أولاد عياد… بين التحديات والفرص: لقاء تشاوري يرسم ملامح المستقبل

أولاد عياد… بين التحديات والفرص: لقاء تشاوري يرسم ملامح المستقبل
ترأس السيد الباشا أولاد عياد، يوم 14نونبر 2025 بدار الثقافة، اللقاء التشاوري الذي جمع السلطات المحلية، فعاليات المجتمع المدني، ممثلين عن الجالية المغربية، وعدداً من المواطنين، لمناقشة واقع جماعة أولاد عياد والتحديات التنموية التي تواجهها.
افتتح السيد الباشا اللقاء بالتأكيد على أهمية الاستماع لجميع المتدخلين، مؤكدًا حرص الإدارة المحلية على تعزيز التنمية الشاملة والمستدامة، تماشياً مع توجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس في ترسيخ العدالة المجالية وخدمة مصالح المواطن.
خلال اللقاء، أبرز المشاركون عدداً من التحديات الملحة التي تعيق تقدم الجماعة. في مقدمتها الماء والكهرباء والإنارة، حيث يعاني السكان من الانقطاعات المتكررة للماء، ونقص شبكة الإنارة في العديد من الأحياء، ما يهدد سلامة المواطنين ويحد من نشاطهم الليلي.
كما تم تسليط الضوء على البنية التحتية والطرق، التي تتآكل باستمرار، وغياب الرصف في بعض الأحياء، فضلاً عن غياب حاويات النفايات، ما يؤدي إلى تراكم الأزبال وانتشار التلوث البيئي.
الوضع الصحي لا يقل خطورة، إذ يعاني السكان من نقص حاد في الخدمات الطبية، وغياب شبه تام للأطر الصحية والتجهيزات الضرورية، ما يضطرهم للتنقل خارج الجماعة لتلقي أبسط العلاجات. كما أُشير إلى غياب مركز للاستعجالات، مما يزيد من المخاطر الصحية.
ولم ينسَ المتدخلون ملف ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث أشاروا إلى أن المركز الذي تم وضع حجر أساسه رسمياً لم ينطلق بعد، والمساحة المتاحة لا تلبي تطلعات الأسر، ما يستدعي تسريع الإنجاز وتوفير الرعاية الكاملة لهذه الفئة.
فيما يخص الأمن والبيئة، تم التطرق إلى خطورة القناة المائية غير المسورة وسط الجماعة، حيث تتحول إلى مجرى ملوث يشكل خطر الغرق على الأطفال والشباب، بالإضافة إلى حوادث السير المتكررة بسبب غياب التشوير الكافي، والطريق المؤدية إلى أوزود دون إنارة كافية، ما يزيد من تعقيد الوضع.
كما جرى التأكيد على مطلبٍ أساسي وحيوي، وهو إحداث مركزٍ للأمن الوطني ومركزٍ للوقاية المدنية داخل جماعة أولاد عياد، باعتبارهما منشأتين لا يمكن الاستغناء عنهما في مدينة يتوسع عدد سكانها كل سنة.
فغياب الأمن الوطني يترك فراغاً واضحاً في حماية المواطنين والتدخل السريع في حالات الجريمة، كما أن غياب الوقاية المدنية يزيد من خطورة الحوادث والحرائق والغرق، خصوصاً مع وجود القناة المائية غير المسيَّجة، وارتفاع حالات الحوادث داخل الجماعة.
إن إحداث هاتين المؤسستين لم يعد مطلباً، بل ضرورة ملحّة لضمان الأمن الإنساني وحماية الأرواح والممتلكات، واستكمال شروط المدينة الآمنة والمتطورة
أما التراث التاريخي، فقد أشار المشاركون إلى حالة قصر تودمرين الذي يعاني الإهمال والتدمير الطبيعي، دون أي تدخل لصيانته، رغم الاتفاقيات السابقة مع وزارة الثقافة، وهو ما يستدعي إدراجه ضمن مشاريع الحفاظ على التراث والتأهيل السياحي.
كما ناقش الحاضرون البنية الاقتصادية والأسواق النموذجية، مؤكدين على غياب السوق النموذجي والشارع الاقتصادي المنظم، وضرورة مشاركة مصنع كوسومار للسكر كشريك فاعل في التنمية، لدعم المشاريع الاجتماعية والبنية التحتية وتشغيل الشباب.
ولم يغفل اللقاء الشباب والمخدرات، إذ أكد المجتمعون أن غياب المرافق الثقافية والرياضية والأنشطة الترفيهية يدفع الشباب نحو التهلكة والانحراف، مطالبين بوضع برامج شبابية متكاملة تضمن الحماية والاندماج الاجتماعي.
كما شدّد الحاضرون على ضرورة إحداث منتزه عمومي وحدائق للأطفال، ليصبح فضاءً للتنشئة والترفيه، ويمنح شباب وأطفال أولاد عياد فرصة للاستجمام والنشاط الثقافي والرياضي، ويساهم في تحسين جودة العيش داخل الجماعة.
كما لفت الحاضرون الانتباه إلى مشكل دار الطالبة الفارغة، والتي يمكن استغلالها لتقديم خدمات تعليمية أو ثقافية أو رياضية تعود بالنفع على الطالبات والشباب في الجماعة.
ناهيك عن المطالبة بتفويث الأراضي بشكل واضح وسريع، وتبسيط المساطر الإدارية المرتبطة بالتعمير والاستثمار، لضمان تسريع المشاريع التنموية وتشجيع المبادرات الاقتصادية، وتسهيل حياة المواطنين، خاصة الشباب وحاملي المشاريع الصغرى، وتمكينهم من فرص أفضل للإنتاج والاستقرار.
في ختام اللقاء، تم التأكيد على ضرورة إعداد برنامج تنموي تعاقدي واضح، بأهداف محددة وآجال زمنية، ومتابعة ميدانية مشتركة بين الجماعة والعمالة والقطاعات الوزارية، مع إشراك المجتمع المدني والجالية المغربية في التخطيط وتنزيل المشاريع.
تم التأكيد على ضرورة تعزيز آليات المحاسبة والمراقبة لضمان تنفيذ المشاريع والخدمات العمومية والجمعيات بشكل شفاف وفعّال، ومتابعة كل المرافق والبرامج لضمان استفادة جميع المواطنين دون تمييز أو إهمال.
إن أولاد عياد اليوم، وفق المشاركين، أمام فرصة حقيقية للتحول إلى جماعة نموذجية، عبر تحويل كل هذه التحديات إلى مشاريع ملموسة تخدم السكان وتحقق تنمية متوازنة ومستدامة، بما يليق بتاريخها وموقعها الاستراتيجي، ويضمن مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
تميز اللقاء بتسيير الباشا للأجواء بروح المسؤولية والسلاسة، حيث أتاح المجال للجميع للتعبير عن حاجياتهم ومشاكلهم، مع ضمان احترام النقاش وتوجيه الحوار نحو حلول عملية وميدانية.
ياسمين الحاج
