في فصل الصقيع والعواصف والرياح والامطارمن فصول حياتنا الغير المشمسة نريد ان نختبئ وان ننزوي منتظرين رحيل الموسم الكئيب. لكن الحكيم هوالذي يعرف ان موسم الكآبة نفسه هو موسم الحرث والزرع موسم وضع البذار موسم التعب والاجتهاد موسم الخروج رغم العواصف الى ارض العمل وموسم المواجهة رغم رغبة الاختباء موسم زراعة الرجاء وسط الالم والضيق والسماء الداكنة! الفصل الذي نراه في الطبيعة فصل الموت هو نفسه خزان الحياة وطاقة الاجتهاد الصامت في بطن الارض لتزهر ثورة الحياة في الربيع. ومن ذات طينة الارض نحن! ومن ذاك الفصل الذي قد نراه فصل النهايات المؤلمة فان الله قادرعلى ان يجعل منه فصل البدايات الزخمة الوافرة الحصاد فيرسل الله الامطار والثلوج والرياح وهذه كلها عدة للحياة، كل ما علينا ان نفعله هوان لا نتكاسل ولا نيأس ونختبئ منتظرين عبور الموسم المؤلم فالموسم المؤلم نفسه هو تربة الحياة الجديدة وهووقت وضع اليد على المحراث وشق الارض اليابسة واستقبال امطارالبركة ولا ضيران نشعر بالحزن لاه لا يرتدي قناعاً فهو اصدق عواطفنا واقربها الى حقيقة نفوسنا فعندما ننكسرفلانملك اكاذيب نتلوها على انفسنا وان ندعي القوة والقدرة للمضي الى الامام ولكنه في الان نفسه هومن ينيربصيرتنا ويلغي كل اغراءات الرغبات الفارغة ليفتح الطريق واسعا امام عمل قلوبنا الحقيقية ونستطيع به ان نميزبه بين اليد الصادقة التي تمتد بحب نحوجراحنا
هناك مقولة انجليزية تقول ان الجرح يجب ان يؤلم ان كان مقدرا له الشفاء وكل جرح نفسي نتعرض له فى حياتنا ، لن نشفى منه شفاء حقيقيا الا اذا المنا فالألم رحمة لنا قبل ان يكون نقمة علينا فهو مرشدناعلى وجود خلل وخطأ اوشئ غيرمناسب فى حياتنا نحتاج التخلص منه اوعلاجه وكلما تألمنا من شئ فلنتذكرانه ما كان ليؤلمنا إلا لنشفى منه فهونفسه ما يقوينا ويعلمنا ويهذبنا ويطهر مواطن الضعف فينا
طوال حياتنا نعيش على رجاء ان يلاحظ الناس شؤوننا الصغيرة في شخصيتنا في نفوسنا في احتياجاتنا واشواقنا، من يدري من هم هؤلاء الذين نترجى ان نحظى ببركة انتباههم لشوؤن حياتنا ! وهل يمتلكون القدرةعلى الانتباه؟ وهل انتبهاههم هو الذي يعطي القيمة لشؤون حياتنا؟
الشؤون الصغيرة البسيطة المكنونة في ذاتنا موجودة فينا وليس علينا الا فهمهاومراعاتها ووضعها في مكانها المناسب ولا ننتظران يلاحظها الاخرون ويقدرونها ونغفل هذا الشأن الصغيرالذي يعيش على هامش اهتماماتنا قلبنا الصغير وتصاعد انفاسنا كل ثلاثة وعشرين الف مرة في اليوم ان توقفت واحدة منها فان احد ذاك الشأن الصغيرفي يومياتنا يمكن بسببه ان نفقد حياتنا
هذه الشؤون الصغيرة هي حياتنا الكبيرة عندما نحبها ونعتني بها ونمنحها تقدرينا من المعتقدات الخاطئة سنتفاجئ كم ان حاجتنا اقل وكم ان شبعنا اعمق وسلام نفوسنا دائما ومحروس بعناية الهية.
شكسبير في أحد مؤلفاته عندما يرزقني الله ولدا ساشتري له بالونا وسأركّزعلى أن يكون البالون أكثر ألعابه لانها ستعلمه الكثير من فنون الحياة ستعلمه أن يصبح كبيراً ولكن بلا ثقل ولاغرور حتى يستطيع الارتفاع نحو العلا ستعلمه فناء ما بين يديه في لحظة وفقدانه يمكن أن يكون بلا مبررأو سبب لذلك عليه أن لا يتشبث بالأمور الفانية ولا يهتم بها إلا بقدر معينو أن لا يضغط كثيراً على الأشياء ولا يلتصق بها لأنه سيتسبب في انفجارها ويفقدها للأبد وكما ان تعظيم الأشخاص الذين لا يستحقون يشبه النفخ الزائد في البالون الذي قد ينفجر في وجهك في اية لحظة .
فاطمة سهلي “طنجة”