
فاطمة سهلي طنجة
يفتتح الملك محمد السادس حضورياً افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة للمرة الأولى منذ جائحة كورونا اليوم الجمعة منذ العمل بالإجراءات الاحترازية ضد فيروس كورونا قبل عامين، في ظل تحديات سياسية داخلية وخارجية وأخرى اقتصادية ناتجة عن تداعيات الجائحة والحرب الروسية الأوكرانية وموجة الغلاء
ان الفصل 65 من الدستور المغربي ينص على أن يعقد البرلمان جلساته أثناء دورتين في السنة، ويرأس الملك افتتاح الدورة الأولى، التي تبدأ يوم الجمعة الثاني من شهر أكتوبر ، وتفتتح الدورة الثانية يوم الجمعة الثاني من شهر إبريل
وجرت العادة ان يحضر العاهل المغربي إلى مقر البرلمان في الجمعة الثانية من شهر أكتوبر لتراس افتتاح الدورة التشريعية الجديدة وإلقاء خطاب توجيهي، إلا أنه خلال العامين الماضيين تم التخلي عن ذلك، بسبب إجراءات مكافحة كورونا، واتباع تدابير احترازية، كان من أبرزها توجيه الملك خطاب الافتتاح من القصر الملكي، ونقله داخل قبة البرلمان، فضلا عن تحديد عدد البرلمانيين الحاضرين للافتتاح في 100 برلماني ومستشار.
وبالرغم من تحسن الوضع الوبائي في البلاد، كان لافتا صدور توجيهات إلى البرلمانيين بإجراء فحص الكشف عن فيروس كورونا، مرتين، الأولى أمس الخميس، وأخرى صباح اليوم الجمعة، وذلك استعدادا لافتتاح البرلمان، الذي ترأسه العاهل المغربي حضوريا، للمرة الأولى، منذ العمل بالإجراءات الاحترازية ضد فيروس كورونا خلال العامين الماضيين
وخلال ترأسه افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان ،القى العاهل المغربي خطابا أمام أعضاء مجلسي النواب والمستشارين تناول مواضيع مهمة
وقد حملت مضامين الخطاب الذي القاه العاهل المغربي اليوم في افتتاح البرلمان خريطة طريق العمل الحكومي والبرلماني لمواكبة التحديات الداخلية والخارجية، ويشير الخطاب الملكي الى نقطة مهمة جدا الا وهي موضوع الماء والذي اكد من خلاله جلالته بان لا يجب أن يكون موضوع مزايدة سياسية والسبب هو أننا أمام قضية أمنية و بالتالي لا يمكن أن نغامر في جانب الماء بالمزايدات السياسية و الامر الثاني هو أن الماء يرتبط بهجرة قاسية و الحل هو توفيرنوع من الاستقرار الديمغرافي للمغرب
هجرة الماء معروفة فهي قاسية وكثيفة جدا حيث أشار جلالة الملك الى أن موضوع الماء جدي يجب إخراجه من معادلات الصراع السياسي أو خلق نزعات بين هذه الجهة أو تلك بل يجب التعامل مع الماء بحكمة وذكاء
كما ركز الخطاب على توجيه الاهتمام الى إيجاد حلول عملية الحس الوطني واليقظة السياسية لأن الماء لا يمكن أن يتحول الى صراع سياسي أو جهوي او قبلي
لان المغرب يتوفر على بنية تحتية قوية جدا من السدود واستثمر أموالا كثيرة جدا لذلك يجب التحلي ينوع من الهدوء والحكمة والصبر امام هذه المحنة
قضية الماء قضية جادة و عندما يضعها جلالة الملك أمام البرلمان في المؤسسة التشريعية و أمام الجهاز التنفيذي ورئيس الحكومة والوزراء معناه لابد على كل المغاربة جميعا البحث عن حلول عملية وواقعية و أن نكون مسؤولين الى أبعد مدى في حل هذه المشكلة ولكن يجب أن لا نجعلها فرصة لخلق صراع أو غلبة سياسية لأن هذه مغامرة كبيرة جدا
وموضوع الماء في الخطاب الملكي له بعد ففيه ألأمن الاجتماعي والسلم الداخلي والتخفيف من خطورة الهجرة، لأننا في بلد فلاحي ولا يمكن أن نتصور الفلاحة بدون ماء وهذا الدور ستشرف عليه المؤسسة التشريعية لتدبير هذا الملف
كما تناول الخطاب الملكي موضوع الاستثمار الذي يعد ركيزة استراتيجية، لأنه المحرك الاقتصادي فالقطاع الخاص يجب أن تسكنه روح الوطنية وهي معادلة ليست سهلة، فعلى الفاعلين ضرورة التفكير في الرفع من إمكاناته وثروته في نفس الوقت سيمكن من تحريك التشغيل والتوظيف والعمل وهنا تجدر الإشارة للقطاع البنكي والمقاولات الشباب لأنها تتولى مهمة اساسية تراهن على المستقبل و تدخل في خانة السلم الاجتماعي والاستقرار وخلق الثروة
اننا أمام عالم يصنع فيه الاقتصاد النمو و الثروة والتماسك الاجتماعي وهو أيضا المحرك الضروري الذي أكد عليه صاحب الجلالة وربطه أيضا بالأدوات التشريعية وبأدوات التطور التي تتمثل في الرقمة والولوج الى العقار و المساطر الإيجابية الفعالة، والمؤسسات المعنية التي يجب أن تلتقط الرسالة لأننا نحن أمام أحداث عالمية قد تتاح فيها فرص للمغرب في جلب الاستثمارات و نحن نعلم أن المغرب لديه الموارد البشرية و بمجرد ما أن تستثمر فيها القليل تعطيك الكثير
ان المغرب استطاع أن ينافس في قطاعات كان يستبعد أن ينافس فيها كقطاع الطيران والسيارات والطاقات المتجددة معناه إدا قمنا برفع وثيرة جلب الاستثمار بفضل القطاع الخاص والابناك الذين سيقومون بلعب أدوارهم الطلائعية بإيجابية ووطنية فإننا بذلك سنحل بطلك معضلة البطالة التي تعاني منها كل دول العالم
إضافة الى مضامين الخطاب الملكي تتضمن الأجندة التشريعية للبرلمان المغربي خلال الدورة الخريفية مناقشة مشاريع قوانين تساهم في تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، وتقوية الدينامية الاقتصادية والتنافسية، منها مشاريع القوانين التي تضمنها قانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين، والمشاريع التي تضمنها قانون الإطار المتعلق بالصحة، وكذا المشاريع الخاصة بقانون الإطار المتعلق بالاستثمار، ومشاريع القوانين التي تضمنها قانون الإطار المتعلق بالجبايات.
وإلى جانب تلك المشاريع، ينتظر أن تعرف السنة الثانية من الولاية التشريعية الجديدة إعادة النظر في مدونة القانون الجنائي، وتقنين الإضراب، وإخراج القانون التنظيمي المتعلق بالنقابات ”الاتحادات العمالية”، أما مشروع قانون المالية لسنة 2023 فيعد على رأس المشاريع التي ستأخذ حيزا كبيرا ضمن العمل التشريعي خلال الدورة الخريفية، سواء من حيث حجم النقاش أو المدة الزمنية للتداول.
ويتوقع المراقبون ان تحمل السنة التشريعية الثانية من عمر البرلمان الحالي رهانات كبيرة، على رأسها دراسة مشاريع القوانين، إلى جانب المصادقة على نصوص ذات أهمية استراتيجية في بعديها الوطني والدولي، خاصة في ما يتعلق بتأهيل المنظومة الصحية وقانون المالية، وكذلك ميثاق الاستثمار، الذي يحتل مكانة مهمة في المجال الاقتصادي، ويعول عليه المغرب لتشجيع الاستثمارات الوطنية والأجنبية.
أن تكون الدورة الجديدة بمثابة بداية حقيقية للائتلاف الحكومي الحالي من خلال الالتزام بوعوده التي سطرها في البرنامج الحكومي وتنزيلها على أرض الواقع، وعلى رأسها ترسيخ الدولة الاجتماعية، خاصة أن الائتلاف الحكومي يتوفر على أغلبية مريحة داخل البرلمان، بالإضافة إلى طابع الانسجام بين مكوناته.
أن السنة التشريعية الجديدة تحمل في طياتها رهانات اجتماعية واقتصادية هامة جدا، وهو ما يستدعي انخراطا مسؤولا لكل مكونات المشهد السياسي أغلبية ومعارضة ونقابات، مبينة أن على رأس تلك التحديات ما يعيشه الشارع المغربي من ارتفاع مهول للأسعار والمحروقات.
تماشيا مع الشعار الذي رفعته هذه الحكومة لبلوغ الدولة الاجتماعية.