ليس لِزَاماً أن يكون كلُّ القوم فُصحاءَ بُلَغاءَ لا يأتيهمُ الخطأ على لِسان، ولا يتسللُ عندهم إلى أقلام، ولكن يكفي أن يكون لديهم استعدادٌ لتلقُّف الصواب ونبْذ الخطأ، يكفي أن يكون بينهم إعلاميون مُولَعُون، ونافذون مهتمون ليشيعَ الصَّوابُ ويُهْجَرَ الخطأ.
عندما حل الوباء، شاع تداول النصح بالكمامة للوقاية، ورغم تعالي الأصوات مُنبِّهة إلى أن الكمامة للحيوان، وأن القناع واللثام للإنسان، ظل التمادي في الاستعمال سيِّدَ الميدان.
وعندما انتفض الناس وكان “الحراك” تلفظوه بكسر الحاء، وجاء التصحيح داعياً إلى فتح الحاء “الْحَرَاك”، فأخذ به البعض، ولم يُبالِ به الكثيرون.
وقِسْ على ذلك التلفظ ب(عدوة سلا) مفتوحة العين رغم أن تصحيحها بضم العين يأتي من القرآن: ” إذ أنتم بالعُدْوة الدنيا وهم بالعُدوة القصوى والركبُ أسفل منكم”
وكذلك لفظ “القوى”الذي يتردد على ألسنة الرياضيين والسياسيين مكسورَ القاف، بيد أن ضمها هو الصواب، والتصحيح يأتي مرة أخرى من القرآن “إن هو إلا وحي يوحى، علمه شديد الْقُوَى ذو مِرَّة”
وليس عيباً أن يخطئ عامة الناس، ولكن العيب كل العيب أن يُحاط الإعلاميون المؤثرون،والحاكمون النافذون علماً بالصواب، ويظلوا غير مبالين به، ولا مُلتفتين إليه.
ولو أنهم تداركوا ـ وكم هو سهل عليهم أن يفعلوا ـ بإحلال الصواب محل الخطإ دون تعليل ولا توضيح لشاع الصواب بين الناس، ولتساموا باللغة عن الابتذال، وفي ذلك مُتعة عند الحديث، وإمتاع للأسماع.
ونأبى إلا أن نُذكِّر بأن المراد ليس الانتقاص، ولا النيل من أي كان، وإنما هي همسة صادقة نرجو أن تصل إلى الآذان، ويكون لها رجعُ صدى في مَنابر الإعلام وقبة البرلمان لتتسللَ إلى الميدان.
بقلم عبد الحي الرايس.