بقلم سفير الإعلام العربي بالمملكة المغربية
اليزيد الفحل
ظاهرة هي باتت متفشية جدا في المجتمع المغربي أريد أن أطرحها لنتناقش حولها علنا نصل معا لحلول ناجعة
ألا وهي ظاهرة التسول بالشارع العام ؟؟؟
في الآونة الأخيرة أصبحت ظاهرة التسول تكسو شوارع المملكة المغربية حيث أننا في كل عشر خطوات نصادف متسولا يمد يده إليك ليستعطفك بالله و بأقرب الناس إلى قلبك أن تمد له بعض المال لأنه مريض تارة و لأنها أرملة تارة أخرى و لأنه شيخ كبير أو طفل صغير مسؤول عن إعالة عائلته ثارات أخرى. أصبحوا هؤلاء مثل الأشباح يحيطون بك من كل حدب و صوب في محطات السفر و خاصة داخل الحافلات، في الأسواق، و أمام البنوك و مراكز البريد…الخ
و هناك نوع آخر من المتسولين من يعتدي عليك بالسب و الشتم و آخرون بالضرب إذا لم تعطه شيئا و آخرون يتحولون فجأة إلى لصوص فيسرق حقيبتك و يفر هاربا بهذا تكون قد ظهرت ظاهرة أخرى متفشية وليدة التسول هي السرقة.
في السنة الماضية عرضت برامج عديدة تقارير حول هاته الظاهرة المزرية، ما ينبئ بخطورة الوضع حقيقة
و هذا أمر نتأسف له حقيقة…
استغلالا رقة القلوب و رحمتها و قول الحق (و أما السائل فلا تنهر)
و قوله تعالى
” وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين “
و قوله تعالى
” وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون “
و أكيد في كتاب الله عز و جل آيات كثيرة تحثنا على تقديم الصدقات و لكن للمحتاجين و المساكين و الفقؤاء و ليس للأغنياء المكتفون و لكن هنالك في المقابل آيات تنهى عن التسول أيضا فقد قال عز وجل:
(وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ )
و قوله تعالى :
(لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ )
و قول المصطفى صلى الله عليه و سلم
” ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم ”
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ من سأل الناس أموالهم تكثرا فإنما يسأل جمرا فليستقل أو ليستكثر ” .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره فيتصدق به على الناس : خير له من أن يأتي رجلا فيسأله أعطاه أو منعه ” .
و من كثرة هؤلاء أصبحنا لا نفرق بين المحتاج و متصنع الاحتياج من أجل المال .. أتذكر و نحن في الابتدائي كان يأتي لحينا رجل مسكين للتسول يوم الجمعة و كان أهل الحي يمدونه بمختلف أنواع المؤونة.
و في ذات يوم جاء مدير المدرسة التي كنت أدرس بها و طلب منا أن نخبر أوليائنا بعدم منحه أي شيء آخر و لو كان خبزا.
لأنه كان من أثرياء مدينة الدار البيضاء زارها مديرنا أناداك ليفاجئ به مديرا للفندق الضخم الذي نزل به و أنه لديه أزيد من أرض … و من ثم بلغ عنه للأمن و استوقفوه ولا أدري بعدها ما هي الإجراءات التي اتخذت في حقه.
و أمثاله كثيرون بالمغرب ككل
يوما ما قريبا سيتم إصدار نص قانوني جديد بالمملكة المغربية، الذي يمنع التسوّل ويهدف هذا النص إلى محاربة ظاهرة و جريمة التسوّل التي أخذت منعرجا خطيرا في مختلف المدن المغربية، حيث انتشرت بكثرة خاصة في الآونة الأخيرة والشبكات التي تدعم هؤلاء المتسوّلين، والتي تعد امتدادا لشبكات تزوير السيارات وسرقة الهواتف النقالة، وذلك باستغلال الأطفال والرضع.
وقد أكد لنا المسؤولين أن الدولة تسعى جاهدة إلى مكافحة التسوّل من خلال إلقاء القبض على المتسولين و المتسولات المشكوك في أمرهم ويتم تطبيق القانون عليهم وكذا الأمهات اللواتي يتركن أبناءهن لهؤلاء يعاقبن أيضا ويؤخذ الطفل من حضانة أمه ويحول إلى مراكز الطفولة و الشباب، لأن هؤلاء الأمهات اللواتي يعرضن أبنائهن إلى مثل هذه الجريمة مقابل أجور زهيدة لا يستحقن هذه المكانة الرفيعة.
و نحن ننتظر خروج هذا القانون للنور حتى نتخلص من هاته الظاهرة التي باتت وصمة عار على جبيبن المغاربة
و من ثم نجد هاته الأسئلة لتطرح نفسها :
الفقير يتسول لإعالة نفسه، و هاته فهمناها لكن الغني لم يتوقح و يرتكب هذا الفعل المشين و بمد يده للغير ؟
هل هاته الظاهرة هواية أم عادة أم مرض أم مهنة يمتهنها البعض ؟
ما هي الوسائل الناجعة للقضاء على هاته الظاهرة التي أصبح المجتمع المغربي معروف بها ؟
و لكن أهم سؤال نجده بإلحاح هو :
هل وسائل الدولة المغربية عاجزة عن القضاء على هاته الظاهرة ؟؟؟