فاطمة سهلي : طنجة
الجهات المغربية المتحدة هو المشروع الوطني المغربي الوحدوي لبناء مجتمع ديمقراطي لكل المغاربة هي اعطاء الجهوية مضمونها السياسي الحقيقي بناء على تصورات ديمقراطية تستجيب لمتطلبات التنمية في كل أبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية، وتقطع الطريق على الريع السياسي والاقتصادي وعلى استعمال النفوذ والامتيازات.
والجهوية المتقدمة هي تنظيم هيكلي وإداري تقوم بموجبه الحكومة أو السلطة المركزية بالتنازل عن بعض الصلاحيات لفائدة الجهات المكونة للوحدة الترابية للدولة، وذلك لتعزيز التنمية المحلية، وتنشيط التبادل التجاري وتقريب الإدارة والدولة عموما بما تُقدم من خدمات ، عبر صياغة سياساتٍ محلية تنبع من الخصوصية المميزة لكل إقليم على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
والدافع الأهم إلى نهج الجهوية هو إحداث قدر من التوازن التنموي والاقتصادي بين الجهات المشكلة للدولة، وتحفيز التنمية المحلية وتحريرها من عقال المركزية.
وقد نهج المغرب مسارا طويلا ومتدرجا إلى الجهوية بلغ مراحله الأكثر رمزية وأهمية مع إقرار دستور 1992 ثم دستور 1996 الذي مهّد للانفتاح الديمقراطي في البلاد، مع المصالحة التاريخية التي عُرفت في الأدبيات المحلية بالتناوب التوافقي.
منذ إقرار دستور 1992، بدأ الحديث عن الجهوية يشغل حيزا هاما من النقاش العام، وتعززت هذه المكانة بما يعرف محليا بتجربة “حكومة التناوب” التي قادها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وشهدت إقرار قانون تنظيم الجهات في أبريل 1997.
وإذا كانت الجهوية المتقدمة بصلاحياتها الإقتصادية والتنموية خيارا آني واستراتيجي لا مناص منه في تقوية وتعزيز الوحدة الشعبية والترابية ونصرة القضايا الوطنية في إطار مشروع التنمية المندمجة والمستدامة، فإن القطيعة مع التمركز الإداري ومع اقتصاد الريع وسياسة المحسوبية والزبونية من شأنه بناء نموذج تنموي فعال لكل الاقاليم وتهيئ الشروط المادية واللوجيستيكية لبناء المشاريع الكبرى وتوفير الدعم اللازم لها.
إن الجهوية المتقدمة هي مخطط تنموي لتوسيع نفوذ الفاعلين المحليين والاقليميين والجهويين في علاقة وطيدة مع الدولة المركزية، وهذا اعتراف بدور المواطن المغربي في التعبير والمساهمة في الوحدة الوطنية.
لكن الجهوية المتقدمة، وفي غياب تنزيل العديد من القوانين والآليات الأساسية لبنائها، من شأنه إفراغها من محتواها وتحويلها إلى بقرة حلوب.
لقد عانى المغاربة بشان التعامل مع القضية الوطنية، بسبب السياسات الحكومية المتعاقبة،اما الان فان الشروط التاريخية قد نضجت لنشوء الجهات المغربية المتحدة، وهو المشروع الوطني الوحدوي الذي تطمح له المملكة المغربية حكومة وشعبا تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمدالسادس