نوال والزروالي في قفص الماستر الكلاس

0

تقوم جلسات الماستر كلاس التي نظمت لأول مرة بمهرجان فاس الدولي للمسرح الإحترافي(من 17 إلى 22 أكتوبر 2016)، على أساس استضافة فنانين ومؤلفين وعروض الأداء وأدباء ومبدعون وغيرهم، في جلسات خاصة تطبعها الحميمية والإقتراب أكثر من تجربة مبدع ما، يحكي فيها أحداث ووقائع بعيدة عن ما يتداول في الجسم الإعلامي، ويشحذ فيها ضيف الماستر كلاس ذاكرته، ويحاول العودة إلى عقود طويلة من الزمن، لتذكر مجموعة من الأمور، ربما يكون قد طواها في جانب خفي من ذاكرته لكي لا يقترب منها أحدا، إلا أن حوارات الماستر كلاس، تحاول النبش في الذاكرة واستفزاز وتحفيز الضيف على ضرورة استحضار أمور مضى عليها زمن…

وفي هذا السياق استضافت الجلسة الثانية للماستر كلاس صباح الخميس 20 أكتوبر التي أدارها وأطرها ذ. حسن مراني علوي، والفنان محمد بلهيسي ود. عبد الرحمان بنزيدان، بمقر مقاطعة جنان الورد، الممثلة والمؤلفة والناقدة والباحثة والجمعوية الدكتورة “نوال بنبراهيم” أستاذة التعليم العالي بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، لتنطلق في سرد علاقتها مع المسرح، رغم أنها قادمة من أسرة محافظة ترّبت بمدينة مكناس في حين أنها فاسية الأصل، وتعتبر أن أول البوادر كانت مع صعودها كممثلة على خشبة المسرح في مهرجان المسرح الجامعي، وبمشقة الأنفس واجهت عائلتها حول رغبتها في ممارسة المسرح وبعد أخذ ورد أوصاها والدها بالمواظبة والنجاح في الدراسة، فالمبدعة كانت تتنقل في ثلاث فضاءات أساسية قبل صعودها على خشبة المسرح: المنزل، الجامعة، المكتبة، وهذا ما كان يسمح به لها، لتنتقل لاحقا لإتمام الدراسة بالعاصمة الإدارية للمغرب، وكان أول درس تلقته في المسرح على يد المؤلف “عبد الرحمان بن زيدان” وكان أول كتاب درسته في المسرح هو “أبحاث في المسرح المغربي” للمسرحي الدكتور حسن المنيعي، ولم تكن تدري أن الأقدار ستجمعهما ويشرف على أطروحة إنجاز دوكتوراتها، لتتخذ ذات المبدعة موقفا لم تحد عنه إلى الآن، يتعلق بتخصصها في دراسة النصوص والتجارب المسرحية المغربية فقط.

ومثلما جمعت الأقدار عبد الله شقرون مع الممثلة أمينة رشيد وعبد الإلاه عاجل ونجوم الزوهرة، أتى الدور عليها ليجمعها مع الممثل والمخرج علي قدري في إطار زواج ومسيرة فنية في نفس المجال، لتؤكد أن هذا الزوج كان سابقا سندا ودعما كبيرا لها، ومحفزا ومشجعا على الثورة واتخاذ قرار في المسار الذي ستسلكه، لتستمر حاليا المبدعة “نوال بنبراهيم” في العمل البحثي والنقدي، وحول اهتمامها بالمسرح الأمازيغي تضيف أن مواكبتها لهذا المسرح الأمازيغي ورصيدها المسرحي حفّزها لتوجيه عنايتها به، داعية إلى ضرورة الوعي بأن المسرح الأمازيغي وصل إلى درجة التطور.

وعاد الفنان “عبد الحق الزروالي” الذي يوجد في رصيده المسرحي على الخصوص 15 عمل جماعي و32 عمل مونودرامي/مسرح فردي وملحمتين، للحديث في ثاني جلسة ماستر كلاس، حرّكت في نفسيته ذكريات متعددة، مفرحة تارة ومحزنة تارة أخرى، ومتداخلة في أحيان أخرى، ليتذكر بداية الستينيات لما كان عمره 15 سنة يترأس بمدينة فاس جمعية براعم المسرح، ويحكي تجربة ارتباطه مع مجال الصحافة(من 1972 إلى 1985)، التي انطلقت سنة 1971 لما ذهب للعمل وهو يشتغل في مسرح الهواة لمدة 9 أشهر في جريدة الأنباء وحصل على جواز سفر كان بمثابة شيء كبير في ذلك العهد، وينتقل للعمل بجريدة العلم سنة 1975، كمصحح في فيها ثم في قسم التحرير، ويتحمل لاحقا في نفس الجريدة مسؤولية الملحق الثقافي، ويذهب للعراق من أجل تدريب في المجال الصحفي، وعاد للعمل في جريدة العلم بعدها وأصبح سكرتيرا للتحرير، ويقول بشيء من الضحك بأنهم عملوا على إرساله للعمل في ديوان وزارة الثقافة فلم يعد له سوى منصب رئيس التحرير في الجريدة، وبذلك كان رصيد الزروالي الكتابة في عمود الجريدة اليومي لمدة ست سنوات، بالإضافة إلى برامج إذاعية وتلفزيونية…

وقال الزروالي أن التعددية في الفردية لم تأتي من فراغ في إشارة إلى تفضيله العمل في المسرح المونودرامي، فقد كان يلتهم الكتب في مكتبة القرويين بفاس ويعوض النقص في مادة الحسابات التي كان يرسب فيها، واعتبر كل تجربته روافد ستخدم المسرح، منتقلا للعمل سنة 1981 بديوان وزير الثقافة سعد البشير إلى غاية 14 أبريل 1985، ليؤكد بأنه لم يختر هذا المنصب عبثا، ليقول الناس بعدها ماذا فعل “الزروالي”، ليقوم بطرح فكرة تأسيس المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي على وزير الثقافة، ليشتغلوا فيه لمدة 6 أشهر، مشيرا إلى أن إضافة “التنشيط الثقافي” لإسم المعهد جاءت من أجل تدريس المسرح بالمؤسسات التعليمية، مضيفا أن المعهد تأسس لتخريج أطر لتدريس المسرح وليس لتخريج ممثلين أو مخرجين…

ويختم الزروالي حديثه معتبرا أن الكتابة عنده هي رد فعل، وبعد 18 زيارة للعراق ودول عربية عديدة ورحلات مختلفة، يقول أن الثقافة الحقيقية تظل في الرحلة عبر الزمن والعادات والتقاليد، مشددا على أن المسرح يظل ذلك العشق المشترك بين  الأجيال وكل الإتجهات، ويقول أن حوارا أجري معه في العراق كان جوابه على سؤال مرتجل في خمس كلمات : ألا ترى بأنك وصلت باكرا، الجواب : أعترف أنني لم أبدأ بعد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.