عدالة قضية الصحراء المغربية حتمية تاريخية أقرتها وأكدتها الشرعية الدولية.

ما بين الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية 16اكتوبر 1975 وقرار مجلس الأمن رقم:2797 بتاريخ31 أكتوبر 2025 إقرار للشرعية الدولية بمغربية الصحراء الغربية، وهي نتيجة حتمية لخمسة عقود من العمل الدؤوب للمؤسسة الملكية بفضل رجاحة عقل وبُعد نظر جلالة الملك الحسن الثاني مُبدع المسيرة الخضراء المظفرة، وبفضل العمل الاستراتيجي لجلالة الملك محمد السادس، الذي طَوَّعَ التاريخ والجغرافيا لخدمة وحدة المغرب الترابية، بارًّا بقسم المسيرة، وفيًا لروح جلالة المغفور له الحسن الثاني، مبدع ملحمتها وملهم تنظيمها وتدبيرها، ملحمة استرجاع وتأهيل الأقليم الجنوبية المغربية، بحلول ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة لهذه السنة في 6 نونبر الجاري يكون نسق استرجاع الاقاليم الجنوبية المغربية قد بلغ عقده الخامس، خمسون سنة من البناء والتشييد، فبالرغم من الإنفاق الحربي الكبير الذي واكب التحاق الأقاليم الجنوبية المغربية لمواجهة تكالب أعداء وحدة المغرب الترابية وعلى رأسهم النظام العسكري الجزائري، الذي رهن كل ثروات الجزائر الشقيقة وعائدات نفطها لتسليح مرتزقة البوليساريو، وبالرغم من التحالفات المعلنة وغير المعلنة للنظام الجزائري لثني المغرب عن تحقيق مشروعه الوحدوي، شق المغرب بإصرار طريق التنمية والبناء، فإذا كان جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني قد أرسى أسس البناء عن طريق تحصين دفاعات المغرب الميدانية ببناء الجدار الرملي ترعاه بكل يقظة القوات المسلحة الملكية الأبية التي ابلت البلاء الحسن في الدود عن حوزة الوطن في معارك بطولية خلدت تاريخ المغرب بالمكرمات والمفاخر مما أرغم أعداء وحدتنا الترابية التوقيع على اتفاقية هيوستن في 6 شتنبر1991 لوقف إطلاق النار ، التي سمحت لجلالة المغفور له الملك الحسن الثاني أن يرتب بثبات وبعد نظر لمرحلة البناء والتشييد طيلة عقد تسعينيات القرن الماضي إلى ان تم اعتلاء جلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي قام بزيارته الأولى في مارس 2002 لمدينة العيون، حيث اطلق جلالته بها عدة مشاريع تنموية عهد بتتبعها وتدبيرها “لوكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للاقاليم الجنوبية المغربية” بالموازاة مع “المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية” كقوة اقتراحية سياسية واقتصادية واجتماعية، وهو ما ساعد على بلورة المقترح للحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب لهيئة الأمم المتحدة سنة 2007 الذي كان له الفضل في حَلْحَلَة معالجة ملف الصحراء المغربية المعروض بمبادرة من المغرب على اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار منذ سنة 1963 خلافات لما يروج له أعداء وحدتنا الترابية ، وهو المقترح الذي حضي بدعم دولي مُتَنَامٍ لكونه غَيَّرَ من نظرة المجتمع الدولي ومؤسسات هيئة الأمم المتحدة المتخصصةوبالأخص الجمعية العامة واللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار ومجلس الأمن الدولي . وقد كانت الزيارة الثانية للاقاليم الصحراوية المغربية سنة 2015 التي خصصها جلالته لإطلاق مشاريع التنمية المدرسة في النموذج التنموي الجديد الخاص بالأقاليم الجنوبية بغلاف مالي فاق 85 مليار درهم ساهمت بشكل فعال في خلق مركز جذب اقتصادي مكنها من زيادة قدرتها الاشعاعية وجاذبيتها الاستثمارية بإنجاز مشاريع مهيكلة كبرى كالطريق السريع الرابط بين الداخلة وتزنيت الذي قلص بشكل كبير مدة السفر من شمال المغرب الى جنوبه ومن تم الى العمق الإفريقي ، وقد توج هذ المنحى الاستراتيجي بإعلان جلالة الملك محمد السادس القاضي بخلق الفضاء الأطلسي لمساعدة دول الساحل ولوج المحيط الأطلسي عبر ميناء الداخلة حاضرة المحيط التي تحتضن بناء أكبر ميناء بجنوب المغرب على غرار ميناء طنجة المتوسط الذي سيكون جاهزا سنة 2029 ليلعب دور المحرك الاقتصادي سواء بالنسبة للاقاليم المجاورة وربط المغرب بعمقه الإفريقي خاصة بعد تأمين معبر الكركارات الرابط بين أوربا المغرب وافريقيا عبر الشقيقة موريتانيا لدعم علاقات شمال جنوب، وجنوب جنوب طبقا لمنطق رابح/رابح، الذي يعتبر خيارا استراتيجيا لجلالة الملك محمد السادس، مكن المغرب من التخلي سنة 2017 عن الكرسي الفارغ في الاتحاد الإفريقي بالانضمام له ليلعب إلى جانب العديد من الدول التي تتمتع بالجدية والمصداقية من وضع لبنات واعدة في عدة مجالات للتعاون والتكامل الاقتصادي ، وخلق دينامية اقتصادية وديبلوماسية جديدة بفضل العدد الهائل للزيارات الملكية للفريقين ناهزت 50زيارة لثلاثين دولة توجت بالتوقيع على ألف اتفاقية مما جعل رجوع المغرب للقارة الافريقية يتم بسلاسة وانسيابية، واسفر في وقت قياسي على تأييد مبادرة الحكم الذاتي من طرف قرابة ثلثي أعضاء مفوضية الأمن والسلم الافريقي، كما زاد من الدعم الافريقي والدول التي فتحت تمثيلياتها الدبلوماسية في الداخلة والعيون، وبالمقابل ازدياد عزلةالنظام العسكري الجزائري بالرغم من الإمدادات السخية يقدمها لشراء مواقف الدول الافريقية المعادية للطرح المغربي. وعلى مستوى حصيلة ما تم إنجازه في الأقاليم الجنوبية للصحراء المغربية فيمكن الجزم أن هذه الأقاليم أصبحت عبارة عن اوراش مفتوحة للبناء الاقتصادي والاجتماعي وبناء الإنسان أسهمت في خلق آلاف فرص العمل وشجعت كبريات الشركات العالمية الاستثمارية بها، وهو ما انعكس بشكل ايجابي على معدلات النمو الاقتصادي وارتفاع الناتج الداخلي الخام الذي سيكون له أثر مضاعف على نسبة التشغيل في المستقبل المنظور وارتفاع معدل الاستهلاك وتقليص معدل الفقر والفوارق الاجتماعية وجودة الحياة، وهو ما يمكن اعتباره قفزة نوعية في مجال التنمية البشرية بتحقيق معدلات نمو تفوق معدلات النمو الوطنية . كل هذا كان نتيجة منطقية للمشاريع السوسيو اقتصاديةالتي قاربت 700مشروع تنموي ناهز غلافها المالي 8مليار دولار في أغلب المدن والتجمعات السكنية سواء بالداخلة او العيون او اوسرد والكركارات وبوجدور والسمارة التي عرفتها هي الأخرى تشييد ممر آخر يربطها بموريتانيا، وقد تمحورت هذه المشاريع حول البنيات التحتية من مؤسسات جامعية ومستشفيات ومعاهد في عدة تخصصات دون ان نغفل الثورة التي يعرفها القطاع السياحي كتشييد الفنادق المصنفة والمنتجعات والقرى السياحية والاستثمارات الضخمة في القطاع الفلاحي كتصفية المياه العادمة وتحلية مياه البحر والضيعات المتطورة لإنتاج الخضر والبقوليات والأعلاف و تربية المواشي من أغنام وأبقار وماعز وابل باتباع احدث الأساليب العصرية لتحسين النسل، إلى جانب مشاريع طموحة لمكافحة التصحر وغرس الاشجار المقاومة للجفاف كالاركان والخروب واللوز والكبار والزيتون، نهضة شاملة تعرفها الأقاليم الجنوبية المغربية زاد من توهجها واشعاعها تصويت مجلس الأمن في 31 أكتوبر 2025 على تبني المقترح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي باغلبية مطلقة أكدت ان المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها تجسيدا للارادة الراسخة لجلالة الملك محمد السادس الموحد الباني وشعبه الأبي .
د.حميد المرزوقي