فاطمة سهلي طنجة المغرب
تسببت جائحة فيروس كورونا )كوفيد–19 )في حالة طوارئ صحية عالمية وأزمة اقتصادية لا تضاهيها حجماً أي أزمة أخرى على مر التاريخ
ولعل احتواء المرض هو الشاغل الأول في مكافحة الجائحة، ومجموعة تدابير مثل الفحص والتتبع، مع عزل المصابين وعالجهم اولوية قصوى توليها الحكومة اولوية كبرى
ويمكن لفيروس كورونا الانتشار بسهولة، وحتى ولو لم تظهر ألاعراض للعديد من ألاشخاص المصابين به
وتتركز الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في كبار السن والضعفاء من الناحية الطبية .
والفئات الأشد ضعفا . وتشير الشواهد آلاخذة في الظهور إلى أن أنماط الوفيات متسقة مع الحرمان الاقتصادي، وذلك لعدم مقدرة الفقراء، في العديد من الحالات، على تحمل أعباء الالتزام بالتباعد الاجتماعي. ويضاف إلى ذلك أن حالة الفقير الصحية وقدرته على الحصول على الرعاية الطبية ربما التي كانت سيئة في ألاساس لمواجهة مرض غامض كفيروس كورونا المستجد كوفيد 19
إن التبعات الإنسانية الناجمة عن فيروس كورونا أكبر بكثير من سقف القدرات الصحية على مواجهته
وهو ما اماط الحجاب ان الوباء لم يكن مجرد أزمة طبية فحسب، بل هو بلبلة اجتماعية واقتصادية أيضاً. وكي تكون استجابتنا فعالة لتخطي تبعات هده الكارثة، فلا بد أن تراعي كافة هذه العوامل، كما يجب أن تلبي احتياجات الفئات الأكثر تعرضاً للخطر بوجه خاص
وصول المساعدات فوراً لمن هم في أمس الحاجة إليها تعتبر من الاولويات التي يجب على الحكومات مراعاتها حتى لا تصبح أزمة 2020 نسخة مكررة عن أزمة ثلاثينيات القرن العشرين ان الفقر في أي مكان تهديد للرخاء في جميع الأمكنة وهو يذكرنا أنه، ولسنوات عديدة مقبلة، سيكون الحكم على فعالية مواجهتنا لهذا التهديد الوجودي ليس فقط من خلال كمية المساعدات النقدية وسرعة ضخها أو معدل سرعة أو بطء التعافي من الأزمة، بل أيضاً من خلال ما فعلناه من أجل الفئات الأكثر ضعفاً بيننا
مرض كوفيد-19 اصبح يشكل عاملا مضاعفا للخطر. فبعد ان كان لدينا حالة طوارئ صحية وحالة طوارئ تنموية اصبح الآن لدينا حالة طوارئ انسانية. هذه الحالات الطارئة، تزيد من معدلات مرتفعة للوفيات بين الفئات المهمّشة بالفعل حيث ستضرب الأزمة السكان الضعفاء بشكل أكبرولن تتمكن الأنظمة الصحية الضعيفة والحماية الاجتماعية الغير المكتملة من تفاقم الوضع ووقوع الملايين من جديد في براثن الفقر وسيتأثر كل شخص بهذه الجائحة وستؤدي الجائحة إلى تفاقم مواطن الضعف والقصور القائمة بالفعل في الأنظمة الصحية ، لدلك لابد من تنفيذ إصلاحات لتمويل قطاع الصحة من أجل تحسين الاستدامة والإنصاف، وتقوية أنظمة المعلومات الصحية لتيسير الاستجابة الاستباقية، وتحسين مرونة تقديم الخدمات من أجل الحد من تعطل الخدمات.
لقد عطَّلت جائحة كورونا بشدة تقديم الخدمات الصحية الأساسية اثناء بداية انتشار الوباء
ففي ظل الجائحة وما اقترن بها من عدم استقرار سياسي ومالي، قد لا يكون هذا أفضل وقت لبدء تنفيذ إصلاحات هيكلية للأنظمة الصحية. ومع ذلك، فإن صدمة جائحة كورونا تظهر ضرورة تحسين مستويات الإنصاف والمرونة والقدرة على الصمود في أنظمة الرعاية الصحية. والمغرب هو مثال لبلد يغتنم الفرصة السانحة لإصلاح نظامه الصحي، حيث أعلنت الحكومة عن مجموعة من الإصلاحات الطموحة في يوليو 2020 يجري تنفيذها في الوقت الحالي. وتشتمل الإصلاحات على دمج برامج التأمين الصحي المجزأة، وتوسيع نطاق التغطية المالية لتشمل أكثر من 11 مليون شخص إضافيين، وكذلك السعي نحو تبني نموذج لطب الأسرة يكون المريض محوره. وستساعد هذه الإصلاحات المغرب على تقوية صمود نظامه الصحي وقدرته على مكافحة الجوائح في المستقبل وتحقيق التغطية الصحية الشاملة
لقد كشف هذا الوباء بلا رحمة كدلك جوانب الخلل العميق في أسواق العمل. فها هي شركات من مختلف الأحجام أوقفت عملياتها وخفضت ساعات عملها وسرحت موظفيها. ويتأرجح كثير منها على حافة الانهيار مع إغلاق المتاجر والمطاعم، وإلغاء الرحلات الجوية وحجوزات الفنادق، وتحول الشركات إلى العمل عن بعد. وغالباً ما يكون أول من يفقد وظيفته هم العاملون في مهن محفوفة بالمخاطر أصلاً – موظفو المبيعات، وعمال المطاعم والمطابخ، وعمال التنظيف
إن تسريح العمال يسبب كارثة لملايين العائلات لدلك لدينا فرصة لإنقاذ ملايين الوظائف والمنشآت، إذا تصرفت الحكومات بشكل حاسم لضمان استمرارية العمل ومنع تسريح العمال وحماية العمال الضعفاء. ويجب ألا يكون لدينا أدنى شك في أن القرارات التي يتخذونها اليوم ستقرر مصير صحة مجتمعاتنا واقتصاداتنا لسنوات قادمة
وبينما تحاول الحكومات وقف المنحنى التصاعدي للعدوى، علينا اتخاذ تدابير خاصة لحماية ملايين العاملين في مجال الصحة والرعاية الذين يخاطرون بصحتهم كل يوم من أجلنا. يوفر العمل عن بعد فرصاً جديدة للعمال كي يواصلوا العمل، ولأصحاب العمل كي يحافظوا على شركاتهم أثناء الأزمة. ولكن يجب أن يكون العمال قادرين على التفاوض بشأن هذه الترتيبات حتى يحافظوا على التوازن مع مسؤولياتهم الأخرى، مثل رعاية الأطفال أو المرضى أو كبار السن، وبالطبع رعاية أنفسهم
لا تزال معدلات التطعيم ضد فيروس كورونا لم تشمل الجميع، وهو ما يُبيِّن أن أمامنا طريقا طويلا للوصول إلى التعافي الكامل وضرورة الاستمرار في توخي اليقظة مع استمرار ظهور سلالات جديدة للفيروس.
و في هذه الفترة العصيبة والناجمة عن تفشي مظاهر الاستهتار والعناد الفارغ الرافض للتدابير الاحترازية تزداد هواجس وسناريوهات ، عنوانها الخوف من منحى تطور انتشار الوباء، وصعوبة وقلة الموارد عند بعضها، الناجمة عن فقدان العمل أو عوارض أخرى مرتبطة بسلسلة تاثير الوباء على باقي المجالات والقطاعات .