يرحلون … يغادرون … ويحملون أثقالي

0

فاس : محمد أمقران حمداوي

بدأ عدهم العكسي منذ مدة … وهاهم يتساقطون مثل أوراق التوت … بعد أن استدفأ كل واحد منهم كرسيه لسنوات عديدة …
في عز الصيف غادر أولهم … التقيت معه قبل الرحيل في أحد المحافل الثقافية بفاس … احمرت وجنتاه حتى كاد أن يبلع ريقه… كان ينظر إلي خلسة من حين لآخر … لم يكن مرتاحا … أكيد كان يقول في قرارة نفسه: لقد ظلمت الأستاذ أمقران ….رحل وفي حلقه غصة إلى يوم الحساب والعقاب … رحل حاملا وزر وثائقي معه… لن أغفر له … عند ربنا سنختصم …
وأنا أتصفح اليوم الجرائد اليومية لفت انتباهي رحيل ظالم آخر… كان له باع طويل فيما مارسه الظالم الأول… توددت إليه مرارا أن يفك وثاقي ووثائقي… لكنه لا يرد على الطلبات والمكالمات… لن أغفر له … عند ربنا سنختصم …
سعدت بخبر رحيل الفرعون الأول… وفرحت كثيرا برحيل الفرعون الثاني …
إن ظلمهما ليس سهلا كما يمكن أن يتوقع البعض …
كشفت تسريبات من دائرة الترتيبات الجارية بعد صدور رائحة محاكمات قبل أيام أن الفرعون الثاني سيرحل في اتجاه ما قبل أن يجرفه طوفان المحاسبة … وقبل أن يسلط عليه سيف الرقيب… سيرحل ولكن سيترك وراءه وثائقي فوق الرفوف … رائحتها تزكم الأنوف… وثائقي لو قصصت حكايتها لأقبل المؤلفون المختصون على تأليف فيلم وثائقي حولها… حكاية وثائقي لو نشرتها في الفيس لهرع الوزير المعني إلى حلها ومعالجتها مثلما هرع وزير التربية الوطنية إلى حل مشكل التلميذات المتضررات من الزلزال، واللاتي تم إيواؤهن في داخلية لا تتوفر فيها شروط الإقامة وذلك بعد انتشار شريط تلميذة يصور الحالة المهترئة للداخلية .
أريد وثائقي … أرسل لي وثائقي …
لن أغفر لك … رأيتك في المنام وسط نار وقودها أوراق كثيرة منها أوراقي …
اطلب مني الصفح …. ستندم … والنادم على شيء فاته كما يقول المثل… إن القادم أسوأ في نظري يا صاحب الحل والعقد… إن أم قشعم يمكن أن تصل في كل وقت وحين … اتق الله … ارجع عن غيك وضلالك…
إن من أشد ما يحزنك يوم الحساب أنك لا تستطيع أن تعطي أباك أو أمك أو ولدك أو زوجتك حسنة واحدة رغم حبك الشديد لهم . ولكن في المقابل ستجد نفسك مرغما على إعطاء حسناتك لمن ظلمته أو اغتبته أو احتقرته … ولذلك سمي يوم القيامة بيوم التغابن … لمثل هذا اليوم فليعمل العاملون…
لا زلت أتذكر بمرارة مسؤولا تربويا من مديرية ما… بأكاديمية المحفوظ العلام… لا يعرفني ولم يسبق له أن رآني ولا يعرف حقيقة الخلاف الكبير الموجود بيني وبين مدير المؤسسة … اتخذ قرارا مجحفا في حقي انطلاقا من وشاية كاذبة … عندما أراد أداء شعيرة الحج طلب مني الصفح ببساطة بوساطة أحد الأساتذة… وبعد جلسة معه تم فيها وضع النقط على حروف الخلاف الذي مرت عليه سنوات عرف أنه كان ظالما بسبب انحيازه إلى مدير المؤسسة ….
للأسف غالبا ما يظلم الشرفاء … ويا بؤس من حمل وزرا عند العادل الأعظم…
ليت الفرعونين السابقين يتعظان … ليت الفرعونين السابقين ينهجان نفس مسار التوبة…
لك يوم يا ظالم ..مهما طالت الأيام والسنون..لابد من الحساب..
سمعت احد المفكرين يقول ..الحياة هي القيامة وكما تدين تدان .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.