سلسلة مقالات حول المسألة اللغوية مدخل عام

0

بقلم الكاتب جمال عبد الدين المرزوقي

تكتسي المسألة اللغوية أهميتها من جذورها التاريخية الضاربة في القدم، ومن راهنيتها ومن حيث إنها ترتبط من كل نواحيها بالإنسان . ذلك أن البحث في أصل اللغات مثلا هو بحث في أصل الإنسان في حد ذاته . وإن فكرة أصل اللغات ،بقدر ما تحيل على الغوص في تاريخ اللغة الإنسانية ،بقدرما تحفزنا على معرفة ما إذا كانت اللغة الإنسانية طبيعية توقيفية أم اصطلاحية اتفاقية بين الناس ،وهو ما سيترتب عنه محاولة الإجابة عن عدة أسئلة نوعية طالما ينبغي أن تستجيب للتصور العلمي الأكاديمي الملائم لمعالجة هذه الموضوعات الشائكة ،من قبيل :هل كانت لغة الإنسان الأول أحادية موحدة ؟وإذا كان الأمر كذلك ، فكيف انتقلت من الأحادية إلى التنوع والتعدد ؟ وهل يمكن اعتبار هذا الانتقال استجابة للتنوع والتعدد البشري ؟وما علاقة اللغات الإنسانية بلهجاتها في بعدها المتنوع المتعدد والتي تطال كل المجتمعات الإنسانية وبفضلها نتمكن من التعرف على الطابع المحلي للغة أو اللهجة ؟
وعليه فإن فرضيةالطابع الاجتماعي للغة الإنسانية منذ الأزل تأخذ حجيتها من مجرد ربط اللغة بعائلتها ،كأن نقول :اللغات السامية نسبة إلى سام ابن نوح أو الحامية نسبة إلى حام ابن نوح عليه السلام ؛كما أننها تأخذ بعدها الجنسي عندما نربط أصلها بالجنس الهندي فنقول :اللغات الهندية ونضيف البعد القاري عندما نقول :اللغات الهند_أوروبية … إلخ . وعندما سنتناول في سلسلة هذه المقالات اللغوية واقع اللغة العربية وارتباطها بلهجاتها المتفرعة عنها ،ومنها العربية المغربية أو ما يعرف بالدارجة المغربية ،فإننا سنصدر عن فكرة مفادها أن دراسة واقع اللغة بالمغرب وباقي البلدان العربية المشرقية والمغاربية،فإنها ترتبط أساسا بدراسة واقع الإنسان العربي والمغاربي ، وبنياتة الثقافية التراثية منها والحديثة والمعاصرة . فإلى أي حد يمكن القول بالطبيعة الاجتماعية للغة في أصولها اللغوية وفروعها اللهجية ؟
انطلاقا إذن من فرضية و
وأسئلةهذا المدخل العام ،سنعمل في هذه السلسلة من المقالات ،حول المسألة اللغوية على تناول المعطيات التراثية والراهنةللغة الإنسانيةبالتحليل من جهة ،والعربية المعيار والعربية المغربية من جهة ثانية ،وسنخص منطقة زرهون بالدراسة كنموذج للعربية المغربية المحلية وماتكتنفه من معجم مغربي لهجي وعربي يتسم بالغنى والتنوع المستحق للدراسة والاستثمار. وفي هذا الإطار سنخصص الجزء الأول من هذه السلسلة لموضوع “أصل اللغات” وسنعالج موضوع سؤال الهوية اللغوية وعلاقتها بالهوية الاجتماعية والثقافية ، معرجين على موضوع هام سيربطنا بالوضع اللغوي بالمغرب، وذلك من خلال رصدملامح السياسة اللغوية في دستور 2011 وتعثر تجسيد مشروع أكاديمية اللغة العربية على ارض الواقع ؛علاوة على تخصيص مقالات لبسط الحديث عن وضعية اللغة العربية ومكانتها الراهنة بين لغات العالم ،من خلال “النموذج التعاقبي”كما طرحته الباحثة اللسانية المغربية ليلى المسعودي .

الحاضرة الإسماعيلي _ مكناس يوم الثلاثاء 17 أكتوبر 2023

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.