جائحة كورونا، صدمة غير مسبوقة من أجل التوجه نحو تعليم أفضل .

0
pub top

فاطمة لمحرحر
باحثة في الدراسات السياسية والعلاقات الدولية .

تمر البشرية اليوم بأزمة عميقة، فقد أثار وباء كورونا حالة من الذعر الهائل شلت
الهياكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، الامر الذي شكل صدمة كبيرة لجميع الأنظمة التعليمية؛ ونتيجة لذلك وجدت المنظومة التعليمية المغربية نفسها مضطرة لاتخاذ قرار مفاجئ بإغلاق المدارس والمؤسسات التعليمية، واعتماد التعليم عن بعد كحل بديل من أجل استكمال الدروس.
ولعل موضوع التعليم عن بعد وحسب العديد من الخبراء والمهتمين بالمجال التعليمي بالمغرب كشف عن وجود مجموعة من التحديات والصعوبات ونوع من الارتباك في اتخاذ القرارات؛ لعل أهمها غياب مبدأ تكافؤ الفرص بين المتعلمين بسبب ظروفهم المادية التي لا تساعدهم على الاستفادة من وسائل التكنولوجيا الحديثة، إضافة إلى التفاوت الطبقي والاجتماعي ما بين القرية والمدينة والأحياء الراقية والأحياء المهمشة والفقيرة؛ كما أظهرت الجائحة عن حجم التناقضات والتفاوتات بين بين المدرسة العمومية والمدارس الخاصة. وعلاوة على ذلك، فإن الاختلافات بين المتعلمين المتمثلة في دعم الآباء الذين يمكنهم توفير فرص تعليمية لهم في المنزل ومتابعتهم، خاصة ونحن نعلم أن نسبة الأمية بين المغاربة تصل إلى أكثر من 30%، يجعل الدراسة عن بعد تمثل تحديا للأسر المغربية، إلى جانب الثمن الباهظ للإنترنت وضعف صبيبه؛ أو في قدرة مختلف المدارس في دعم طلابها عن بعد، أو في مرونة التلاميذ ودافعيتهم ومهارتهم في التعلم بشكل مستقل وعلى الإنترنت قد تؤدي إلى تفاقم الفجوات الموجودة.
ربما تترتب على صدمة إغلاق المدارس تكاليف طويلة الأمد على التعليم بالمغرب،
خاصة أن المنظومة التعليمية كانت تعيش أزمة تعلم حتى قبل حلول جائحة كورونا، فمن شأن ذلك أن يؤدي إلى خسارة التعلم وزيادة معدلات التسرب بين الفئات المهمشة واتساع عدم المساواة، نظرا لما يحظى به تلاميذ الأسر الأكثر ثراء والأفضل تعليما من الدعم اللازم للتعلم بالمنزل؛ هذا وستتفاقم معاناة الأسر نتيجة الضغوطات الاقتصادية، وبالتالي تتقلص قدرة العائلات المعيشية على تحمل المصاريف التعليمية، وقد ينقل الآباء أبناءهم من المدارس الخاصة إلى المدارس العمومية الأمر الذي سيضفي المزيد من الضغوط على هذه المدارس التي تعاني من عدة اختلالات وتحديات. أكيد أن تفشي فيروس كورونا كان له عواقب وخيمة، ولا شك أن التعليم سوف يتكبد تكاليف باهظة، لكنها في نفس الوقت كشفت لنا حجم وقيمة التعليم والبحث العلمي في التنمية والتقدم؛ فهذه الأزمة تمثل فرصة لإعادة بناء نظام تعليمي أقوى وأكثر أنصافا من ذي قبل في بلادنا، من خلال تبني تخطيط سليم وسياسات سديدة، ومنح تمويلات أكبر لقطاع التعليم، وتبني مناهج تدريس وتعلم مواكبة للمستجدات وأكثر شمولا وكفاءة وقدرة على الصمود.
إضافة إلى ذلك، فإن التأمل العميق في هذه الظاهرة الوبائية أبان عن عدم صلابة
الأنظمة الوقائية وعدم كفاية البرامج والمخططات في مختلف السياسات العمومية، وضعف النظام التعليمي وقدرته على مواكبة وتحمل الأزمات، وبذلك فالحاجة ماسة للتفكير العميق من أجل وضع رؤية استشرافية لمستقبل التعليم في بلادنا… مراجع:
– مجموعة من الأساتذة والباحثين، الدليل المعرفي لجائحة كوفيد-19 لجامعة محمد الخامس، المعرفة والابتكار والخبرة في مواجهة وباء كوفيد-19 نحو خروج
سريع من الأزمة تحليل التداعيات واقتراح الحلول، الرباط، يوليو 2020.
– فرناندو ريمرز/ أندرياس شلايشر، إطار عمل لتوجيه استجابة التعليم تجاه
جائحة فيروس كورونا المستجد 2020، مكتب التربية العربي لدول الخليج.
– مجموعة البنك الدولي، جائحة كورونا صدمات التعليم والاستجابة على صعيد
السياسات، ماي 2020.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.