تحديات البشرية مع فايروس كوبيد19 في 2020

0

فاطمة سهلي : طنجة 

باغت فايروس كورونا المستجد العالم بسرعة تفشيه ولم يعدْ هناك بلدُ بمنأى عن تداعيات هذا الوباء ولم يتوقع العلماءُ في البداية بأنَّ هذا المارد الصغيرالذي خرج من قمقمه لصغر حجمه انه سيغزو القارات البعيدة ويستطيع ان يقطع أوصال المجتمعات وصارت أخبارهذا الفايروس تملا الدنيا وتشغل العالم وطال تأثير الصدمة جميع المرافق الإقتصادية والسياحية والثقافية ولم يقتصر على هذا بل انعكس سلبا على المستوى النفسي لدى الأفراد ووجدت الحكوماتُ نفسها مطالبة بالقيام باجراءات لم تكن في اجندتها ، بعد ما بوغتت بإرتفاع مهول لارقام المصابين بكورنا وإتساع جغرافية إنتشارالعدوى اعلنت على اثره منظمة الصحة العالمية بأنَّ هذا الوباء بات معولماً وتزايد ت المدن الموبوءة وتبدلت سلوكيات الحياة العادية وأصبحت الشوارعُ خالية من المارة وتم إلغاء ممارسة الطقوس والشعائر الدينية في دور العبادة وتم ايقاف الانشطة الثقافية والرياضية وركونت الناس إلى منازلهم وازداد التوتر في التصاعد واصبح لايعلو صوت على صوت كورونا في وسائل الإعلام ناهيك عما يضخُ في الوسائط الألكترونية من اعمال ادبية تتناول الأوبئة الجانحة والهدف من هذا بالاساس هو التخفيف من حدة التوتر بوصفها عاملاً مساعدا لإستعادة التوازن النفسي وتذكيرالبشرية من ضرورة الإنخرط في هذه الحرب الضروس ضد هذا الوباء والأمراض المميتة وان كسب هذه الجولةً ولو بخسائر فادحة سيمكن من بناء حضارة جديد ة لتبدأ دورة الحياة الطبيعية فكل شيءِ يحدث الان انما كان يحدث هكذا فيما مضى وسيظل يحدثُ هكذا في المستقبل وهو ما زاد من اكتساب مناعة الإنسان عبر الازمنة في تحمل التقلبات البيئية والقدرة على التأقلم مع الظروف واثباث تمكنه من تحويل العوائق إلى أرادة لإنجاز المزيدٍ من التطورلان الضربة التي لاتميت فانها تقوي .

ومع هذا الوافد الغريب يتابع المواطنون المعلومات التى تنشر بشأن تطورات مرض كورونا عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الإجتماعي ولاتكف كل الجهات المعنية من التأكد على ضرورة التمسك بالتعلميات الطبية ولكن هل يكفي التدجج بالكمامات والسترات الطبية وإستخدام المعقم لمواجهة الفايروس نعم كل ذلك قد يحمي من الإصابة بالعدوى لكنَّ ماذا عن المخاوف التي تغزو الأعماق وتصعدُ من حدة الإنفعالات؟ اذ ليست الأشياء ما يكرب الناس ولكن ما يتسبب في حزنهم هو أفكارهم عن الأشياء ومن هنا يبدأُ دور طب العقول فلا تنفع الوصفات الطبيبة في معالجة الشعور بالسأم من الترقب وتكرار المشاهد علماً بأنَّ الإنسانَ هو الكائن الوحيد الذي قد يشعرُ بالملل ولايريدُ أن يكونَ ماهو عليه . اذن فكيف يكونَ ردُ الفعلِ إذا تطلبَ الموقف أن تفرض حجراً صحياً على نفسنا ؟ طبعاً لاتوجدُ عقاقير للتخلص من الملل لذلك من الأفضل أن نتقبل قدرنا بالتجلد فالحكمة تكمنُ في قدرتنا على أن نفرق بين الأشياء ما يمكنُ ان نغيرهُ وما يقعُ خارج قدراتنا فبالتأكيد انَّ منع إنتشار الوباء أمر يفوق قدرة العلماء فما بالك بمن ليس له دراية بالطب.

إذاً علينا أن نقتنعَ بمبدأ ان كل مايحدثُ في الواقع هو منطقي وفهمنا للحياة يزداد تعمقا كلما شعرنا بأننا نعيش في الخطرومعرفة الحياة تزداد عندما نكون على وشك فقدانها والمرضُ أول شيء يهدي سواء السبيل .

وقد كان المرض والالم دائما مصدر إبداع وكل تعافٍ هو إحياء بهيج وتجديد للنشاط العقلي وتذوق جديد كما ان الإستعداد للموت واستحضاره بانه مصير حتمي والايمان بان كل ما ينشأُ سيصيبه الفناء سيكون دافعا للتأمل والتفكير وإدراك الصراع بين الرغبة في البقاء لها مقابل اخر الا وهوالوعي بالنهاية

ان الإنسان كيفما تكن أفكاره المعتادة فان الإنطباع حول الأشياء يتشكل بناء على منهجه في التفكير والسلوك العقلاني والإشتغال على تحرير الذات من الإنفعال وإكتساب المناعة من المؤثرات الخارجية والعقل الخالي من الإنفعالات هو قلعة ليس ثمة ملاذ للناس أقوى منه وتنمية القدرة على العيش في هذا العالم الذي هو مأوانا المؤقت. لقد كان العامل الجغرافي يحول دون التواصل بين المجتمعات في السابق ولكن الإنسان نجح في قهره من خلال وسائل النقل التي تطورت بالتدرج وكانت الأوبئة والأمراض مصدر تهديد للحياة في العصور المنصرمة ولكنها بفضل المدنية الحديثة ماعادت تشكلُ تحدياً أو خطراً في زمننا ومع كل إختبار صعبٍ يفتح أفق جديد للتطور

وفي زمن خطرالمصافحة نتمنى ان تتراجع مخاطر نشوب الحروب وتتضافر الجهود لمحاربة العدو الذي وضع الجميع أمام سؤال المصيروالتعامل مع هذه الحالة باعتبارها فرصة للتأمل وإعادة النظر بنمط عيشنا لأن الحياة دروس وعبروالعبرة لمن اعتبر .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.