خواطر وهمسات الْفَرْدُ في المُجتمع
نِتَاجُ تنشئته، ولَبِنَةٌ من لَبِنَاتِه، يأتي إلى الحياة بلا حول ولا قدرة، وفي مجتمعه يشتدُّ ويَقْوَى، وعلى قَدْرِ التعهُّد والرعاية، يأتي الْحَصَادُ بِالْهَشِيمِ أو جَيِّدِ الْغَلَّة.
وفي الأثَر أن عمرَ بنَ الخطاب أنشأ في خلافته الدواوين، وأمر بتخصيص دفاترَ يُدَوَّنُ فيها اسمُ كلِّ مَوْلودٍ في الأمَّة، ليرْصُدَ له من بيت مال المسلمين ما يُؤمِّنُ له التنشئةَ الصالحة، والحياةَ الكريمة.
وهكذا يكونُ على المجتمع أن يُعْنَى في البدْءِ بالتنشئة السويَّة للأفراد، سائرِ الأفراد بدون استثناء، عبر الأسرة والمدرسة في مراحلها المتتالية، مُعدِّداً أمامهم الْفُرَص لتحصيل الكفايات، وتحقيق الذات.
ثم يصيرُ على كُلٍّ أن يَرُدَّ الدَّيْنَ، ويُدْليَ بدلوه في بناء المجتمع، والذَّوْدِ عن وحدته، وتسريع وتيرة تنميته.
وفي ذلك يتنافسُ الأفراد، فهم ليسوا في تخصصاتهم ومؤهلاتهم سواء.
وإذا كان الصغارُ بحاجة إلى تربية ورعاية، فالكبار مدعوون إلى عزم وإرادة، وإنتاج وريادة، وكلٌّ في مجاله، يُسْهم بأفضل ما لديْه.
وتجدُ الأفراد مما عندهم يُنفقون، وفي العصامية واستكمال التكوين ومواصلة الطموح يتفاوتون ويتمايزون.
ولا حُدودَ لذلك، فمنهم من يقنع بما لديْه، ويستكينُ إلى الحياة الهنية، يستطيبُ الفراغ، ويتلهَّى في انتظار المساء.
ومنهم من يَشْغلُ بَالَهُ بغيْره، وقضايا أمَّته، فيهُبُّ لمساعدة المحتاج، ويُغْرقُ نفسه في البحث والإنتاج، يَجُودُ بما لديْه من علم، ويُنفقُ ما عنده من مال.
وفَخْرُ الأمَّة: شبابٌ مُبدعون، وأُطُرٌ مُتفانون، ومُنتجون مُخلصون، وفقراءُ عصاميُّون، ومُعاقون بالخِلْقة، أو ضحايا حادثة، أبَوْا أن يسْتسلموا لإكراهات الإعاقة، فانتزعوا البطولات، وحققوا المعجزات، مما يقومُ شاهداً على أن الإنسان إذا استمات نال، وإذا قرَّرَ فَعَل، وكلُّ مَنْ سار على الدَّرْب وصَل.
عبد الحي الرايس
18/04/2020