تجديد البيعة والولاء بين العرش العلوي المجيد والشعب المغربي الأبي معا رغم المصاعب والمحن

0


يحتفل المغاربة في ظروف دقيقة هذه السنة بسبب جائحة اجتاحت العالم قاطبة باسمى ذكرى غالية عطرة وعزيزة على كل المغاربة ذكرى عيد العرش المجيد في عامها الواحد والعشرين من جلوس الملك الكريم على عرش اسلافه المنعمين واعلنت وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة بسبب هذا المستجد هذه السنة تأجيل جميع الأنشطة والاحتفالات التي كان مرتقبا أن تقام بمناسبة عيد العرش 2020، نظرا إلى تدابير الوقاية من فيروس كورونا المستجد

وتقرر تأجيل حفل الاستقبال الذي يترأسه الملك محمد السادس ، وحفل أداء القسم للضباط المتخرجين الجدد من مختلف المدارس والمعاهد العسكرية وشبه العسكرية والمدنية وحفل تقديم الولاء

ويشمل قرار التأجيل “طواف المشاعل” الذي ينظمه فيلق الحرس الملكي فضلا عن كافة الاستعراضات والاحتفالات التي يحضرها عدد كبير من المواطنين مع الابقاء على اقامة حفل استقبال رمزي في الثلاثين من الشهر الحالي

وكل ذكرى لاعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، عرش أسلافه الكرام، هي مناسبة متجددة في الازمان وحسب كل الطوارئ في ايام الشدة كما في ايام الرخاء يثبت المغاربة صدقهم وحبهم الاصيل والصادق والثابت لملكهم ووطنهم مهما تغيرت الفصول والمواسم

وهذه الآصرة قل نظيرها والتي تجسد عمق ما يربط العرش بالشعب من أواصر الولاء الدائم، والبيعة الوثقى والتلاحم العميق، واحتفالا بالمفاخر والأمجاد، وتطلعا نحو تحقيق المزيد من الانتصارات لهذا الوطن، وفرصةمتجددة لشحذ الهمم ولتجديد العزائم وتوطيدها والاندفاع إلى الأمام لتشييد صرح المغرب الحديث

وهي مناسبة كذلك لتأكيد اواصر الوفاء الصادق الذي يربط العرش بالشعب، وفرصة لتجديد مواثيق العهد المقدس الذي يلحم بينهما بأواصر البيعة الشرعية المتجذرة منذ قرون ضاربة في جذورتاريخ المغرب الحافل بالامجاد

واستحضار هذا الحدث في كل مناسبة هو تشخيص دائم،على مر الحقب والأزمان، لمثانة عرى التلاحم الوثيق بين العرش والشعب، وثبات الولاء الدائم والوفاء المستمر الذي يكنه الشعب المغربي لعاهله جلالة الملك محمد السادس، وتعبير صريح عن القيم الأصيلة، والارتباط الوثيق بالحرية والديمقراطية، وبرهان عن الاستعداد الدائم للذود عن حرية الوطن واستقلاله واستكمال وحدته الترابية، وصد مناورات المتربصين بكل شبر من ارضه الغالية

ومنذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس العرش، اعلن جلالته في خطابه السامي في الذكرى الأولى لجلوسه على العرش متوجها إلى رعاياه الأوفياء، بقوله ” إن احتفاءك الخاص بعيد العرش يعود لخاصيته المتمثلة في تجسيده لتلاحم مقدسات المغرب الثلاث .. الإسلام والملكية والوطن، حيث أرسى العرش، بفضل الإسلام والملكية، مكونات الوطن التعددية، الحضارية والثقافية والجغرافية، وجعلها مصدرا مستمرا لوحدته. كما شكل هذا الالتحام بينك وبين العرش حصنا حصينا أكسب المغرب قوة ومناعة بهما تمكن من الصمود أمام أخطر الصعاب والأزمات، وتخطى أعتى العراقيل والعثرات، ورفع مختلف العوائق والتحديات، واجتاز الامتحانات الحاسمة ومنعرجات التاريخ الصعبة وهو أكثر ما يكون ثباتا وشجاعة وأقوى تضامنا وأوفى عهدا”

كما قال جلالته كذلك ، ” إننا نطمح إلى أن يسير المغرب في عهدنا قدما على طريق التطوروالحداثة، وينغمر في خضم الألفية الثالثة، مسلحا بنظرة تتطلع لآفاق المستقبل في تعايش مع الغير، وتفاهم مع الآخر محافظا على خصوصيته وهويته، دون انكماش على الذات، وفي كنف أصالة متجددة وفي ظل معاصرة ملتزمة بقيمنا المقدسة”

وفي نفس السياق، قال جلالة الملك، في خطابه السامي بمناسبة الذكرى الرابعة عشر لاعتلاء جلالته عرش أسلافه الميامين، مخاطبا شعبه الوفي، “إن احتفالك بذكرى عيد العرش المجيد، سيرا على تقاليدك العريقة، لا ينحصر مغزاه فقط في تجسيد ولائك الدائم لخديمك الأول، المؤتمن على قيادتك، وصيانة وحدتك. إنه يؤكد أيضا، وبصورة متجددة، رسوخ البيعة المتبادلة بيني وبينك، للمضي بالمغرب في طريق التقدم والازدهار، والتنمية والاستقرار. كما يجسد وفاءك لثوابت الأمة ومقدساتها”

لذلك فإن لعيد العرش المجيد دلالات عميقة، ومرامي بعيدة، ومقاصد شريفة، وأهدافا نبيلة يرمز إليها، ويجددها كل سنة في قلوب أبناء الشعب المغربي، عيد يتجدد مع الثلاثين من شهر يوليوز من كل سنة يحمل بحلوله معاني سامية جليلة، من بشائر الخير واليمن والبركة

هذه المناسبة هي بمثابة عيد تتزين فيه كل المدن المغربية وكل أقاليمه حلة جديدة يعكس سكانها عن فرحتهم وتأييدهم وتعلقهم بملكهم، معترفين ومكبرين وممتنين بما يبذله من جهد متواصل من أجل إسعادهم، محترمين وفخورين بكل ما يتخذه جلالته من قرارات سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وتنموية لفائدتهم

كما أنها مناسبة مواتية لتأكيد الخيارات الأساسية للبلاد التي كرسها الدستور الجديد للمملكة٬ الذي أجمعت الأمة على اعتباره ميثاقا متميزا بما يفتحه أمام المغاربة من آفاق المشاركة الفعالة، ومناسبة سانحة لاستلهام روح الوفاء والعطاء المستمر، لمواصلة العمل والكفاح من أجل استكمال بناء مغرب الوحدة والتقدم والتنمية الشاملة

ويتيح الاحتفال بهذه المناسبة المجيدة استحضار ما حققه المغرب من إنجازات ومكاسب هامة شملت٬ على الخصوص٬ إصلاح الحقل السياسي من خلال تطوير الآليات الديمقراطية، والإصلاحات الهامة التي عرفها الحقل الديني، والعمل على توفير موارد العيش للمواطنين والمواطنات بما يسهم في حل المشاكل المادية٬ علاوة على الجهود الحثيثة المبذولة لتحقيق التنمية البشرية، من خلال إطلاق مبادرات ومشاريع مدرة للدخل في سعي إلى تحقيق ما أمكن من التوازنات الاجتماعية والنمو الاقتصادي

ويرمز عيد العرش إلى ذلك النهوض الاجتماعي المتواصل، والتقدم الاجتماعي المستمر، الذي تشهده البلاد طيلة السنة وفي كل مناسبة وطنية، بما يكون فيها من مشاريع ثقافية واجتماعية، ويتحقق فيها من منشآت عمرانية كبيرة، ومنجزات عظيمة، تزيد من الأمن والطمأنينة، ومن الرخاء والازدهار لهذه الأمة في مختلف المجالات المادية والمعنوية، وتكفله من عزة وكرامة ورفاهية للفرد والجماعة.

ومنذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس العرش، في الثلاثين من شهر يوليوز 1999، وهو يعمل، حفظه الله، على إطلاق الأوراش الاقتصادية والاجتماعية، موازاة مع الإصلاحات السياسية والمؤسساتية، في تجاوب مع تطلعات رعاياه، جاعلا جلالته كرامة المواطن المغربي وازدهاره في صلب اهتماماته السامية، مواصلا جلالته أداء الرسالة المثلى في تنمية البلاد والسعي إلى تحقيق رقيها ونهضته

والمغرب في عهد الملك الكريم عرف تطورات غير مسبوقة حيث شهدت ديناميكية كبيرة، عكستها أوراش العمل الكبيرة التي غطت كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية والاجتماعية والدينية وغيرها

وما فتئ جلالة الملك محمد السادس يولي عنايته الخاصة لإرساء دعائم دولة الحق والقانون، ولتنمية بلاده تنمية بشرية مستدامة، تربويا وصحيا واجتماعيا وثقافيا، ولتعزيز البنيات التحتية للوطن بتشييد المنشآت التجهيزية الكبرى، من موانئ ضخمة وطرق سيارة وسدود نافعة وتجهيزات فلاحية عظمى، لتحقيق”المغرب الأخضر” المثمر الزاهر، حيث يضع جلالته الأسس الكفيلة لوضع المغرب الجديد على سكة الحداثة والنماء، ويحضر جلالته في جميع الجبهات والجهات للوقوف والسهر على كل المشاريع ومتابعة تطوراتها وتوسيعها وتنقيحها إذا اقتضى الأمر ذلك.

وعلاوة على الاهتمام البالغ الذي يوليه جلالة الملك محمد السادس للملفات الاجتماعية والحقل الديني وترسيخ الصرح الديمقراطي وبناء المغرب الحداثي وغيرها، بشكل لا يعرف الكلل ولا الملل، فإن جلالته لم يأل جهدا في الاهتمام بقضايا السياسة الخارجية وعلى رأسها قضية فلسطين، وبناء المغرب العربي والشراكة مع أوروبا، وتنمية القارة الإفريقية وتحقيق استقرارها على جميع الأصعدة والمستويات ما يزرع الأمل في نفوس الأشقاء الأفارقة

ويتجسد الاحتفال بعيد العرش المجيد في تاريخ المغرب الحديث كذلك في تجديد البيعة المعهودة بين العرش والشعب، وفي الترابط بين القمة والقاعدة لبناء المغرب وإعلاء شأنه بين الأمم في كل المجالات، إنه عيد الأمل والاستمرارية والبيعة والنهضة الشاملة والإخلاص للشعار الخالد ”لله الوطن الملك ”، في نهضة متواصلة يقودها جلالة الملك في مجالات التنمية البشرية، والتقدم الاقتصادي والاجتماعي، والمواطنة الكريمة، بروح الوطنية الصادقة، والتلاحم الوثيق بين العرش والشعب، التي جبل عليها المغاربة عبر التاريخ

وعيد العرش ليس عيدا وطنيا فقط بالمعنى الحديث، بل هو عيد لتجديد البيعة والعهد الشامل بأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من حيث أن لهذه البيعة في المغرب بعدا روحيا كبيرا،

فهي ميثاق دستوري يقوم على التشاور والتكافل والتماسك والإخلاص المتبادل بين ملك البلاد وأفراد الأمة، وعقد روحي وسياسي بين الشعب

ويدل هذا العيد المجيد العطر على دلالة واضحة على الآصرة الدينية والرابطة الروحية، والوشيجة القوية التي تجمع بين العرش وشعبه الوفي في نطاق البيعة الشرعية، المتأصلة باستمرار، والمتجددة في كل مناسبة دينية ووطنية، والتي تتمثل فيها الطاعة الواجبة لأولي الأمر في الإسلام، كما أمر بها الله سبحانه وتعالى في قوله جل علاه ”يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم”، وقوله سبحانه ”وأوفوا بالعهد، إن العهد كان مسؤولا”

وها هو المغرب اليوم، وارفا في ظلال العرش العلوي المجيد، الضامن لسيادة الأمة ووحدتها، وبقيادة ملكه سادس المحمدين، يخطو، بثبات، إلى الأمام، متسلقا مدارج الرقي والتقدم والازدهار، مواصلا نهضته الإصلاحية، عاقد العزم على مواصلة مسيرة الكفاح والنضال من أجل تحقيق وحدته الترابية، وخوض معركة التنمية بكل إصرار وتفاؤل من أجل غد أفضل

ويتابع جلالة الملك محمد السادس مسيرة البناء والتشييد للمغرب الحديث بعزم وثبات، بما يبذله من جهود هادفة إلى تحقيق أماني شعبه التواق إلى نهضة واسعة، وتنمية شاملة وحياة رغيدة، وتطلعاته في تحقيق الكرامة الإنسانية والسعادة الفاضلة، ويكرس جهوده، حفظه الله، لمعالجة القضايا الوطنية والقومية الكبرى بعقلية علمية وفكر متنور، ويجدد أسس ودعائم دولة الحق والقانون

وما فتئ جلالة الملك، في كل مناسبة، ومنذ توليه العرش، يدعو ويحث رعاياه على مضاعفة الجهود في تجديد الرؤى والمناهج، وتمديد الآفاق بما يؤهل المغاربة، المتمسكين بالمقدسات، والمتعلقين بالثوابت، والملتزمين بالعهود، من أن يكونوا أقوى استعدادا للانخراط الفعال في مسيرة العصر والمساهمة الإيجابية فيها، وكما قال جلالته ” تحفزا من المكانة اللائقة بمجدك التالد، وحاضرك الطموح، ومستقبلك المشرق الواعد، ضمن أصالة راسخة متجددة وحداثة أصيلة”

إن العرش العلوي المجيد شعار بارز لمسيرة الاستمرار والتحدي والصمود، رمز لمعارك التحرر والتشييد والعطاء، من أجل خدمة مصالح البلاد والرعية، وبعث روح التجديد والتحديث والإصلاح في مختلف الميادين وعلى كافة المجالات، ما يضمن لهذا البلد الأمين عوامل الرخاء والاطمئنان والاستقرار التي وعد الله بها عباده الصالحين

حفظ الله مولانا الإمام وأطال عمره، وأبقاه دخرا وملاذا لشعبه الوفي، وأقر عين جلالته بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وشد أزره بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وبسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة. إنه سميع مجيب

الله الوطن الملك

سهلي فاطمة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.