لساكنة العاصمة العلمية ، والتي تمت إعادة هيكلتها بعد سنوات الجفاف التي عرفتها المدينة ،كما توقف عند الرياضات التي تشتهر بها المدينة القديمة،واستحضر بشكل مميز عالم النبات والاعشاب ،الطبيب والعالم: “الغساني” الذي يحمل اسمه المستشفى المعروف في فاس،ومسح اهم ما جاء في كتابه القيم،والذي خصصه للاعشاب والنبات.
وخلص إلى أن حديقة النبات تلعب ادوارا كبيرة في تحقيق التوازن البيئي بهذه المدينة التي تظل دائما رمزا للتراث الحضاري والثقافي والعمراني .ومن جهتها تحدثت الأستاذة امينة باري عن المؤهلات
الطبيعية لفاس : واقعها وآفاقها،من خلال دراسات علمية معمقة ،صاحبت فيها طلبتها بكلية العلوم بفاس ،التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس ووقفت على التنوع النباتي الذي تزخر به هذه المنطقة ،والتي لاتزال تحتاج الى المزيد من الاستكشاف
من جانبه تحدث الاستاذ ابن كيران عن موضوع هام ومميز ويتعلق بالاهتمام
بالبيئة البصرية في المدينة: تربية ذوق وعنصراستقطاب.
وقد أوصى المشاركون في هذه الندوة الهامة ،بضرورة طبع العروض المقدمة في كتيب ليبقى شاهدا على هذه الدورة ،وارشيفا يستفيد منه الباحثون والدارسون ، وخارطة طريق المستقبل ،خصوصا وان المحافظة على البيئة وصونها اصبح أولوية وطنية ودولية.
وفي نهاية أشغال هذه الندوة ،التي احتضنتها القاعة الكبرى المقاطعة ،في حلتها الجديدة والراءعة التي ابدعها الرئيس ،سلم المنظمون للمؤطرين والشركاء، هدايا رمزية وشواهد تقديرية ، كعربون محبة وتقديرعلى ما قدموه من معارف ومعلومات خلال معالجتهم لكل القضايا المرتبطة بالبيئة.