أمينة مجدوب
مازال المغرب يعيش حالة طوارئ صحية غير مسبوقة في تاريخه المعاصر ،جراء تفشي فيروس كورونا .وقد أحدثت هذه الأزمة تحولات في بنية المجتمع،مع ما ترتب عن هذه التحولات على المستوى الاقتصادي ،والاجتماعي،وما نشأ عن الجائحة من تداعيات على مستوى القيم ،والتوجهات الاجتماعية ؛فضلا عن تأثيرها السلبي المباشر على فئات عديدة في المجتمع المغربي ؛منها القطاع غير المهيكل،الذي كنت أظن هو المتضرر الوحيد – وقد سبق أن كتبت ذلك في موضوع سابق (بؤر الفقر،وبؤر الوباء أي علاقة ؟).لكن أثار انتباهي إلى أن هناك فئات أخرى متضررة في زمن كورونا ،…….).. ألا وهي فئة القباض التابعين لوزارة الأوقاف فما هي وضعيتهم ؟
قباض الأوقاف
هم فئة منسية ؛يتعلق الأمر بقباض نظارات الأوقاف بعموم التراب المغربي؛وضعيتهم الإدارية ظلت على حالها لأزيد من خمسين سنة ؟؟ رغم دورهم الأساسي في تنمية مداخيل الأوقاف ،وتطوير الاقتصاد الوطني .أجورهم تحدد بنسبة مئوية من الأكرية التي استخلصوها من مكتري الأملاك الحبسية .ولاينتهي عملهم عند هذا فقط ؛بل يلتزمون بكتابة تقارير شهرية ،وسنوية عن المداخيل ،وعن الديون ،وتتبع حركية المكترين ،ومعاينة ،وكتابة الإخبارات عن أي مشكل ،أو تغيير في معالم محلات الكراء ،وإعداد لوائح المتماطلين في الأداء وإحالتها على قسم المنازعات …كل هذه المجهودات تقوم بها فئة القباض المحرومين من أبسط حقوقهم ؛ليست لديهم حماية اجتماعية ،وغير مسجلين في الضمان الاجتماعي؛لاتغطية صحية – لاتعويضات عائلية –لامعاش ،حتى شهادة العمل لاتعطى لهم ؟وهذا يتنافى مع الحقوق التي يضمنها الدستور ،ويتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان ،كما هي متعارف عليها عالميا ،والاتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية المصادق عليها من طرف المغرب ،ويتنافى أيضا مع القوانين التي جاءت بها مدونة الشغل المغربية ( القانون رقم 99-65- 11 شتنبر 2003-الظهير الشريف رقم 194-03-1).وقد استبشر القباض خيرا بعد صدور مدونة الأوقاف التي مرت عليها عشر سنوات،ومازالوا ينتظرون مقرر السيد الوزير؟. وزاد في تأزيم وضعيتهم التداعيات الاقتصادية لجائحةكورونا بعد إعفاء مكتري الأملاك الحبسية من أداء واجبات الكراء طيلة مدة حالة الطوارئ الصحية( المذكرة الوزارية بتاريخ 8/4/2020)..وعلاقة بالموضوع وقع 300 قابض على ملتمس رفعوه للوزارة للنظر في وضعيتهم المزرية ولا جواب ؟؟؛مما يستلزم إعادة النظر في ملف القباض ،والإفراج عن مقرر السيد وزير الأوقاف المذكور في مدونة الأوقاف .
مدونة الأوقاف
يعتبر الوقف أحد الموارد التمويلية لحاجيات المجتمع ،حتى أضحى شريكا أساسيا في جميع مجالات التنمية الاقتصادية ،والاجتماعية ،والثقافية ،والروحية ؛حيث يشغل نظام عقارات الأحباس حيزا هاما ضمن دائرة الأملاك العقارية بالمغرب ؛ فتمتد أراضي الأحباس لوحدها إلى أكثر من 200ألف قطعة وقفية ،مساحتها أكثر من 80 ألف هكتار ،فضلا عن أكثر من 50 ألف منزل ومحل تجاري .ومواكبة للتحولات الشمولية التي تعرفها بلادنا تبذل وزارة الأوقاف مجهودات متواصلة لتطوير الأوقاف ،والرفع من مستوى هذا القطاع ،وتحسين أدائه،منها مساهمتها في إنشاء المرافق العمومية ،بناء السدود ،تزويد الدواوير بالماء الشروب ،تسوية وضعية القيمين الدينيين،إلا تسوية وضعية القباض ؟لكن بعض الملاحظين اعتبروا أن أهم إنجاز لوزارة الأوقاف هو المدونة ؛حيث شكل الظهير الشريف رقم 236.09.1 الصادر في 23 فبراير 2010 المتعلق بمدونة الأوقاف تجربة تشريعية رائدة في تقنين الأحكام ،والقواعد التي تحكم الوقف بالمغرب.ودخلت المدونة فعليا حيز التنفيذ ابتداء من 24 أكتوبر 2013 ،بعد صدور جميع النصوص التطبيقية باستثناء مقرر السيد الوزير .حيث جاء في المادة (43)…..( يتم تعيين القباض ،وتحديد مهامهم ،ومجالات تدخلهم معالإشارة إلى طبيعة المداخيل التي يتم الترخيص بتحصيلها من طرفهم وفق مقرر للوزير المكلف بالأوقاف ).؟؟؟
الحماية الاجتماعية وقباض الأوقاف ؟؟
هذا الورش الكبير تتضح من خلاله معالم السياسة الاجتماعية من أجل بناء مغرب الغد ،مغرب يكون فيه الإنسان المحور الأساس للسياسات العمومية ،ومنطلقها ،ومنتهاها ،والمغاربة يفتخرون بهذا الإنجاز ،وبهذه الثورة الاجتماعية ،التي تشكل دعامة أساسية في سبيل ضمان كرامتهم إلا فئة القباض الذين لا يشملهم هذا المشروع ؟ والجدير بالذكر أن ورش الحماية الاجتماعية يهدف في مرحلته الاولى إلى توفير التغطية الصحية ل 23 مليون مواطن مما سيمكن من تعميمها سنة2022 ،كما سيمكن هذا الورش من تعميم التعويضات العائلية ،ثم تعميم التقاعد على خمسة ملايين شخص غير مشمولين اليوم بنظام التقاعد تحقيقا للعدالة الاجتماعية التي حرم منها قباض وزارة الأوقاف ؟؟
وإذا كان الوقف ،ولايزال مركزا للتعبير عن ثقافة التضامن وأداة لقياس قيم التعاون ،والتضامن في العلاقات الاجتماعية فهذا الورش الوطني فرصة للإفراج عن مقرر السيد الوزير الذي سيحمي حقوق فئة القباض، وفرصة لوزارة الشغل لفرض تسجيل هذه الفئة في الضمان الاجتماعي .تفعيلا للحماية الاجتماعية التي تشمل جميع المغاربة.