
بقلم أحمد الإدريسي
نزل خبر إغلاق إذاعة ” بي بي سي” و توقفها عن البث، أول امس الخميس، كالصاعقة على المستمعين العرب، الذين استمعوا إليها لأكثر من 84 عاما، حيث انها بأدت العمل منذ يناير 1938.
و عرفت هذه الإذاعة الشعبية بعبارة :” هنا لندن سيداتي سادتي…”و للأسف الشديد لن نعود نسمع بعد اليوم ” هنا لندن ” و هذا ما اعتبره ناشطون عبر وسائط التواصل الاجتماعي ب” القرار الكارثي” و ذلك بسبب المكانة العظيمة و المتميزة التي كانت تحتلها في حياتهم اليومية، حيث لازالوا يحملون عنها ذكريات جميلة لا يمكن أن تنسى.
و يرجع السبب الرئيسي لتوقف هذه المعلمة الإعلامية الشامخة لأن المزيد من المستمعين تحولوا إلى الأنترنيت من أجل البحث عن الأخبار، و هذا يعني أن الإنتقال إلى ” الرقمنة أولا” منطقي من الناحية المالية, خصوصا في ظل ارتفاع تكاليف التشغيل المرتفعة و التضخم المتزايد.
فقد خفضت هذه الإذاعة 382 وظيفة، و سيخسر 400 عامل وظيفتهم في إطار المصاريف، و اضافت”بي بي سي” أنها بحاجة إلى 31 مليون دولار.
و الجدير بالذكر أنها تعمل حاليا ب41 لغة عبر العالم إذ يتعدى جمهورها 364 شخص، لكنها ستستمر البث باللغة الإنجليزية على مدار 24 ساعة، و ستضيف الأخبار الرياضية و الحيوية و التركبز على التأثير.
و تميزت هذه الإذاعة البربطانية على مدى 84 سنة بالمصداقية في الأخبار و الجدية في كل تحليلاتها السياسية و الاقتصادية، و في برامجها الإجتماعية. فقد لجأ اليها المستمعون المغاربة، أيام الاستعمار، لالتقاط الأخبار الحقيقية عن الوضع في وطنهم، و خصوصا لما تطاولت يد الاستعمار البغيض لنفي ملك البلاد الشرعي و رمز التضحية جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه.
إذن فقد المشهد الاعلامي الدولي و العربي على الخصوص منبرا عظيما و اساسيا للتثقيف و التنوير و الإخبار الجيد من الصعب بل يكاد يكون من المستحيل تعويضه.
و لازات أذكر برنامجها الشهير و المفيد جدا و الذي كان يحمل عنوان: ” ندوة المستمعين” و هو عبارة على مجموعة رائعة من الفوائد الأدبية و المستملحات الطريفة و الأمثال و العبر الخالدة و الحوارات مع المستمعين، و ذلك بلغة عربية صحيحة في جو مرح و تنشيط بديع و مهني مميز.
على كل حال ستطلق ال”بي بي سي” خدماتها على قناتها الجديدة ابتداء من شهر أبريل 2023 المقبل.