خواطر وهمسات كَمْ حَاجةٍ قضيْناها
بِمُواجهتها، والاجتراءِ عليها، وحُسْنِ تدبيرها، لا بِتَهيُّبِها، وترْكِها، وتعْلِيقِها.
فالعالقون هنا الْمُبعَدُون عن أبنائهم، وأُسَرِهِم، وأعمالِهم، ومصالحِهم، وملفاتِ علاجهم هُناك .
والعالقون هناك المقْصِيُّون عن ذويهم، ومصادر عيْشهم، ومواطن استقرارهم هُنا .
كلُّ هؤلاء أمْلَى هاجِسُ الاحتراز من كورونا إبقاءَ كُلٍّ منهم حيث يُوجَد، حَيْلولةً دون تفشِّي الْوَبَاء.
ولو أن هذا كان نَهْجَ جميع الأوْطان لَجَازَ القولُ بأن المصيبة إذا عَمَّتْ هانتْ.
ولكنَّ الذي حَدَثَ ويَحْدُثُ أن العديدَ من الدول دبَّرت أمْرَ استرْجاع مواطنيها وحاملي جنسيتها حفاظاً على كرامتهم، وأمْنِهم الصحي والنفسي والمادي، وعلى سُمْعتها قبل هذا وذاك.
وإذا كان مَنْطقُ التِّقِيَّةِ والْحَذَرِ وارِداً، فإن المبالغة في ذلك إلى حَدِّ الإغلاق الكامل للباب، والتمادي في الإرجاء، يُضِرُّ بالبشر، ويُسِيءُ إلى سُمعة الوطن.
وقد كان للمغرب سَبْقٌ حين يَسَّرَ مَلِكُ البلاد استقدامَ الطلبة العالقين في “ووهان”، فَلِمَ لا تنسُج الحكومة على نفس المنوال، وتُعِدُّ العُدة للاستقبال، بكل ما يتطلب الأمر من تدابير النقل والاستقبال والفحص واليقظة والاحتراس؟ !
وفي الأثر: “إذا هِبْتَ أمراً فَقَعْ فيه، فإن شِدَّةَ تَوَقِّيكَ له شرٌّ من الوقوع فيه”
الجائحة فيما يبْدُو لن تنْجليَ في الْمَدَى المنظور، والتمادِي في إرجاءِ ملفِّ العالقين فيه إساءةٌ وإِضْرَار، وخيْرٌ من ذلك إسنادُ الأمر إلى جهاتٍ مسؤولة تُعْنَى بالملف في الداخل والخارج لتتولى تدبيرَهُ بنزاهةٍ وموضوعية، فتُرتِّبَ ـ حسب الأحقية والأولوية ـ لائحة الإرسال والاستقبال، وتفتح نافذة الأمل، وترُدَّ الاعتبار لسمعةِ البلاد، وكرامةِ الإنسان .
عبد الحي الرايس
20/05/2020