خشيع يكتب🔷 قم للمعلم و فِّهِ التنكيلا. 🔷
بقلم : ذ خشيع عبد الصمد
🔸المعلم كلمة ساحرة ارتبطت تاريخيا بالأجلاء و النبلاء و الفلاسفة و المدرسين، بالنظر الى ما يكتسيه العلم من أهمية كبيرة في إنقاد الإنسانية من التخلف و الجهل و القمع، و انسحب هدا التقديس على كل رجالاته في مختلف المجتمعات، و ظل التركيز عليه كدعامة أساسية في تربية الأجيال و تنويرهم و تنشئتهم وفق منظومات متعددة تتقاطع في أمر واحد، و هو تأهيل الطفل لتحمل المسؤولية على نطاق واسع، حتى تحول المعلم الى كائن أزلي يخترق القلوب و يملك الوجدان و يختزل الشخصية المثالية التي يرسمها المراهقين و الشباب في ذاكرتهم، من كبرياء و أنفة و ثقة في النفس، و قبل ذلك تمكنه من المادة التي يدرسها للتلاميذ.
🔸 خلال السنوات الأخيرة تغير الأمر، و طرأت تحولات كبيرة في بنية المجتمع العربي عامة، و المغربي تحديدا و جرف طوفان المنظرين لهدم الحضارة كل تلك الرواسب النفسية التي كانت تقدس رجل التعليم، حتى استوطنت في مخيلة الشعب المغربي، الذي أصبح ينظر الى المعلم على أنه مصدر كل المشاكل و العقد الاجتماعية التي تعاني منه الأسر، و أصبحت توجه اليه أصابع الإتهام على أنه كائن سياسي مزعج بإضراباته و وعيه الحقوقي، و اشترك الكل في التحريض على إسقاط قداسة المعلم و تغيير كل المعادلات القائمة على الاحترام و التبجيل، و تبخيس رسالة التعليم و المعلمين، حتى تمكن هدا التضييق و الحصار من هزمه و استسلامه، فتحول من ثائر متقف، الى موظف من الدرجة العاشرة في مصلحة الضرائب، و غدا أسطورة مضحكة تجري على لسان المغاربة على اختلاف مستوياتهم، يسخرون من مواقفه وحرصه المادي، و يختلقون له النكت و الطرائف التي تعكس شُحّه المطاع أو إنسان قتور، يستهويه حب المال.
🔸 اننا مع الأسف، لا نزال مسكونين بألوف العقد و الانحرافات و الموروثات الجاهلية، التي تحارب المعلم و تضجر من التعليم كمرفق ثانوي غير جدير بأي اهتمام، لسبب بسيط، و هو أن سياسات الدولة لا تؤمن ببناء الأجيال، أو على الأصح ترهقها عمليات البناء هاته، التي تتطلب مدرسة و معلما مثاليا، و كتبا جدية، و بيداغوجية محكمة قائمة على التعليم فقط.
🔸 صحيح أن الإغراء المالي أشطر منا و الانقياد له و الاذعان لسحره أسرع منا، بالمنطق النفعي و المادي، و لكن الوردة أو النبتة حتى تطلع، بحاجة الى تسعة أشهر من الصبر و الشغل و التحضير، و المعلم هو المؤهل للإشراف على تلك الوردة التي نقدمها غداة كل انتصار، باعتباره طاقة روحية هائلة و سلطة فكرية تتقدم على كل السلطات.
🔸 غاب حماس المعلم وفق توهجه المعهود في تربية الأجيال و أُسقطت عنه تلك الهالة التي كان يتمتع بها بفطرته و سلوكه، بسبب أنه يشكل إحدى الركائز الأساسية لبناء حضارة ما، لذلك فالهدم يقتدي تهميشه في كل شيء، بدءا من تلاميذه الذين تحكم فيهم ثقافة الأسرة و الشارع الداعية الى عدم الاستجابة له، الا في حدود التلقين الأكاديمي، الذي لا يمتد الى مناقشة العمق الفلسفي للقضايا القادر على اشباع فضول الأطفال و التلاميذ.
🔸 المعلم الذي نقف له تبجيلا و احتراما، لم يستطع أن يحافظ على ذروة كبريائه و أنفته أمام التغول المادي و التهميش السياسي، الذي فرض عليه عقود الإذعان في أداء مهمته التي تدخل في الالتزامات العامة، بقدر ما تنبثق عن وعي برسالة التعليم و أبعادها الإنسانية و التربوية، التي تبقى في أساسها من الأملاك العامة التي يستطيع كل إنسان أن يدعي أنها له، أو أن له حصة فيها، و لكن مخطط هدم الحضارة لأصحاب القرار، استوجب للأسف تهميش المعلم.
🔸 قم للمعلم وفه اللًكَمَ، هو الموقف السائد الذي يباشره بعض الحاقدين من رجال السلطة، على ابنائهم بكل سادية تنكيء الجراح ، و لاتجلو ابدا على نفسية الاستاذ صدأ الحزن الذي ران عليها ، مابين مقاومته لصياط التعاقد ، وصياط اعوان المخزن في مشهد مخزي ،لم يعد استيعابه ممكنا في الظروف الحالية ، بحكم المراقبة الصارمة التي تمارسها مواقع التواصل الاجتماعي على كل السلوكات الشاذة ،التي تخدش في الحريات وتهدم الحقوق ٠
عذرا شاعرنا العظيم احمد شوقي ، لم نستطع ان نصون امانة قصيدتك ، ولا ان ننزل ابعادها في اوساطنا ، وكل ما نستطيع ان نقوم به ، ان لا نقف له تبجيلا واحتراما ،
بل نتصدى له لكما ورفسا وتنكيلا ، وقد صدقت الرؤيا { وإذا القوم اصيبوا في أخلاقهم 🔺 فأقم عليهم مأتما وعويلا
وإذا النساء نشأن في أمية 🔺 رضع الرجال جهالة وخمولا ٠}