فاطمة سهلي طنجة
في كتاب “مذكرات ملك” أجاب الحسن الثاني رحمه الله عن سؤال الصحفي الفرنسي إيريك لوران حول موقف الملك في حال فشلت المسيرة، فكان جوابه “لو فشلت المسيرة لكنت استقلت، إنه قرار أمعنت التفكير فيه طويلا بحيث كان يستحيل علي أن أترك على الساحة ضحايا لم يكن لهم سلاح سوى كتاب الله في يد والراية المغربية في اليد الأخرى، إن العالم كان سيصف عملي بالمغامرة”
في الخامس من نوفمبر
1975، وجّه الحسن الثاني رحمه الله خطابا للمتطوعين للمسيرة قائلا “غدا إن شاء الله سنخترق الحدود، غدا إن شاء الله ستنطلق المسيرة الخضراء، غدا إن شاء الله ستطؤون طرفا من أراضيكم وستلمسون رملا من رمالكم وستقبلون ثرى من وطنكم العزيز”.
نجح الملك طيب الله ثراه في إحاطة ترتيبات المسيرة، التي انتظمت في حشود على مستوى كل عمالة بمتطوعيها وقياداتها وكوادرها، وتمت تعبئة نحو 44 ألفا من الكوادر المختلفة، و470 طبيبا لمرافقة ورعاية المتطوعين الذين تجمعوا في مدينة طرفاية في انتظار إشارة الانطلاق.
350 ألف شخص من كل الفئات شاركوا في المسيرة الخضراء التي تُخلد كل سنة عيدا وطنيا في المغرب
أفلحت المسيرة الخضراء من خلال الأمر الواقع الذي فرضته في السادس من نوفمبر 1975، بعد تجاوز الأسلاك الشائكة التي كانت تحدد مجال النفوذ الإسباني، في تكثيف الضغط على إسبانيا التي لم تكن مهيأة للدخول في مواجهة مع المغرب.
وفي التاسع من نوفمبر
1975، طلب الحسن الثاني من المشاركين العودة ليبدأ التفاوض الذي أسفر في 14 من الشهر نفسه عن توقيع اتفاقية مدريد التي تخلت بموجبها إسبانيا عن إقليم الصحراء ليقتسم بين المغرب وموريتانيا.
وكان مجلس الأمن قد أصدر قبل ذلك قرارا دعا فيه الأطراف إلى التعاون مع الأمين العام للأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة، غير أن الاتفاق قوبل برفض الجزائر وجبهة البوليساريو التي كثفت لاحقا عملياتها العسكرية ضد الجيش المغربي، مطالبة بإقرار الحق في تقرير المصير للشعب الصحراوي.
على المستوى الداخلي، عززت الملكية شرعيتها من خلال التعبئة الوطنية حول قضية الصحراء، وبنت شبه إجماع حول الطرح المغربي للقضية
في الذكرى 48 للمسيرة الخضراء لعام 2023 الواجب المقدس يدعونا الى المزيد من المتانة والقوة والالتحام بأهداب العرش العلوي المجيد لنصرة القضية الوطنية وتوحيد كل المغاربة للاجتماع على كلمة واحدة لوحدة الصف ونصرة القضية الوطنية والتوحد مع كل المغاربة والاجتماع على كلمة واحدة ضروري ومتانة تقوي الرابطة بين المغاربة
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : “ما من عبد يسترعيه الله رعية ، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرَّم الله عليه الجنة الذين يهملون حفظ
أوطانهم ، ولا يذودون عنها ويفرَّطون في أجزاء منها ، ويتركون حماية حوزتها ومجاهدة عدوها ، ويؤججون الفتن ما ظهر منها وما بطن استحقوا غضب الله ونقمته ، ان مسؤولية الدفاع عن ارضنا تقع على عاتق كل مغربي يعيش على ارضها ويتنفس هواءها وهو مطالب ان يفديها بالدم وبالغالي والنفيس من كل من حاول اغتصبها او جار عليها من مرتزقة اجتمعوا عليها من شتات الأرض وأقاموا لهم كيانا على أرضنا وديارنا ، ومقاومتهم واجبة يقرها القانون والمواثيق الدولية وقضية الصحراء المغربية قضيتنا نحن المغاربة وواجب علينا أن نتجمع حولها ونعمل على توحيد كلمتنا كما فعل آباؤنا وأجدادنا من قبل تحت لواء البطل المغوار والقائد الفذ والحاكم القوي مسترجع الصحراء الحسن الثاني رحمه الله ورضي عنه
ان الاستماثة والدفاع عن كل حبة من تراب الوطن هو ليس فقط نافلة من نوافل الدين ، وإنما هو من ألزم الواجبات ، لذا وجب الدفاع عنها ، وبذل كل ما يُستطاع من جهد ومال ، ووقت وحركة وعمل لتحرير ترابنا المبارك ، فهي أمانة ينبغي استردادها ، والعمل على تخليصها من براثن قطاع الطرق
ونحن المغاربة نقول بملء أفواهنا وبعلو صوتنا ان الصحراء مغربية
وحبة من رمالها لن ينالَ منها مخلوقٌ مهما كان شأنه ووزنه ، ومهما كانت قوته وحجمه وقدرته ومهما وجد هؤلاء المجرمون الطامعون من يؤيدهم ويعينهم في ذلك من عملاء وأذنابهم الخونة فان علينا عدم التفريط فيها باي حال من الأحوال ومهما ابتُلِيت ارضنا بأعداء في الداخل والخارج ، فإن الأمر لن يظل دائما هكذا فدولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة، وفرج الله قريب
والتاريخ خير شاهد على ذلك فهو يحدثنا بأن مملكتنا المغربية واجهت تحديات كبيرة وعديدة، ومرَّت بمُنعطفات خطيرة حتى ظن أعداؤها وسفهاء الأحلام أنها لن تقوم لها قائمة بعد ذلك لكن الله عز وجل هيّأ لها من أمرها رشدا ، وقيَّض لها من القادة الأفذاذ المخلصين ، والسلاطين و المجاهدين الأبرار ، الذين مكن الله لهم ومكنهم ، فعملوا على توحيد الوطن وجمع كلمته وتوجيهه إلى طريق العز والمجد والخير والرشاد ؛ لذا وجب علينا أن نحذو حذوهم ، ونعمل على كافة المستويات الفردية والجماعية والمؤسساتية على استكمال المسير والتشبث بالمكتسبات التي بذلت فيها الغالي والنفيس وتوحيد الكلمة من توحيد الصف عاش ملكنا الكريم وقائدنا محمد السادس نصره الله وايده
وشعارنا الله الوطن الملك .