خواطر وهمسات رِجَالٌ أفذاذ
تشبعوا بالقيم، وهامُوا بحب الوطن، كانوا طلائعَ النضال، يستميتون ولا يتخاذلون، يشمَخُون ولا يَذِلُّون، إن أغريْتهم زهِدُوا، وإن أسَرْتَهم صمَدوا، وإن استصرختهم جادُوا بالغالي والنفيس، وتجندوا لكل نضال وتحرير، وتعبأوا لكل بناء وتشييد.
مواقفهم تُنبئ عنهم، ورصيدُهم يُعرِّفُ بهم، وأسماؤهم تسْطع نجوماً في السماء، وأقوالُهم يستنير بها الحكماء، والحكايا عنهم تَرْوِي سِيَرَ الأفذاذ الشرفاء .
إن غاب الواحد منهم ورحل، ذكَّر بأسماء أصفيائه ممن خَلًّفُوا أطيب الذكرى، وأعمق الأثر.
وهم جديرون بأن يكونوا مثالا يُحتدى، ومناراً به يُهتدى
ولن يصنع مجدَ الأوطان غيرُ مترسِّمي خطاهم من عاشقي بهاها، المتشبعين بهواها.
وتلكم رسالة الفن الملتزم، والإعلام المتميز، ، فهما مدعوان لنقل سيرة السلف الصالح، عسى أن يتشبع بها الْخَلَفُ الماجد، فتبُثُّ فيه قِيَمَ الإخلاص والوفاء، وتُعْلي لديه شأن حب الأوطان، وتُلهمُه الترفُّعَ عن الزيف والبهتان.
في كل المراحل، وفي كل المواقع، ظلوا أصحابَ مواقف، لا يَحيدون عنها ولا يتزحْزحُون، كان الإبَاءُ لهم جِبِلَّةً بها يَحْيَوْن، وعنها يَصْدُرون، ببساطتهم يتميزون، وعلى عهدهم يُقيمون، فإذا لحقهم حَيْفٌ أو أصابهم ضَيْمٌ صاروا في المواقع يزهدون ، وعن كرامتهم لا يتنازلون.
تتلاحق أسماؤهم، وتنثال على الخاطر أطيافُهم، هالة المجد تحُفُّهم، وشموخ النضال يرفع قدرهم، وسمو الروح يُعْلِي شأنهم، فطوبَى لهم.
ومهما طال الأمد، فبَريقُ المواقع ينقشع، ونَشَبُ الحياة يتبدَّد، وزيْفُ الممارسات ينكشف، ولا يعلق بالبال والوجدان غيرُ صدق المواقف إذ يدوم ولا يزول، ويظل رصيداً وإرثاً ثميناً على مَرِّ الأحقاب وتتالي الْعُصُور.
عبد الحي الرايس
29/05/2020