موقف ألمانيا ليس بالجديد وإنما يعكس حنين ألمانيا الحديثة إلى ماضيها الاستعماري الكولنيالي، إذ كيف ننسى أن المعاهدة التي بموجبها تم تقسيم إفريقيا بين الدول الأوربية الاستعمارية قد وقعت في برلين مابين سنة 1880 و 1884؟ وكيف ننسى أن ألمانيا التي استعمرت فرنسا كانت تنظر بحنق للمغرب لأنه كان يمثل ما تبقى من الدولة الفرنسية وامجادها؟ وكما أوضحت في العديد من المقالات فإن مؤتمر برلين1880 هو الذي أعطى الشرعية لاسبانيا لكي تحتل الصحراء المغربية والآن تتساءل دبلوماسيتها عن غرابة الموقف المغربي، في تناقض صارخ وهو ما ينطبق عليه المثل المغربي المعبر “يقتل القتيل ويسير في جنازته” ألمانيا الآن بعدما بينت بالملموس وفاءها لماضيها الاستعماري أصبح مطالب منها أن تعتذر رسميا للمغرب عن ما اقترفته في حق الشعب المغربي من مناورات ودسائس كان آخر حلقاتها دعوة مجلس الأمن للانعقاد للنظر في القرار السيادي الذي اتخدته الولايات المتحدة الأمريكية والقاضي باعترافها بسيادة المغرب الكاملة على صحرائه، وهو تعنت غير مقبول من طرف ألمانيا التي تربطنا معها علاقات اقتصادية ومصالح استراتيجية كبيرة ، الإجراء الثاني المطلوب من ألمانيا هو أن توقف تعاملها الاستعلائي تجاه المغرب وأن تعامله تعاملا يليق بتاريخه وقيمتة السياسية الحالية في المنتظم الدولي اقليميا ودوليا وأن تعيد بناء علاقاتها مع المغرب على أسس شفافة وواقعية في احترام تام لكرامة المغرب والمغاربة والتوقف عن التشهير بالمغرب كادعاء احد برلمانييها مؤخرا بأن ألمانيا أعطت للمغرب مساعدة لمواجهة جائحة كوفيد 19.
نفس الشئ يمكن قوله بالنسبة لاسبانيا التي آن الأوان أن تعتذر للشعب المغربي عن ما صدر منها منذ سنة 1492 من دسائس ومس لسيادة المغربية كاحتلال جنوبه وشماله واستعمال الغاز والنابالم وهي أسلحة محظورة دوليا في حرب الريف، بعد هذا الاعتذار أسبانيا مطالبة ببناء علاقات على أسس جديدة مع المغرب بعد تصفية ما تبقى من العقلية الاستعمارية في ذاكرتها. كما ندعو كل من ألمانيا وإسبانيا ومن يقف في صفهما التوقف عن استعمال دول الجوار المغبونة في سيناريوهات مكشوفة لتغدية بؤرة التوثر التي خلقت خلقا في صحرائه للتشويش على مسيرته الاقتصادية الموفقة ونسف كل الجهود التي يبدلها لبناء الاتحاد المغاربي للحد من تبعية دول شمال أفريقيا لدول أوربا المهووسة باستغلال ثروات أفريقيا التي تعتبرها مجالها الحيوي الأبدي .
د. حميد المرزوقي