التعليم قضية كل المغاربة الجزء الأول
بقلم الكاتب جمال عبد الدين المرزوقي
تأتي قضية التعليم بالمغرب في المرتبة الثانية بعد الوحدة الترابية من حيث الأهميةالأهمية.وإذا كانت قضية وحدتنا الترابية على رأس أولويات الأجندة السياسية الديبلوماسية بشقيها الرسمي والموازي قد حققت انتصارات كبيرة في الٱونة الأخيرة ،وما شابتها من أزمات بفعل أطماع بعض الدول الاستعمارية الإمبريالية ، علاوة على ما ابتلينا به من معاكسة مفضوحة لجارتنا الشرقية الجزائر وصنيعتها البوليساريو .والقضية في محصلتها العامة ماضية نحو الاعترافات الوازنة من طرف أغلب القوى السياسية العظمى دوليا وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ؛فإن قضية التعليم ترتبط أساسا بالمعرفة والعلم باعتبارهما الأساس المتين للتنمية، فهل يمكن أن نتصور تنمية وتقدما حقيقيين لمجتمع ما دون تعليم ؟إن قطاع التعليم منزه عن المزايدات السياسوية الضيقة فهي التي أوصلتنا إلى الباب المسدود والٱفاق المظلمة مع تواصل احتجاجات رجال ونساء التعليم المشروعة ناهيكم عن امتعاض أولياء وٱباء التلاميذ من مصير السنة الدراسية لهذه السنة التي قد تتجه نحو سنة بيضاء لاقدر الله. وعليه فإن معالجة قضية التعليم ببلادنا في ظل هذه التطورات الخطيرة ،ينبغي أن تعالج في إطار تحمل الدولة لمسؤوليتها عن التعليم في إطار السياسة العامة للبلاد المتسمة بالديمومة واستشراف ٱفاق مستقبل التعليم على المدى البعيد وليس في إطار السياسة العمومية المرتبطة بالحكومة لأن عمرها قصير يرتبط بعمر الحكومة المحكوم بمدةعمر الحكومة التي يخولها لها الدستور. وينبغي أن تعالج قضية التعليم فوق هذا وذاك في إطار تصور مرتبط بمشروع مجتمعي تنموي شامل متكامل كما فعلت اليابان مثلا التي كانت هي الأخرى في فجر الاستقلال تقريبا في نفس مستوانا التنموي أو أقل شيئاما وبهذا التصور سنجعل من قضية التعليم القضية الأولى كما تفعل كل الدول الراقية في العالم ، ذلك أن العملية التعليمية التعلمية لا ينبغي أن تبقى رهينة البرامج الحكومية المرتبطة بمحدودية الموارد المالية المرتبطة بدورها بمحدودية سقف الميزانية المخصصة لقطاع التعليم المرتبطة بقانون المالية من جهة وعدم السقوط في تداعيات الصراعات المفتعلة بين أطراف العملية التعليمية ،حيث ثارة تغلب مصلحة التلميذ على حساب مصلحة الأستاذ ،أو مصلحة الفاعلين في القطاع ونخص منهم بالذكر لوبيات المقررات الدراسية المحشوة مضامينها بما لا يفيد التلميذ ويجعله يعتمد على اجترار المقررات خاصة في السنوات الإشهادية ونعني بها الباكلوريا ،علاوة على إثقال كاهل الأسر المغربية المغلوبة على أمرها ،لفائدة المضاربين في سوق الكتب المدرسية للاغتناء على حساب جودة التعلمات المطلوبة في زمن العولمة التي لاتعترف إلا بالتفوق المعرفي وذلك بالتثمين الإيجابي لذاتنا اللغوية والاجتماعية والثقافيةالتي تدخل في ما يسميه المفكر والروائي المغربي الميلودي شغموم بالهويات النابذة .
إن إخفاقنا في تثبيت دعائم الإصلاحات التي عرفها مغربنا منذ فجر الاستقلال وقد ناهزت الثلاثين مشروعا فاشلا ، هدرت فيها أموال طائلة وجهود طاقات بشرية هائلة وزمن مدرسي وسياسي باهض التكلفة . لقد ٱن الأوان لنشمل قطاع تعليمنا المغربي بإصلاح جدي شامل ونرقى به ليصبح قضية كل المغاربة الأولى والأساسية، وهو ما سيمكننا من أن نجعل من التعليم نظارتنا التي نقيس بها تقدمنا وتنميتنا الحقيقية في كل المجالات، فهل إلى ذلك من سبيل!!؟
الحاضرة الإسماعيلية _ مكناس يوم الثلاثاء 05 / 12 / 2023