جواب رئيس الحكومة الدكتور سعد الدين العثماني
السؤال المحوري:
“الخطة الحكومية في أفق رفع حالة الطوارئ الصحية”
فهرس
توطئة 3
أولا- خطة الحكومة لتدبير حالة الطوارئ ما بعد 10 يونيو 5
I. حالة الطوارئ الصحية وتدابير الحجر الصحي 6
II. الوضعية والمؤشرات الوبائية 7
III. الوضعية الاقتصادية والاجتماعية 8
IV. مدى تحقيق الشروط الأساسية للتخفيف 10
V. الخلاصة 15
VI. البعد الترابي وتصنيف الأقاليم والعمالات 17
VII. تفاصيل إجراءات التخفيف في المرحلة الأولى 18
VIII. المراحل المقبلة من تخفيف الحجر 21
ثانيا-التوجهات الأساسية لتدبير المرحلة المقبلة 22
I. دعم الاقتصاد الوطني 23
II. تدابير ذات طابع اجتماعي 26
III. استئناف نشاط المرافق العمومية 27
خاتمة 28
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السيد رئيس مجلس النواب المحترم،
السيدات والسادة النواب المحترمين،
توطئة
أود في البداية أن أشكر السيدات والسادة النواب المحترمين على تفضلهم بطرح هذه الأسئلة في موضوع ” الخطة الحكومية في أفق رفع حالة الطوارئ الصحية”، والتي تأتي في إطار استمرار تواصل الحكومة مع البرلمان، ومن خلاله مع الرأي العام الوطني، حول الوضعية الاستثنائية التي تجتازها بلادنا، والمجهودات التي تقوم بها، في إطار المهام والمسؤوليات التي تضطلع بها، لمواجهة هذا الوباء وتداعياته.
وتأتي هذه الجلسة مباشرة بعد إعلان الحكومة عن الشروع في تخفيف تدابير الحجر الصحي، مع تمديد حالة الطوارئ الصحية.
وبهذه المناسبة، لا بد من الإشادة مجددا بالتلاحم والتعبئة الوطنيين لكافة مكونات الأمة، وبتكامل عمل المؤسسات وتعاونها، في احترام تام لمبادئ دولة الحق والقانون، وتحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، وإشرافه المباشر والمستمر، مما مكن من إنجاح تدبير هذا المرحلة الدقيقة، وتحقيق إنجازات نوعية على جملة من الأصعدة.
لقد بلورت الحكومة رؤية ناظمة متكاملة لتدبير هذه الأزمة، كما راهنت على الإنصات لمختلف مكونات المجتمع، وقامت منذ بداية حالة الطوارئ الصحية، باتخاذ وتنزيل عدد من التدابير والإجراءات لمواكبة المقتضيات المرتبطة بهذه الوضعية والتخفيف من آثارها الاجتماعية وتداعياتها الاقتصادية.
واسمحوا لي في هذا المقام أن أتوجه إلى السادة الوزراء، ومن خلالهم إلى مسؤولي وأطر القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، بالتحية والتقدير على المجهود والعطاء الاستثنائي الذي أبانوا عنه خلال هذه المرحلة، بحس جماعي ونكران الذات، مغلبين مصلحة الوطن والمواطنين على كل اعتبار.
إن الحكومة تشتغل في جو من التنسيق والتكامل بين كافة أعضائها، حيث أن التفكير والتخطيط يتمان بشكل جماعي، بينما يقوم كل قطاع بالتنزيل والتنفيذ في مجال اختصاصه. كما التزمت الحكومة في جميع المحطات بنهج الشفافية والتواصل المستمر بشأن القرارات بمجرد اتخاذها، ولا يضيرنا في ذلك من أعلن عنها من أعضاء الحكومة.
وبالتالي فإن نجاح الحكومة نجاح جماعي، وهو معتبر ولا شك. وفي نفس الوقت، فإن ما قد يعتري أداءها من قصور، تتحمل مسؤوليته مجتمعة. وكلنا آذان صاغية من أجل التدارك والتجويد.
ونحن الآن بصدد محطة أخرى للتواصل مع المؤسسة التشريعية الموقرة، ومن خلالها مع الرأي العام الوطني. وبهذه المناسبة، أود التأكيد بأننا في لحظة فاصلة في معركتنا ضد الجائحة، تستوجب مواصلة التعبئة الشاملة وفق رؤية ناظمة وواضحة لكيفية تدبير المرحلة المقبلة، محافظين جميعا على نفس روح التلاحم الوطني، لترصيد المكاسب التي حققتها بلادنا، والتطلع إلى المزيد من الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية، مع تفادي أي انتكاسة لا قدر الله.
كما أود التأكيد على أن الحكومة، من جهتها، معبأة بجميع قطاعاتها، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك حفظه الله، لمواصلة اتخاذ كل ما يلزم من تدابير وقرارات وإجراءات لمواجهة التحديات التي تفرضها المرحلة المقبلة، بنفس العزيمة والإصرار اللذين طبعا عملها منذ بداية الأزمة.
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة، خصصت منذ ثاني مارس الماضي، أكبر حيز في الاجتماعات التسعة عشر (19) لمجلسها لتتبع الوضعية الوبائية، واتخاذ التدابير التشريعية والتنظيمية اللازمة للحد من انتشار الوباء والتخفيف من تداعياته الاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
كما حضرت، بصفتي رئيسا للحكومة، ست (06) مرات أمام مجلسكم الموقر لمناقشة هذا الموضوع، إما بمناسبة الجواب على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة في إطار الفصل 100 من الدستور، أو للإدلاء ببيانات في إطار الفصل 68 من الدستور.
هذا إلى جانب الحضور المستمر والمتواصل للسيدات والسادة الوزراء، خصوصا الذين لهم ارتباط وثيق بتدبير جائحة كورونا، إما في إطار جلسات الأسئلة الشفوية أو في إطار اجتماعات اللجن النيابية لتقديم توضيحات وأجوبة.
وهي مناسبة للتنويه والإشادة بالحيوية التي ميزت أداء مؤسستكم الموقرة في هذه الظرفية الاستثنائية، في إطار اضطلاعها بمهامها التشريعية والرقابية.
وسأعرض فيما تبقى من الجواب خطة الحكومة لتدبير حالة الطوارئ ما بعد 10 يونيو، والتوجهات الأساسية لتدبير المرحلة المقبلة، دون الخوض في التفاصيل القطاعية التي سيتطرق لها السيدات والسادة الوزراء أمامكم، إما بمناسبة جلسات الأسئلة الشفوية، أو بمناسبة اجتماعات مختلف اللجان.
أولا- خطة الحكومة لتدبير حالة الطوارئ ما بعد 10 يونيو
لئن كانت الإجراءات والتدابير الاستباقية والاحترازية التي اتخذتها بلادنا في الوقت المناسب، ساهمت في تفادي اتساع دائرة العدوى، ومحاصرة الوباء، فإنها تضع على عاتقنا جميعا مسؤولية جسيمة في تدبير المرحلة المقبلة، من أجل تثمين المكتسبات التي حققتها بلادنا بفضل جهود الجميع، وفي نفس الوقت إطلاق مرحلة جديدة تقدم أجوبة للإكراهات الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة، وتستجيب لانتظارات المواطنات والمواطنين بتمكينهم من استعادة أنشطتهم وحياتهم الطبيعية، وتستشرف دينامية تنموية جديدة.
I. حالة الطوارئ الصحية وتدابير الحجر الصحي
إن حالة الطوارئ الصحية، المنظمة بموجب المرسوم بقانون رقم 2.20.292، هي الآلية القانونية المؤطرة لكافة التدابير المتخذة من طرف السلطات العمومية، لحماية المواطنين من جائحة كورونا، والتخفيف من آثارها الاقتصادية والاجتماعية؛ في حين أن الحجر الصحي ما هو إلا أحد الإجراءات التي تندرج في إطار حالة الطوارئ الصحية، والذي قد يتضمن مقتضيات تختلف من مرحلة لأخرى، بحسب تطور الوضعية الوبائية.
وبفضل الله تعالى، وجهود الجميع، ووعي وانخراط المواطنين، فقد مكنت فترات حالة الطوارئ الصحية الثلاث، الممتدة من 20 مارس إلى 10 يونيو، من تحقيق جل الأهداف المتوخاة من إقرار تدابير الحجر الصحي، سواء تعلق الأمر بالتحكم في الوضعية الوبائية، أو الحد من انتشار الفيروس، أو التقليل من حدته، أو تفادي عجز المنظومة الصحية عن مسايرة الوضعية الوبائية، بالإضافة إلى التقدم في توفير الشروط التي التزمنا بالعمل على تحقيقها.
كما أن حالة الطوارئ الصحية لم تكن تعني في أي وقت وقف عجلة الاقتصاد، بل اتخاذ تدابير استثنائية لتقييد الحركة وتنظيمها، وفقا لما ورد في عدد من البلاغات الرسمية الصادرة منذ 20 مارس الماضي. ولذلك ما فتئت أدعو المقاولات والأنشطة الصناعية والتجارية والخدماتية المعنية، بما في ذلك يوم 18 مايو أثناء الاجتماع المشترك لغرفتي البرلمان، إلى مباشرة أنشطتها دون انتظار أي بلاغ أو قرار خاص، وهذا ما أكده السيد وزير الاقتصاد والمالية يوم 19 مايو أمام مؤسستكم التشريعية الموقرة.
لقد كنا قبيل موعد 20 مايو، أمام وضعية وبائية، نسبيا تحت السيطرة، ولكنها كانت تعرف بعض المظاهر المقلقة، كما أن بعض المؤشرات الوبائية كانت دون المستويات المرجوة. وبالمقابل، كنا أمام وضعية اجتماعية واقتصادية ومجتمعية ضاغطة. وعند الترجيح، الذي لم يكن سهلا، تحملنا مسؤوليتنا ورجحنا الجانب الصحي، واتخذنا قرار تمديد حالة الطوارئ الصحية مع الإبقاء على نفس المستوى لتدابير الحجر الصحي وقيود تحرك المواطنين.
كما أعلنت الحكومة في نفس الوقت عن تصور متكامل، وفق مبادئ محددة، وشروط واضحة، وتدابير عامة وقطاعية مضبوطة، لإعداد تخفيف آمن وتدريجي لتدابير الحجر الصحي، كما أعلنا عن برنامج إجرائي، غني وشامل، لتنزيل هذه الخطة، والإعداد لمرحلة ما بعد 10 يونيو، ومنذ ذلك الحين وجميع القطاعات منكبة على تنفيذ ما تم الإعلان عنه والإعداد لهذا الموعد الجديد.
وكما يعلم الجميع، فقد اتخذت الحكومة في اجتماعها يوم أمس 9 يونيو قرار “تمديد حالة الطوارئ الصحية لغاية 10 يوليوز 2020 على الساعة السادسة مساء، مع البدء منذ يوم 11 يونيو في التخفيف التدريجي لتدابير الحجر الصحي عبر مراحل.”
وقد اتخذت الحكومة هذا القرار بكل مسؤولية، وبعد إنصات وتشاور واسعين، ودراسة وإعداد جديين، وسأعرض فيما يلي حيثيات وتفاصيل هذا القرار.
II. الوضعية والمؤشرات الوبائية
تشير الحالة الوبائية يومه الأربعاء 10 يونيو على الساعة العاشرة صباحا، إلى ما مجموعه 8455 إصابة مؤكدة، في حين بلغ إجمالي عدد الوفيات مع الأسف 210 حالة، وبهذه المناسبة نجدد الترحم عليهم ونسأل الله لذويهم الصبر والسلوان، فيما تماثل للشفاء 7496 من المصابين، وهو ما نحمد الله تعالى عليه، كما نسأل الله الشفاء العاجل لباقي المصابين. كما تم استبعاد ما مجموعه 343785 حالة بعدما بينت التحاليل المخبرية خلوها من الفيروس بشكل تام، فيما يبلغ العدد الإجمالي للحالات النشطة 749 حالة.
كما تشير المؤشرات الوبائية ببلادنا، إلى أن الحالات الخفيفة أو عديمة الأعراض تمثل 92.5٪ من مجموع الإصابات، فيما 4.9٪ من الحالات معتدلة، وعدد الحالات الحرجة التي تتطلب الإنعاش والعناية المركزة يمثل 2.5٪ فقط من مجموع الإصابات.
من جهة أخرى، فإن مؤشرات حدة الوباء، من حيث نسبة الإماتة، ونسبة الحالات التي تستلزم العناية المركزة، هي أقل من المتوسط الدولي. وقد يكون مرد هذا الأمر إلى تأثير المناخ، أو معدل السن، أو لأسباب وراثية، أو بسبب تحول طرأ على الفيروس.
غير أنه، وبالنظر إلى محدودية المعلومات التي تتوفر لدينا، ولدى الإنسانية جمعاء بخصوص هذا الوباء، فإنه من الصعب للغاية الجزم بأجوبة عن حقيقة تفسير هذا المعطى، وهو ما يبرر الإبقاء على الحيطة والحذر تجاه هذا الفيروس.
خاصية أخرى لانتشار الوباء ببلادنا، تتعلق بالتفاوت الكبير بين مناطق وعمالات المملكة، وكذا باستمرار ظهور بؤر لانتشار الوباء بطريقة متكررة في أوساط عائلية، وأخرى مهنية أو صناعية، مما يستدعي منا أيضا مضاعفة الحذر. كما أن بعض أقاليم وعمالات المملكة ما تزال تشكل مصدر قلق، من حيث عدد الإصابات اليومية، أو توالي بروز البؤر الوبائية هنا وهناك.
وبخصوص المؤشرات الوبائية التي تراعى عادة لاتخاذ تدابير تخفيف الحجر الصحي، والتي سبق أن ذكرتها يوم 18 مايو، من معدل التكاثر (Rt)، ونسبة الفتك تبلغ حوالي 2.5% وطنيا، ونسبة الحالات الخطرة والحرجة تبلغ حوالي 2.5% وطنيا، ونسبة استغلال وحدات الإنعاش حوالي 1%، فإنها تستجيب لجل المستويات التي حددناها قبل إجراء أي تخفيف، باستثناء نسبة التكاثر في بعض الأقاليم والعمالات، وكذا البروز المتكرر لبؤر وبائية.
إذن فالوضعية الوبائية ببلادنا، متحكم فيها، وتسير من حسن إلى أحسن، وهو ما سمح لنا بالبدء في تخفيف تدابير الحجر الصحي، لكننا لم نسلم بعد من بروز الوباء هنا وهناك. وبالتالي فإن رفع الحجر الصحي، لابد أن يكون محصنا بقدر كاف من الحيطة والحذر، ولا سيما من خلال الإبقاء على الإجراءات الاحترازية الجماعية والفردية، مع مراعاة الخصوصيات الترابية.
III. الوضعية الاقتصادية والاجتماعية
كما تعلمون، فإن المغرب -كباقي دول العالم-تأثر بالتداعيات السلبية لجائحة كورونا على المستويات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، إذ تضررت العديد من القطاعات الحيوية على إثر فرض حالة الطوارئ الصحية، كما أدت الأزمة إلى اضطرابات على مستوى سلاسل الإنتاج والتوريد، بالإضافة إلى تراجع المداخيل من العملة الصعبة.
مما انعكس سلبا على مجموعة من المؤشرات الماكرو-اقتصادية، بما فيها معدل البطالة، من جراء التوقف الكلي أو الجزئي لنشاط عدد من المقاولات (حوالي 136 ألف مقاولة، ما يشكل حوالي ثلث المقاولات/ و960 ألف أجير في وضعية عطالة تقنية، ما يشكل حوالي ثلث الأجراء المصرح بهم لدى صندوق الضمان الاجتماعي).
كما سجلت الصادرات تراجعا بأكثر من 60 في المائة مقابل حوالي 40 في المائة بالنسبة للواردات. وقد هم تراجع الصادرات، على الخصوص، القطاعات المرتبطة بسلاسل القيمة العالمية، كقطاع السيارات، والطيران، والإلكترونيك، والنسيج والألبسة.
كما عرفت عائدات القطاع السياحي انخفاضا ملحوظا يقدر بنسبة 60 في المائة إلى متم شهر أبريل 2020، بالموازاة مع تسجيل انخفاض على مستوى تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، وتراجع إيرادات الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 26 في المائة خلال نفس الفترة.
ومن المتوقع أن يترتب عن هذه التطورات انكماش مهم للناتج الداخلي الخام هذه السنة، علما أن الاقتصاد الوطني يتكبد خسارة تقدر بمليار درهم عن كل يوم من الحجر الصحي، بالإضافة إلى نقص في مداخيل الخزينة يقدر ب500 مليون درهم في اليوم الواحد.
ولقد نتج عن هذه الوضعية انعكاسات اجتماعية سلبية بسبب تدني دخل فئات عريضة من الأسر، واحتمال فقدان مناصب الشغل في العديد من القطاعات الإنتاجية، مما سيؤثر سلبا، ونحن واعون بذلك، على القدرة الشرائية لشرائح واسعة من المواطنين.
هذا، فضلا عن الانعكاسات النفسية والمجتمعية التي سببها الحجر الصحي، بالإضافة إلى استفحال الحالات الصحية لبعض من يعانون من أمراض مزمنة.
وهذه كلها اعتبارات ساهمت في اتخاذ قرار التخفيف الذي أعلنت عنه الحكومة يوم أمس.
IV. مدى تحقيق الشروط الأساسية للتخفيف
للتمكن من تخفيف تدابير الحجر الصحي، كان لزاما العمل على توفير الشروط التي سبق أن عرضتها أمامكم يوم 18 مايو الماضي، والمتمثلة في تقوية المنظومة الصحية، ورفع قدرة التحاليل المخبرية، وتقوية القدرة على تتبع الحالات، والتوفر على دلائل استئناف الأنشطة المهنية والاقتصادية.
1. تقوية المنظومة الصحية
للانتقال إلى مرحلة تخفيف الحجر الصحي، كان من اللازم تأهيل منظومتنا الصحية الوطنية، ليس فقط لاستقبال عدد الإصابات ىالفيروس في ظروف الحجر الصحي، بل أيضا لتحمل ارتفاع حالات الإصابة المحتملة والناتجة عن إجراءات تخفيف الحجر الصحي، بالإضافة إلى الاستمرار في توفير العلاجات الضرورية للحالات المرضية الأخرى.
وفي هذا الإطار، عملت الحكومة على الرفع من قدرات المنظومة الصحية من خلال جملة من التدابير:
• فيما يخص العزل العلاجي (L’isolement thérapeutique): عبأت وزارة الصحة 46 مستشفى في بداية الوباء لعزل المرضى، تم توسيعها لاحقا إلى 72 مستشفى، وتخصيص11 مركزا استشفائيا من بينها بالكامل لمرضى كوفيد-19؛
• تعبئة ما مجموعه 13.456 سريرا للعزل للتكفل بحالات الاستشفاء لمرضى كوفيد-19بمختلف المصالح الاستشفائية بالمملكة؛
• بالنسبة للتكفل داخل مصالح الإنعاش: تم تخصيص 642 سريرا للإنعاش للحالات الحرجة على صعيد المراكز الاستشفائية بمختلف أصنافها، بالإضافة إلى الاستفادة من الطاقة السريرية للمستشفيات العسكرية، وبعض المصحات الخاصة المشاركة في الجهود الوطنية لمواجهة الوباء؛
• تطوير ابتكار مغربي خالص لأجهزة التنفس الاصطناعي، التي ستساهم في تقوية منظومتنا الصحية، سواء على مستوى الإجراءات الاستباقية، أو على مستوى الاستشفاء والتكفل بالحالات؛
• تتبع وإعادة ضبط مخزون الأدوية واللوازم الطبية للحفاظ على “المخزون الأمني” من هذه المواد الحيوية بالمستشفيات العمومية، استعدادا للتكفل بالحالات الوافدة طلبا للعلاج؛
• وضع مخطط لإعادة انتشار الأطقم الطبية والصحية الذين تم تجنيدهم في إطار فرق التدخل في الأنشطة الصحية المتعلقة بكوفيد-19، بالموازاة مع التتبع الدقيق والصارم للحالة الوبائية، تجنبا لأي موجة انتشار جديدة للوباء والحفاظ على مسار كوفيد-19 داخل المستشفيات المعنية.
2. رفع قدرة التحاليل المخبرية
لقد حرصت بلادنا على توسيع القدرة على اختبار من يعانون من أعراض الوباء، حتى يكون اكتشاف الحالات الجديدة سريعا وتتبع مخالطيهم ناجعا.
لذلك، عملنا على الرفع التدريجي من قدرات منظومتنا الصحية، لننتقل في بداية تدبير الوباء، من حوالي ألف اختبار يوميا، وبثلاثة مراكز للاختبارات فقط، لنصل حاليا إلى تعبئة 24 مختبرا وطنيا، ورفع عدد التحاليل المخبرية للكشف عن الفيروس إلى 17500 يوميا.
وفي هذا السياق، لابد من الإشادة بالكفاءات العلمية المغربية، التي تمكنت من تصميم طقم (Kit) تشخيصي للفحص عن “كوفيد-19” يعتمد على تقنية “PCR” مصنوع 100 في المائة بالمغرب، حيث خضع للاختبار والمصادقة من طرف المصالح المختصة، وسيتم العمل على إنتاج ما يلبي الحاجيات الوطنية في هذا المجال.
وفي هذا السياق، يجدر التنويه بالمبادرة الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، المتعلقة بدعوة أرباب المقاولات المغربية إلى القيام بعملية تشخيص مكثفة في إطار تشاركي لتدبير جائحة كوفيد-19، وتعليمات جلالته السامية لوزارة الصحة لوضع مواردها المادية والبشرية رهن إشارة الاتحاد العام لمقاولات المغرب من أجل إطلاق حملة وطنية لتشخيص وباء كوفيد-19، في صفوف مستخدمي مقاولات القطاع الخاص، مع مراعاة عامل الاختلاط والخصائص والإكراهات الصحية المرتبطة بأماكن العمل، وهي التعليمات الملكية السامية التي تعكس حرص جلالته على ضمان استئناف الأنشطة الاقتصادية بشكل آمن، وفي أفضل الظروف.
3. تقوية القدرة على تتبع الحالات
يقتضي تخفيف تدابير الحجر الصحي الرفع من قدرة بلادنا على المراقبة الفعالة وتتبع جميع الحالات المؤكدة ومخالطيها بطريقة ناجعة وسريعة.
وفي هذا السياق، عملت وزارة الصحة ووزارة الداخلية على تطوير تطبيق معلوماتي للإشعار وتتبع الحالات المحتملة، يحمل اسم “وقايتنا”. ويأتي هذا التطبيق دعما لنظام تتبع مخالطي الأشخاص المصابين، ولتمكين منظومتنا الصحية من تحديد هؤلاء المخالطين والتكفل بهم قبل ظهور الأعراض عليهم، وتفادي انتقال الفيروس وتفشيه.
وأشير هنا إلى أن هذا التطبيق مغربي محض، تم تطويره من طرف فريق مغربي وبمشاركة تطوعية لمجموعة من المقاولات الوطنية الناشئة. كما أن معالجة المعطيات المضمنة به تحترم مقتضيات القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، وتم الترخيص لها من قبل اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي.
وبهذه المناسبة، أهيب بكافة القطاعات الوزارية والمؤسسات والمقاولات العمومية والهيئات والمؤسسات الدستورية والمقاولات الخاصة، للتعريف بهذا التطبيق بكافة الوسائل المتاحة، وتحسيس الموظفين والأعوان والمستخدمين بأهمية تحميله.
كما أهيب بكافة المواطنات والمواطنين إلى تحميل هذا التطبيق، اعتبارا لأهميته كوسيلة احترازية واستباقية، ووقائية جماعية، لاحتواء العدوى وتفادي تنقل الفيروس وظهور البؤر.
يشار إلى أن هذا التطبيق تجاوز “مليون” تحميل بعد أيام من إطلاقه بشكل رسمي بداية يونيو الجاري.
4. توفر دلائل استئناف الأنشطة
عملت الحكومة على إنجاز دلائل عملية للسماح لعدد من الأنشطة الاقتصادية والتجارية والخدماتية، وكذا المرافق العمومية، بمواصلة عملها بعد توقفها جزئيا أو كليا عن الاشتغال، مع إلزامها باحترام تدابير وشروط السلامة الصحية.
وقد تم إعداد أكثر من ستين دليلا إلى حدود اليوم، بتظافر جهود القطاعات الوزارية والمؤسسات والمقاولات العمومية والشركاء الاقتصاديين، تشمل القطاعات والأنشطة التالية:
– السلوكيات التي يجب اتباعها في أماكن العمل أمام مخاطر كورونا (وزارة الصحة)؛
– دليل التدابير الصحية الخاصة باستئناف الأنشطة التجارية؛
– بروتوكول لتدبير مخاطر العدوى بأماكن العمل (وزارة الصناعة-وزارة الشغل)؛
– دليل إجراءات السلامة بوحدات تحويل وتثمين المنتجات الفلاحية؛
– دليل إجراءات السلامة بصناعات تحويل منتجات الصيد البحري؛
– دليل إجراءات السلامة للبحارة وربابنة مراكب الصيد البحري؛
– دليل السلامة الصحية للفلاحين؛
– دليل أوراش البناء؛
– دليل السياحة ما بعد كورونا (المطارات، الفنادق المصنفة، النقل السياحي، وكالات الاسفار، مطاعم مصنفة، المرشدين السياحيين)؛
– دلائل تخص أوراش الاشغال العمومية، والنقل الطرقي للمسافرين والبضائع، والنقل السككي، والنقل البحري…؛
– دليل استئناف أنشطة قطاع الصناعة التقليدية؛
– بطائق خاصة بالوقاية من عدوى فيروس كورونا بأماكن العمل (مراكز النداء، عامل قطاع الفلاحة، محطات تلفيف المواد الغذائية، الاعوان المكلفين بالحراسة، مهنة أمين الصندوق، سائق نقل البضائع، سائق نقل العمال، عامل النظافة، العامل بأوراش البناء والاشغال العمومية، أجير المخابز، عامل المجازر)؛
– دليل مؤسسات الرعاية الاجتماعية؛
– دلائل الأنشطة المتعلقة بالثقافة والشباب والرياضة والاتصال؛
– دليل عملي خاص بالمرافق العمومية؛
– تدابير خاصة بالعمل بالمحاكم.
هذا إلى جانب دلائل أعدتها عدد من الجمعيات والتمثيليات المهنية، من مثل الاتحاد العام للمقاولات المغرب الذي أعد دليل استئناف نشاط المقاولات الكبرى، ودليل استئناف نشاط المقاولات المتوسطة والصغرى، ودليل المراقبة الداخلية الصحية، والمخطط الرقمي لاستئناف النشاط.
كما قامت العديد من المؤسسات العمومية الوازنة كالمكتب الشريف للفوسفاط، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، والمكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن، والمكتب الوطني للسكك الحديدية، ومجموعة صندوق الإيداع والتدبير، وغيرها، بإعداد دلائل لتنظيم استئناف تقديم خدماتها بشكل يحفظ صحة وسلامة المستخدمين والمرتفقين على حد سواء.
وإذا كان عدد قليل من الدلائل ما يزال في طور الإنجاز أو التدقيق، فإنه يجدر التذكير بأنه لن يسمح باستئناف أي نشاط أو الاستمرار فيه في غياب دليل ذي صلة.
السيد رئيس مجلس النواب المحترم،
السيدات والسادة النواب المحترمين،
V. الخلاصة
مما سبق، يمكن استخلاص ما يلي:
• الوضعية الوبائية متحكم فيها، وتشهد تحسنا مطردا، يوما بعد يوم، وبشكل إيجابي، مع تباين كبير بين الأقاليم والعمالات؛
• الفيروس ما يزال حاضرا، مع بروز بؤر بين الفينة والأخرى، رغم ما قد يلاحظ من انخفاض في حدته ونسبة إماتته؛
• التداعيات السلبية على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية أصبحت ضاغطة؛
• تم تحقيق معظم الشروط التي حددتها الحكومة لبدء عملية التخفيف.
بالنظر إلى ما سلف، وبعد الإنصات إلى انتظارات المواطنين، ونداءات المهنيين، والاقتراحات التي انبثقت عن المبادرة التشاورية التي أطلقتها الحكومة، واستحضارا للمعطيات الوطنية والدولية المختلفة، وأخذا بعين الاعتبار مخاطر الإبقاء على نفس تدابير الحجر الصحي في مقابل المخاطر المحتملة لتخفيفها، فإن الحكومة، كما تعلمون، وكما ذكرت سابقا، قررت:
• البدء في التخفيف التدريجي لتدابير الحجر الصحي عبر مراحل، بداية من يوم 11 يونيو. على إثر ذلك وبعد تقييم دوري ومستمر، سيتم التقدم في تنزيل مراحل التخفيف الموالية.
• استحضار البعد الترابي عند التنزيل، من خلال اعتماد صنفين من الأقاليم والعمالات، وفق معايير واضحة، أبرزها غياب الحالات النشطة لمدة معينة، وغياب بؤر للإصابة.
• تبني المراقبة المستمرة والتقييم، سواء خلال نفس المرحلة الواحدة، أو عند الانتقال من مرحلة للتي تليها، ولا سيما عند بروز بؤر مقلقة، أو ارتفاع دال في عدد الحالات، للعمل على تطويق الظاهرة، مع إعطاء السلطات الترابية الصلاحية لاتخاذ الإجراءات الضرورية.
إن تخفيف الحجر الصحي الذي قررته الحكومة، “تدريجي، ترابي، عبر مراحل، وتحت المراقبة”.
بذلك، فإن هذا القرار يروم التوفيق بين الحفاظ على صحة المواطنين، وبين العمل على استعادة الحياة الطبيعية للمواطنين وتحريك الدورة الاقتصادية. لكن إنجاحه رهين بالحفاظ على التعبئة الجماعية، وبالأخذ في نفس الوقت بأسباب الحيطة والحذر، وكما يقال، “الشجاعة بلا حذر، حصان أعمى”.
إن هذه المرحلة الأولى من تخفيف الحجر الصحي، رغم أنها لم تشمل كافة التراب الوطني ولم ترفع جميع القيود، إلا أنها خطوة كبيرة وأساسية في اتجاه العودة بشكل آمن إلى الحياة الطبيعية.
كما أن هذا التخفيف سيساهم في تسريع الرجوع التدريجي لاستفادة المواطنات والمواطنين، الذين يعانون من الأمراض الأخرى، من الخدمات الصحية التي تقدمها المنظومة الصحية ببلادنا.
وتجدر الإشارة، إلى أن تدابير التخفيف الجديدة، تنضاف إلى جميع ما كان مسموحا به في الفترات السابقة، ولا سيما العديد من الأنشطة الاقتصادية والتجارية والخدماتية، وكذا تنقل المواطنين داخل وبين جميع أقاليم وعمالات المملكة، لأغراض مهنية.
VI. البعد الترابي وتصنيف الأقاليم والعمالات
إن التفاوت الكبير الذي تعرف الحالة الوبائية بين أقاليم وعمالات المملكة، يوجب علينا أخذه بعين الاعتبار عند تنزيل خطة تخفيف الحجر الصحي. وقد فضلنا اعتماد مستوى الأقاليم والعمالات للتصنيف، وعدم الاكتفاء بالتصنيف على مستوى الجهات.
وعليه، فقد تم تقسيم الأقاليم والعمالات، وفق المعايير المحددة من طرف السلطات الصحية، إلى منطقتين كالآتي:
• منطقة التخفيف رقم 1، وتشمل الأقاليم والعمالات الخالية من الحالات النشطة، أو تلك التي تعرف حالات قليلة ومعزولة. وتضم لائحة هذه المنطقة بتاريخ 10 يونيو 59 إقليما وعمالة : عمالة وأقاليم جهة الشرق، وأقاليم جهة بني ملال-خنيفرة، وأقاليم جهة درعة-تافيلالت، وعمالتا وأقاليم جهة سوس-ماسة، وأقاليم جهة كلميم-واد نون، وأقاليم جهة العيون-الساقية الحمراء، وإقليما جهة الداخلة-وادي الذهب، وعمالة المضيق-الفنيدق، وإقليم تطوان، وإقليم الفحص-أنجرة، وإقليم الحسيمة، وإقليم شفشاون، وإقليم وزان، وعمالة مكناس، وإقليم إفران، وإقليم مولاي يعقوب، وإقليم صفرو، وإقليم بولمان، وإقليم تاونات، وإقليم تازة، وإقليم الخميسات، وإقليم سيدي قاسم، وإقليم سيدي سليمان، وإقليم سطات، وإقليم سيدي بنور، وإقليم شيشاوة، وإقليم الحوز، وإقليم قلعة السراغنة، وإقليم الصويرة، وإقليم الرحامنة، وإقليم آسفي، وإقليم اليوسفية.
• منطقة التخفيف رقم 2، وتشمل الأقاليم والعمالات التي تعرف حالات نشطة دالة، أو تلك التي تعرف بروز بؤر بين الفينة والأخرى. وتضم لائحة هذه المنطقة بتاريخ 10يونيو 16 إقليما وعمالة: عمالة طنجة-أصيلة، وإقليم العرائش، وعمالة فاس، وإقليم الحاجب، وعمالة الرباط، وعمالة سلا، وعمالة الصخيرات-تمارة، وإقليم القنيطرة، وعمالة الدار البيضاء، وعمالة المحمدية، وإقليم الجديدة، وإقليم النواصر، وإقليم مديونة، وإقليم بنسليمان، وإقليم برشيد، وعمالة مراكش.
VII. تفاصيل إجراءات التخفيف في المرحلة الأولى
يشمل التخفيف، الذي سنبدأه ببلادنا يوم غد 11 يونيو إن شاء الله، عددا من أوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية والفردية، بعضها على المستوى الوطني، فيما البعض الآخر بحسب الأقاليم والعمالات.
على المستوى الوطني
استئناف الأنشطة الاقتصادية
استئناف الأنشطة الصناعية
استئناف الأنشطة التجارية
استئناف أنشطة الصناعة التقليدية
استئناف أنشطة القرب والمهن الصغرى للقرب
استئناف تجارة القرب
استئناف المهن الحرة والمهن المماثلة
استئناف افتتاح الأسواق الأسبوعية
وتستثنى من هذه القائمة الأنشطة التالية: المطاعم والمقاهي في عين المكان، الحمامات، قاعات السينما والمسارح، …إلخ (حسب لائحة ستنشر لاحقا).
العمل بالإدارات والمؤسسات والمرافق العامة والجماعات المحلية
منطقة التخفيف رقم 1:
– حضور جميع الموظفين والمستخدمين باستثناء الفئات الهشة صحيا، من مثل الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة
منطقة التخفيف رقم 2:
– وجوب استمرارية المرفق العمومي حضوريا بالنسبة للمصالح الخارجية
– وجوب توفير كافة الخدمات العمومية الأخرى حضوريا أو عن بعد، بتقدير المسؤولين الإداريين
إجراءات التخفيف بحسب الأقاليم والعمالات
الإجراءات الخاصة بمنطقة التخفيف رقم 1
الخروج دون حاجة لرخصة استثنائية للتنقل داخل المجال الترابي للعمالة أو الإقليم
استئناف النقل العمومي الحضري مع استغلال نسبة لا تتجاوز 50% من الطاقة الاستيعابية
التنقل داخل المجال الترابي لجهة الإقامة، بدون إلزامية التوفر على ترخيص (لاقتصار فقط على الإدلاء بالبطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية)
إعادة فتح قاعات الحلاقة والتجميل، مع استغلال نسبة لا تتجاوز 50% من الطاقة الاستيعابية
إعادة فتح الفضاءات العمومية بالهواء الطلق (منتزهات، حدائق، أماكن عامة…)
استئناف الأنشطة الرياضية الفردية بالهواء الطلق (المشي، الدراجات …)
الإبقاء على جميع القيود الأخرى التي تم إقرارها في حالة الطوارئ الصحية (منع التجمعات، الاجتماعات، الأفراح، الحفلات، الجنائز …)
الإجراءات الخاصة بمنطقة التخفيف رقم2
الخروج يقتضي التوفر على رخصة استثنائية للتنقل، بما فيها رخص العمل والرخص للاستفادة من الأنشطة الاقتصادية المسموح بها
إغلاق المتاجر على الساعة 8 مساء
استئناف النقل العمومي الحضري مع استغلال نسبة لا تتجاوز 50% من الطاقة الاستيعابية
الإبقاء على جميع القيود الأخرى التي تم إقرارها في حالة الطوارئ الصحية (منع التجمعات، الاجتماعات، الأفراح، الحفلات، الجنائز…).
VIII. المراحل المقبلة من تخفيف الحجر
يوم 18 مايو، عرضت أمامكم تصورا واضحا يتضمن مبادئ تخفيف الحجر الصحي وشروطه، واليوم قدمت لكم حصيلة ما تم إنجازه منذ ذلك الحين، وهو ما مكننا من الإعلان بهدوء عن إطلاق المرحلة الأولى من تخفيف الحجر.
أنا واع أن كثيرا من المواطنين، وخصوصا منهم الأطفال ينتظرون انتهاء الحجر، وأطمئنهم أن هذه بداية وسيأتي الفرج قريبا إن شاء الله، “ما بقا قد ما فات”.
وأود أن أطمئنكم، ومن خلالكم كافة المواطنين، بأننا إلى جانب الإعلان عن البدء في تخفيف الحجر الصحي، فإن لدينا تصورا متكاملا للمراحل المقبلة من التخفيف، وذلك عبر ثلاث مراحل تتوزع كالآتي:
• مرحلة إطلاق التخفيف، والتي ستبدأ يوم 11 يونيو. وتتضمن هذه المرحلة إجراءات التخفيف التي ذكرتها في الفقرات السابقة.
• مرحلة ثانية، ستتسع فيها تدابير التخفيف، سواء بعمالات وأقاليم المنطقة رقم 1 أو المنطقة رقم 2، لتشمل الترخيص بأنشطة اقتصادية واجتماعية وثقافية إضافية، ولتسمح بحركية أيسر وأوسع، بين كافة جهات المملكة، ولتمكن من الإطلاق التدريجي للسياحة الداخلية. وستنطلق هذه المرحلة الوسطى مباشرة بعد المرحلة الأولى.
• مرحلة متقدمة، ستنطلق بعد المرحلة الوسطى، وبحسب تطور الوضع الوبائي. وستعرف هاته المرحلة مزيدا من التخفيف على عدة مستويات، بما في ذلك توسيع الترخيص في استغلال الفضاءات العمومية، والتجمعات العمومية والأنشطة العامة وفق ضوابط. كما ستعرف هذه المرحلة، وبحسب تطور الوضعية على المستوى الدولي، البدء في إجراءات تروم استئناف حركة التنقل الدولية والسياحة الخارجية.
إن الانتقال التدريجي، في إطار مخطط التخفيف من تدابير الحجر الصحي، من مرحلة إلى أخرى سيخضع مسبقًا لعملية تقييم الإجراءات الواجب تنفيذها والشروط اللازم توفرها على مستوى كل عمالة وإقليم، وذلك من طرف لجان اليقظة والتتبع، يترأسها السادة الولاة والعمال وتتكون من ممثلين عن وزارة الصحة والمصالح الخارجية للقطاعات الوزارية المعنية والمصالح الأمنية.
كما ستبقى الحكومة، وباقي آليات الحكامة التي وضعتها بلادنا لتدبير الجائحة وتداعياتها، متأهبة ومتابعة للوضعية العامة، لاتخاذ ما يلزم من إجراءات وقرارات، ضمانا للتنزيل الفعلي والآمن لمخطط تخفيف الحجر الصحي.
ثانيا-التوجهات الأساسية لتدبير المرحلة المقبلة
لقد أظهرت جائحة كورونا صوابية أولويات البرنامج الحكومي، لا سيما ما يتعلق بالاهتمام بالتعليم والصحة، والتشغيل، وإصلاح منظومة الحماية الاجتماعية ودعم الفئات الهشة، وتعزيز التحول الرقمي، وهي أهم ركائز العمل في المرحلة المقبلة لتجاوز آثار الجائحة. وبالتالي، فإن المجهودات التي سنبذلها لتجاوز مخلفات الأزمة تدخل في صميم أولويات البرنامج الحكومي، ولذلك سنواصل مجهوداتنا لتسريع تنفيذ هذا البرنامج، مع الأخذ بعين الاعتبار الأولويات والتحديات التي تطرحها الظرفية الراهنة التي أملتها جائحة كورونا.
وكما تعلمون، قامت الحكومة، منذ بداية حالة الطوارئ الصحية، بتنزيل عدد من التدابير والإجراءات للتخفيف من آثارها الاجتماعية وتداعياتها الاقتصادية، تمثلت، على الخصوص، في دعم الأجراء الذين توقفوا مؤقتا عن العمل بسبب الجائحة، وضمان حد أدنى للدخل لفائدة الأسر العاملة في القطاع غير المهيكل التي تضررت بفعل تباطؤ النشاط الاقتصادي، والاهتمام بوضعية الفئات الهشة، فضلا عن دعم ومواكبة المقاولات التي توجد في وضعية صعبة بفعل تداعيات الجائحة.
إن حرص الحكومة على تخفيف التداعيات السلبية لانتشار الوباء، وحرصها الآن على إنجاح مرحلة تخفيف الحجر الصحي، لا يوازيه إلا انشغالها بتوفير الشروط الملائمة لاسترجاع الدينامية التنموية وإنعاش الاقتصاد الوطني، وإعادة تحريك عجلة الإنتاج، وتوفير مناخ ملائم لعمل المقاولات الوطنية، ومواصلة الاهتمام بالشق الاجتماعي، فضلا عن استئناف نشاط المرافق العمومية بهدف تأمين الخدمات التي تقدمها للمرتفقين.
I. دعم الاقتصاد الوطني
معلوم أن الرهان الأساسي لبلادنا للفترة المقبلة يتمثل في إعادة تحريك عجلة الاقتصاد، واستئناف الأنشطة الاقتصادية والتجارية والخدماتية، ما يستلزم تظافر جهود كافة المتدخلين وفق مقاربة تشاركية تستحضر مصلحة الوطن قبل أي اعتبار آخر.
فعلى المدى القصير وقبل نهاية العام الجاري، سنعتمد أولاً على إعداد مشروع قانون مالية تعديلي برسم 2020، بالموازاة مع تخفيف الحجر الصحي.
وبرسم سنة 2021، سيستفاد من خطة الإنعاش الاقتصادي التي نحن بصدد بلورتها، لإعادة النشاط الاقتصادي إلى مستوى ما قبل الأزمة.
وفي مرحلة لاحقة، سنضع خطة للإقلاع الاقتصادي للمدى المتوسط، في ارتباط وثيق مع ورش تجديد النموذج التنموي، لإعادة ترتيب الأولويات على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، والاستفادة من فرص التحول الجديدة التي أفرزتها هذه الأزمة.
1. إعداد مشروع تعديلي لقانون المالية 2020
تنكب الحكومة كما هو معلوم على إعداد مشروع قانون مالية تعديلي برسم 2020، باعتباره أداة مرحلية ضرورية.
وسيشكل القانون التعديلي مرتكزا لتفعيل خطة إنعاش الاقتصاد الوطني أخذا بعين الاعتبار المتغيرات المرتبطة بالظرفية الاقتصادية الوطنية والدولية الناتجة عن هذه الأزمة، وذلك من خلال:
– اتخاذ إجراءات استعجالية للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين ودعم استئناف الأنشطة الاقتصادية، ووضع نظام تحفيزي انتقالي يأخذ بعين الاعتبار إكراهات الملزمين لمواجهة هذه الأزمة؛
– تعزيز ميزانيات القطاعات ذات الأولوية بما في ذلك قطاعي الصحة والتعليم، وإعادة ترتيب اعتمادات التسيير والتجهيز حسب أولويات المرحلة؛
– مراجعة نسبة العجز المتوقعة حسب الفرضيات الجديدة.
وستكون لكم الفرصة لمناقشة مشروع القانون التعديلي عند عرضه أمام أنظاركم خلال الأيام المقبلة.
2. عناصر خطة إنعاش الاقتصاد الوطني
تستدعي التداعيات السالف ذكرها وضع مخطط شامل ومتكامل لإنعاش الاقتصاد الوطني والاستعداد للمرحلة المقبلة، واستئناف سريع لنشاط الاقتصاد الوطني وتعزيز قدرته على استشراف معالم ما بعد أزمة كورونا، بالعودة التدريجية لمختلف القطاعات الاقتصادية الوطنية لممارسة نشاطها، واستثمار الفرص المتاحة.
وقد حرصنا على اعتماد مقاربة شاملة ومتكاملة، تراعي خصوصيات كل قطاع على حدة، وتأخذ بعين الاعتبار العوامل الخارجية، لاسيما تلك المرتبطة بسلاسل القيمة العالمية التي أثرت سلبا على الموارد الخارجية لاقتصادنا، بالإضافة إلى العوامل الداخلية المرتبطة بالعرض والاستهلاك الوطنيين.
وينبني التصور الأولي لهذه الخطة، التي تمتد لسنة ونصف، على الركائز التالية:
– الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، من خلال الحفاظ على مناصب الشغل، وتعزيز آليات الدعم الاجتماعي لصالح الفئات الهشة والمتضررة؛
– تحفيز الطلب عبر تشجيع الاستهلاك، والحرص على استقرار الاستثمار العمومي، وتوطيده من خلال آليات مبتكرة، لكونه أداة محورية للإقلاع الاقتصادي ولتأثيره المضاعَف على النمو، مع الحرص على تدبيره بطرق فعالة لتشجيع المنتوج المحلي والحد من الواردات؛
– تشجيع الإنتاج وعودة الحركة الاقتصادية، من خلال دعم الشركات الوطنية المتضررة ولاسيما في القطاعات الاستراتيجية، والمقاولات الصغيرة والمتوسطة، لاسيما من خلال آليات الضمان، وإقرار دعم خاص لبعض القطاعات المتضررة، كالسياحة والأنشطة المرتبطة بها؛
– تعبئة موارد إضافية لدعم الاستثمار العمومي، مع إقرار العدالة الضريبية؛
– إعطاء دينامية جديدة لبرنامج انطلاقة، الذي أطلق في أوائل سنة 2020 من قبل جلالة الملك، قصد تمكين الشباب من الولوج لمصادر التمويل؛
– إحداث صندوق استثماري عمومي بهدف تهيئة ظروف مواتية لتنشيط دينامية الاقتصاد والتشغيل بعد تجاوز أزمة كوفيد-19؛
– توفير بيئة ملائمة للإقلاع الاقتصادي من خلال تسريع تنزيل الإصلاحات المتعلقة بإدماج الاقتصاد غير مهيكل في الدورة الاقتصادية وتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية ورقمنة الإدارة وتسريع ورش اللاتمركز الإداري وهيكلة المؤسسات العمومية والمقاولات العمومية.
3. عناصر خطة الإقلاع الاقتصادي
ونتوخى من خلال خطة الإقلاع الاقتصادي تجسيد “ميثاق الإقلاع الاقتصادي والتشغيل”، وذلك تعبيرا عن طموح مشترك يتقاسمه جميع الأطراف المعنية (الدولة والشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين)، وفق التزامات واضحة، تنبني على آليات للتتبع والتقييم، بما يمكننا من بناء اقتصاد قوي في عالم ما بعد أزمة كورونا.
وحري بالذكر أن هذه الأزمة ستفضي لامحالة إلى جملة من المتغيرات على الساحة الاقتصادية الدولية وطفرة في نسق التخطيط الاقتصادي تترجمها إعادة ترتيب الشراكات ومنظومات التوريد العالمية. ما يتحتم معه إعداد الاقتصاد الوطني للتكيف واغتنام الفرص المتعلقة، على الخصوص، بمراجعة المقاربة والعلاقات الاقتصادية للشركاء الأوروبيين بما يتيح تقوية موقع المغرب في التوزيع الجديد لسلاسل القيمة العالمية، واستغلال الفرض التي يتيحها الاقتصاد الرقمي والاقتصاد الأخضر فيما يتعلق بخلق القيمة وتقوية التنافسية.
وانسجاما مع ورش “النموذج التنموي”، سيكون من الضروري مضاعفة الجهود لحل بعض الإشكاليات الهيكلية التي أكدت الأزمة على أهمية معالجتها، من قبيل إدماج القطاع غير المهيكل، وتوسيع التغطية الصحية الإجبارية في أفق تعميمها، وغيرها من الإشكاليات المتعلقة بالحماية الاجتماعية للفئات الهشة، سعيا إلى إدماج مختلف فئات المجتمع المغربي في دينامية التنمية، إذ من شأن الخطة على المدى المتوسط أن تمكن بلادنا من تحقيق قفزة نوعية ومهمة في بعض المجالات المهيكلة كالصحة والتعليم والبحث العلمي والصناعات التحويلية والغذائية والطاقات الخضراء والتحول الرقمي، هذا، مع تعزيز ركائز اقتصادنا الوطني السيادية ومقاومته للصدمات الخارجية.
II. تدابير ذات طابع اجتماعي
إن الحكومة عازمة على المضي قدما في مسار إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية من خلال تنزيل مشروع السياسة العمومية المندمجة للحماية الاجتماعية برسم 2020-2030، المصادق عليه في نونبر الماضي من قبل اللجنة الوزارية لقيادة وإصلاح وحكامة منظومة الحماية الاجتماعية، وذلك من خلال آليتيها الأساسيتين:
• آلية التأمين الاجتماعي، الذي يشمل أنظمة الضمان الاجتماعي المتعلقة بالتأمين على المرض والمعاشات وفقدان الشغل، والاستمرار في تنزيل التغطية الصحية ونظام المعاشات للمهن الحرة والعمال المستقلين ولغير الأجراء المزاولين لنشاط خاص.
• آلية الدعم الاجتماعي، التي تشمل تطوير مختلف أشكال المساعدات المالية والعينية والخدمات الاجتماعية المقدمة للمعوزين والأشخاص في وضعية صعبة، من خلال الإسراع في تنزيل الورش المتعلق بتطوير منظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي بإحداث السجل الاجتماعي الموحد والوكالة الوطنية للسجلات، الذي أعدت الحكومة بشأنه مشروع القانون رقم 72.18، والذي نأمل أن تصادق عليه مؤسستكم الموقرة قريبا، لنتمكن من التعجيل بإخراج السجل الاجتماعي الموحد، وتفعيله لدعم الطبقات الفقيرة والهشة.
III. استئناف نشاط المرافق العمومية
أعدت الحكومة دليلا حول إجراءات وتدابير العمل بالمرافق العمومية لتوضيح المهام والأنشطة التي يمكن للإدارات استئنافها بشكل تدريجي ولضمان سلامة وصحة الموظفين والمرتفقين من جهة، والحرص من جهة أخرى على أداء المرافق العمومية لخدماتها بانتظام.
كما تعتزم الحكومة تسريع ورش إصلاح الإدارة ورقمنة خدماتها وتبسيط مساطرها، والتقليص من تداول الوثائق الورقية واعتماد التدبير الإلكتروني للوثائق الإدارية، إلى جانب مأسسة العمل عن بعد بالإدارات العمومية “Télétravail”، الذي يمكن من استثمار تكنولوجيا المعلومات والاتصال، بما يضمن استمرار انجاز المهام وتقديم الخدمات في مختلف الظروف.
وبخصوص استئناف النشاط العادي للمحاكم، يتم التنسيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، وباقي المتدخلين في منظومة العدالة على وضع تصور متكامل لعودة العمل العادي بالمحاكم، بما يضمن حق المتقاضين وحماية القضاة والموظفين والمرتفقين من مخاطر الوباء.
خاتمة
السيد رئيس مجلس النواب المحترم،
السيدات والسادة النواب المحترمين،
كما نجحنا مجتمعين في المراحل السابقة، فإنني كلي أمل بأننا سننجح فيما سيأتي، ثقتنا في قدراتنا الذاتية وفي مؤسساتنا وفي مواطنينا كبيرة، فالمهم هو الاستمرار في التعبئة واليقظة والانضباط الجماعي، وروح التضامن والتلاحم، الضروريين في المرحلة المقبلة.
إن تاريخ 10 يونيو لا يمكن اعتباره قطيعة بين مرحلة وأخرى، بل هو محطة جديدة في معركتنا ضد الوباء، عنوانها الاستعادة التدريجية والآمنة للدورة الاقتصادية والحياة الاجتماعية، والتعايش مع هذا الفيروس، بيقظة ومسؤولية ووعي وصبر، وباحترام جميع التدابير الوقائية الفردية والجماعية.
وبهذه المناسبة، وإذ أجدد الشكر والتنويه للجميع، فإنني أدعو إلى مواصلة الالتحام الوطني لكافة القوى الحية للأمة وانخراط كافة الفاعلين وتظافر الجهود، لتجاوز هذه الأزمة غير المسبوقة، والخروج منها بانتصار تاريخي لبلادنا.
وهو ما يستدعي التوافق حول ميثاق وطني، تحت القيادة الملكية الرشيدة، لتجاوز هذه المرحلة التي أربكت أكبر الاقتصادات بأقل الخسائر.
نسأل الله التوفيق والسداد.
والسلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته.