تتزامن مع ذكرى ثورة الملك والشعب المجيدة “20 غشت”، ذكرى وطنية لها مكانتها الراسخة وأثرها العميق في نفوس المغاربة، انها ذكرى عيد ميلاد صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ونصرك ،”21 غشت”، وهي مناسبة جديرة للوقوف عندها للتامل، باعتبارها ذكرى وطنية مجيدة، وهما مناسبتان لهما دلالات عميقة ،تجسدان مسيرة ملوك وشعب وامة.
فإذا كانت ذكرى ثورة الملك والشعب، التي يخلدها الشعب المغربي كل سنة، تجسد قيم البطولة والفداء في سبيل الحرية والكرامة ليعبش المواطنون العيش الكريم، فإن ذكرى عيد الشباب، للذكرى الثانية والخمسين لميلاد صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وايده، تبرز دور الشباب في بناء المغرب المتجدد والمتطلع إلى مستقبل يليق بأمجاد وبطولات الماضي المشرق ،والحاضر الواعد بالبذل والعطاء
وإذ يخلد المغاربة، في تزامن، لهاتين المناسبتين الوطنيتين المجيدتين، فلكي يستلهموا الدروس من ماضي المغرب الحافل بالبطولات، وبالدروس الغنية بالقيم الإنسانية النبيلة، قيم الحرية والوفاء والتضحية ، ولكي يستحضروا في نفس الان، تحديات المستقبل التي تفرض وضع الاستراتيجيات الكفيلة بتحقيق أهداف مغرب القرن الواحد والعشرين.
وقد أكد جلالة الملك محمد السادس، في اكثر من مناسبة، أن الأوراش الكبرى التي انخرطت فيها المملكة لبناء مجتمع متضامن ، متشبث بهويته، لا يمكن أن تحقق أهدافها إلا بسواعد الشباب المغربي وإبداعاته، واستثمار كامل لطاقاته الخلاقة والمبدعة.
وقد بذلت المملكة المغربية مجهودات جبارة للعناية اكثر باوضاع الشباب و تمكينهم من مختلف الخدمات، التي تمكنهم من ابراز طاقاتهم ، والتي تساعدهم على تطوير كفاءاتهم، والاعتماد على مؤهلاتهم، والمشاركة بفعالية في الجهد التنموي. وقد تجسد هذا الجهد في إطلاق عدد من المبادرات والبرامج التي استهدفت تأهيل الشباب و تكوينه،وتاطيره، و مساعدته على تحقيق ذاته، وتحمل المسؤولية، عبر خلق آفاق أوسع لفرص الشغل.
غير أن ما أنجز لفائدة الشباب المغربي، على أهميته و ضخامته، لا يرقى إلى ما ينبغي أن تحظى به هذه الثروة الوطنية التي يتعين استثمارها، فقد أكد جلالة الملك في إحدى خطبه على ذلك حين قال:
” بيد أن ما تحقق لا يرقى إلى مستوى طموحات الشباب وانتظاراته. فما تزال الصعوبات قائمة أمام تحقيق اندماجه المرغوب فيه. كما أن هناك عددا كبيرا من الشباب، من مختلف الأوساط، ما زالوا يعانون من بعض الإكراهات، التي تؤثر على معيشهم اليومي، وعلى آفاقهم المستقبلية. لذلك فإنه من غير المقبول اعتبار الشباب عبئا على المجتمع، وإنما يجب التعامل معه كطاقة فاعلة في تنميته. وهو ما يقتضي بلورة استراتيجية شاملة، من شأنها وضع حد لتشتت الخدمات القطاعية المقدمة للشباب، وذلك باعتماد سياسة تجمع، بشكل متناغم ومنسجم، مختلف هذه الخدمات”.
كما يتعين- يقول جلالة حفظه الله- : توفير الظروف الملائمة للولوج إلى السكن والصحة، ومختلف خدمات القرب، من مرافق رياضية، وفضاءات ترفيهية، وهياكل تساعد على الاندماج، ومراكز تكنولوجيا المعلومات والاتصال، مضيفا أنه إذا كان الشباب المغربي يتطلع بكل مشروعية إلى القيام بدوره الهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فإنه يرغب كذلك في الانخراط في مجالات الإبداع الثقافي والفني، الذي تظل فضاءاته غير متكافئة، بين مختلف المناطق المغربية.
فالثقافة تعد اليوم- من منظور جلالة الملك- رافعة أساسية للإبداع والابتكار، وتغذية الروح، وإبراز الشخصية الوطنية، وبالتالي هي المحرك لدينامية المجتمع ، الذي بقدر ما يعتز بتعددية روافده، وبرصيده الحضاري العريق، فإنه يظل متمسكا بتنوع خصوصياته وبانفتاحه على العالم.
ومن شأن المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، المنصوص عليه في الدستور ، المساهمة في وضع المحاور الاستراتيجية، وبمشاركة الشباب، لاعتماد سياسة تأخذ بعين الاعتبار تجسيد المواطنة الكاملة للشباب و إيجاد الحلول لكل المشكلات التي تواجههم.