ياسمين الحاج تكتب : فاطمة الافريقي قلم يكتب الحقيقة في وجه الصمت

0
pub top

في مجتمع يعيش تحوّلات معقّدة، تظل الحاجة ماسّة إلى أصوات تُحافظ على خطّها المستقيم، وتكتب بأمانةٍ ومسؤولية، وتؤمن أنّ الكلمة سلطة بحدّ ذاتها، لا تُستخدم لتلميع الوجوه، بل لكشف الحقائق، وإضاءة المسارات، وتقوية الوعي الجمعي.

وفي زمنٍ تتكاثر فيه الأصوات المترددةة، وتبهت فيه الحقيقة تحت ثقل الضجيج والتجميل الإعلامي، تظل فاطمة الإفريقي واحدة من الأقلام النادرة التي اختارت أن تكتب بضمير يقظ، لا يُساوِم، ولا يلتفّ، ولا يخشى أن يضع إصبعه على الجرح مهما اشتدّ الألم.

لقد أثبتت الإفريقي عبر مسارها المهني والفكري أنّ الصحافة ليست مهنةً للكتابة فقط، بل موقف أخلاقي قبل كل شيء؛ موقف يقتضي الشجاعة في طرح السؤال، والجرأة في مواجهة ما يُراد له أن يبقى خلف الستار، والنزاهة في قول الحقيقة كما هي، لا كما يُراد لها أن تبدو.

هذا القلم الذي يتقد بالحياة لا ينحني أمام الاتهامات، ولا يساير الصمت الممنهج، ولا يذوب داخل القُوالب الجاهزة. بل يخرج ليواجه، يناقش، ويُعيد ترتيب الفوضى بما يليق بكرامة المهنة. وما يجعل صوتها مختلفًا هو ذلك الإيمان العميق بأن «الحق لا يحتاج لميكروفون كي يُسمَع، بل يحتاج لمن يملكه».

على قدر ما تُحبّ فاطمة الإفريقي الحقيقة، تُحبّ كذلك أن تكون وفيّة لرسالتها. لذلك لا تستغرب أن تجدها في الصفوف الأمامية كلّما تعلّق الأمر بالدفاع عن حرية التعبير، أو حماية شرف الكلمة، أو مواجهة العبث الإعلامي. إنها تُذكّرنا دائمًا بأن الصحافة ليست ترفًا… بل ضرورة.

إنها نموذج للصحافي الذي يكتب بضمير، ويواجه بجرأة، ويصمد بثبات… نموذج يجعلنا نطمئن أن الكلمة ما زالت بخير، وأن الوطن ما زال قادرًا على إنجاب أصوات لا تقبل الانحناء.

ولذلك، يظل احترامها واجبا، والاعتراف بجرأتها ضرورة، والإنصات لصوتها مسؤولية وطنية.
فهكذا فقط تتقدم الأوطان… بكلمة حقّ لا تخاف لومة لائم.

ياسمين الحاج

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.