في يوم الأرض الفلسطيني الذي يُخَلِّده العَالَمُ مع الشعب الفلسطيني كلَّ عام، يقف مجلس النواب في المملكة المغربية، بكافة مكوناته، وَقْفَةَ تضامُنٍ والتزامٍ وتجديدٍ للعهد والموقف المبدئي الثابت المتواصل مع الشعب الفلسطيني الشقيق في صمودِه وكفاحِه المشروع من أجل نَيْلِ حقوقه الوطنية المشروعة العادلة، وفي مقدمتها بناء دولته المستقلة على حُدُودِ الرَّابِعِ من يونيو 1967 وعاصمتها القدس.
إن مجلس النواب، وهو يستحضر ذكرى يوم الأرض وشهدَاءَها الأبرياء والتضحيات الجسيمة التي بَذَلَها الشعبُ الفلسطيني في احتجاجاتِ مارس/آذار 1976 والتي تم في إثرها إقرارُ هذه الذكرى كحدثٍ سنويٍّ عالمي، ثم مُنْذُئذٍ في اللحظاتِ القاسية المتلاحقة، لَيُدْرِكُ أَنَّ هذه الذكرى ليست مجرَّدَ ذكرى إِعلامية روتينية بل هي مناسبة للرأي العام الدولي، وللمنتظم الأممي، ولصُنَّاع القرار في العالم المعاصر أن يُجدِّدُوا الالتزامَ والتفكيرَ المُنْصِفَيْن تجاه قضيةٍ مشروعة، وأن يُواصِلُوا جهودَهُم الخَيِّرة في البحث عن تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية والعمل على إِيجاد أفقٍ عقلاني موضوعي، متجاوبٍ مع رغبة العالم المتحضر لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط، منسجمٍ مع الشرعية الدولية وقرارات ومواثيق الأمم المتحدة، وضدّاً على الغطرسة الإِسرائيلية وكذا الخطوات الأخيرة على الأرض التي تستهدف تصفية القضية، وذلك باعتراف الإدارة الأمريكية غير المقبول بالقدس كعاصمة لدولة إسرائيل ومحاولتها شَرْعَنَةَ سياساتِ الاستيطان الإِسرائيلية.
وفي هذا السياق، فإن مجلس النواب يُثَمِّنُ عالياً الرسالة الملكية المولوية التي بعَثَها صاحبُ الجلالةِ الملكُ محمد السادس حفظه الله إلى السيد شيخ نيانغ، رئيس اللجنة المَعْنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غيرِ القابلة للتصرف، بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني لهذه السنة.
ولقد أوضح صاحبُ الجلالة، من موقع جلالته كأحد قادة الدول العربية الإسلامية المعنية بالقضية الفلسطينية كقضية مركزية مرتبطة بالمصير العربي، وأيضاً من موقع المسؤولية الإسلامية التي يتحملها العاهل الكريم على رأس لجنة القدس المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي، أن المجتمع الدولي توافَقَ على أن التسوية العادلة والشاملة للقضية الفلسطينية، وإنهاء الصراع في منطقة الشرق الأوسط، هدف لا يمكن بلوغه إِلاَّ من خلال حلّ الدولتَيْن وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
وإِننا في مجلس النواب، وتَمثُّلاً لروحِ وموقفِ الرسالة الملكية الكريمة، لَنُعَبِّر عن انشغالنا بمخاطر الانزلاقات التي يمكن أن تحدث حاضراً ومستقبلاً في المنطقة وفي العالم جرَّاءَ تعثر العملية السِّلْمية وتوقّف المفاوضات السلمية بين الطرفَيْن الفلسطيني والإسرائيلي، واتخاذ إجراءات أحادية الجانب على أرض فلسطين المحتلة. وهو ما دعا جلالة الملك عن حقٍّ إِلى التساؤل عن مصير حل الدولتَيْن كخيار استراتيجي ملائم، وعقلاني متوَافَق عليه دوليّاً.
إن خياراتِ السلام لاتزال ممكنةً، وهي الخيارات الممكنة الوحيدة التي تصنع أسباب الاستقرار والأَمن وتضمن المستقبل.
ومن جانبٍ آخر، فإن مَجْلِسَ النواب في المملكة المغربية، وهو يجدِّد التزامه وانخراطه في أفق دعمه والتحامه مع القضية الفلسطينية، ليُتابع بالعقل والوجدان ما يعانيه أبناء الشعب الفلسطيني في مواجهة الغطرسة والعقاب الجماعي والحصار وتردي الأوضاع المادية، الاقتصادية والاجتماعية والمالية، مثلما يتطلع إِلى أفق التوافق الفلسطيني والحوار الداخلي وتوحيد الصف الوطني الفلسطيني، وذلك حتى تَعُودَ القضيةُ الفلسطينية إلى مقدمة الاِهتمام الكوني، وتتجدد إِرادة التضامن والدعم والانخراط على المستوى الإنساني، وعلى مستوى الـمُنْتظَم الأُمَـمِي.
لقد كانت القضية الفلسطينية وينبغي أن تظل إحدى أولويات العمل البرلماني في العَالَم. وإِن مجلس النواب في المملكة المغربية ليَضَعُ إِمكاناتِهِ رهن إشارة أشقائه الفلسطينيين وضمنهم الأَشِقَّاءُ في المجلس الوطني الفلسطيني الذين أَدَّوا بدورهم غالياً كُلْفَةَ التزامهم الوطني شأن مكونات الشعب الفلسطيني كافة.