يقوم الأمازيغ بالاحتفال كل عامٍ في الثالث عشر من شهرينايربرأس السنة الأمازيغية، والتي بلغت اليوم عامها ال2969 ، ويرمز هذا التقويم إلى يوم انتصار الملك “شيشناق” الأمازيغي على الفرعون “رمسيس الثاني”، والذي أسس بعد ذلك الأسرة الفرعونية الثانية والعشرين في عام 950 قبل الميلاد، والتي استمر حكمها في مصر مائتي عامٍ تقريباً، كما عمل على توحيد مصر وبسط نفوذه إلى لبنان وفلسطين
يعود أصل تسميتهم إلى كلمة “مازيغ” أو “إمازيغن”، والتي تعني المتمرد أو الرجل الحر، أما تسميتهم بالبربر فهي خطأ شائع لأن كلمة “بربر” هي كلمة رومانية كانت تطلق قديماً على جميع الشعوب الأجنبية التي تعيش حول المملكة الرومانية أياً كانت، ويسمى عيد رأس السنة الأمازيغية بـ“ينّاير” وهي كلمة مكونة من “ينّ” أي الأول و”آيار” التي تعني شهر، كما أنّها تعني “أول كلمة” وهو معناها الأصلي، ويحتفل الأمازيغ في الجزائر وتونس والمغرب حالياً بهذا اليوم حيث يقيمون فيه طقوسهم وعاداتهم التي تتلخص بطلب الخصب والنماء والخير، وقد كانت ديانتهم وثنية في العصور القديمة، ثم انتقلوا بعدها إلى اليهودية ثم المسيحية، وقد اعتنقوها فترةً طويلة قبل أن يعتنقوا الإسلام إثر الفتوحات العديدة
من الغريب فعلاً أن يجهل العرب كثيراً عن الأمازيغ رغم أنهم من الشعوب التي يحتكون فيها على الدوام، فهم السكان الأصليون لشمال أفريقيا، ومؤسسو حضاراتٍ عريقة وممالك قوية على مر العصور ، وكان أشهرها المملكة النوميدية التي استلم حكمها الملك “ماسينيسا”، كما يردحم تاريخ الأمازيغ بأسماء لملوك عظماء قد برعوا سياسياً وثقافياً وتاريخياً ومنهم: الأمير كسيلة، الملكة ديهيا، والملك سيفاكس، إضافةً إلى جايا، ويوبا الأول ويوبا الثاني الذي ارتبط بالأميرة سيلينا، كما أنشأ مجلساً نيابياً وجيشاً ضخماً، وقد ازدهرت دولته بسبب اهتمامه بالثقافة والفنون
وتعتبر اللغة الأمازيغية من اللغات الآفروآسيوية، إلا أن آخرين يعتبرونها لغةً منفردةً قائمةً بحد ذاتها، حيث أنهم يختلفون أيضاً في اعتبارها لغةً سامية، وهناك بعض الأمور التي تربطها بالسومرية، بل أن بعضهم قد يرجعونها إلى الكوشية، وفي الحقيقة أنها كانت موجودةً قبل جميع اللغات لتكون بذلك قد تجاوزت عشرة آلاف سنة، وهي في الوقت الحالي تكتب بأبجدية “التيفيناغ”، وقد نُشرت دراسةٌ عام 2012 في مجلة بولس تحدثت عن انفصال اللغة الأمازيغية عن بقية اللغات، وذلك قبل 18 ألف سنة تقريباً، كما قام بعض العلماء بعزل الحمض النووي الأمازيغي “إ1ب1ب” المختلف عن الحمض النووي العربي “ج”، ما ألغى الفرضية التي تؤكد وجود قرابة بين الأمازيغ والعرب، وقد عززت فرضيات العلماء الأوروبيين ومن بينهم ابن خلدون أن الأمازيغ ينحدرون من بحر إيجا، أو ربما من شمال أوروبا
يبلغ عدد الأمازيغ في يومنا هذا ما يُقارب 55 مليون نسمة، حيثُ يتوزعون غالباً ضمن أقليات تتمركزُ خاصةً في الجزائر والمغرب وداخل واحة سيوه المصرية حتى، كما أن اعتمادهم الأكبر يكونُ على المحاصيل الزراعية والصناعات الحرفية، والتي تأتي في مقدمتها صناعةُ الفضة، إذ أنها في مكانةٍ رفيعةٍ عندهم، فهي تتفوق على الذهب بالنسبة للموروث الشعبي، فنساء الأمازيغ ، لا ترتدين إلا الحُلي الفضية المطعمة بالمرجان البحري، كما تُعتبر تلك القطع تحفاً فنية، ويعتقدون أيضاً أنها تجلب الخصوبة والسعادة والخير
تحتل المرأة مكانةٍ رفيعةً في التصنيف الاجتماعي للأمازيغ، فهي تمتلك شخصيةً قويةً وقيادية، وهذا ضروري كونها مسؤولةٌ عن حفظ التراث والهوية الأمازيغية من خلال أزيائها التقليدية وصناعة الفخار وجمع محاصيل الزيتون أيضاً، والذي يعتبرونه المحصول الأساسي، حيثُ يستخرجون منه زيت الزيتون، ويُذكر أنه توجد اختلافات بين المناطق الأمازيغية المتفرقة في شمال إفريقيا من ناحية الزي والاهتمامات والعادات، وحتى الموروث الثقافي، وذلك بسبب اختلاف درجة تفاعلهم مع المجتمع، ومن المؤكد أن القاسم المشترك بينهم هو الهوية التي توحدهم وتجمعهم وتذكرهم بجذورهم العريقة، والتي يستحضرونها في مثل هذا اليوم في كل عامٍ وذلك احتفالا بـ “ينّاير”
حين أعلن بعض العلماء الألمان في عهد هتلر أن الأمازيغ شعبٌ من الشعوب “الآرية” التي ينتمي إليها الألمان والتي كانت تُعتبر من السلالات العريقة عبر التاريخ، ويعود ذلك إلى وجود صفات وراثية متشابهة بين الأمازيغ والألمان بالنسبة إلى العيون الملونة والشعر الأشقر والبشرة الفاتحة، وقد أقيمت دراسةٌ على جمجمة “الكرومانيون”، حيثُ قام بها العالم “هنري فالواس” عام 1944، والتي أكدت وجود علاقة بين جينات الأمازيغ والأوروبيين
فاطمة سهلي