سلسلة مقالات حول زلزال الحوز
بقلم الكاتب جمال عبد الدين المرزوقي
جاء في الأدبيات الصينية عن الحكمة التراثية الكونفوشيوسية أن الاهتمام بالبشر حسب الحكمة الصينية _ لها الأولوية على العناية بالحجر . وإن الدرس المفيد الذي استخلصناه نحن _المغاربة_من تداعيات زلزال الحوز المفجعة ليتمثل بالأساس فيما يمكن تسميتة بالعقيدة الوحدوية الوطنية المسلمة التي يستوي فيها العربي والامازيغي والحساني والإفريقي والأندلسي ،لقد عبر المغاربة الأحرار على اختلاف مشاربهم وتعدد مشاربهم من داخل الوطن وخارجه عن تلاحم وتضامن كبيرين كسروا به اليوم كل مناورات الحساد والأعداء بثقة كبيرة في الله وإمكاناتهم الذاتية على تدبير الأزمات بحكمة وفعالية وشجاعة منقطعة النظير ،تماما كما فعل في محنة الاستعمار،حين ارتأت الخسة الاستعمارية الفرنسية تكريس التفرقة بين العرب والأمازيغ بإصداره للظهير البربري الٱثم في 16 ماي 1930 فلم تفلح سياسته الإمبريالية القائمة على مبدإ(فرق تسد)،ورغم ادعائه الاهتمام بالبشر وحقوق الإنسان لينهض بالمغاربة ويخرجهم من ظلمات الجهل والتخلف إلى أنوار الحداثة وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والأخوة الإنسانية ؛غير أن حقيقته كانت تقول :إن عنايته بدراسة أحوال الإنسان المغربي كانت تهدف إلى رصد مكامن القوة والضعف فيه ليطمس هويته الحضارية ومقوماته العربية الإسلامية ويضعف أقليته اليهودية ،ويقضي على لغته العربية ،وبذلك سيسهل عليه استعباده والسيطرة على خيراته فوق الأرض وتحتها ،وهكذا عمل على تقسيم الأرض إلى أرض المغرب النافع وغير النافع وللأسف يقع إقليم الحوز في المغرب غير النافع لوعورةتضاريسه وتهميش موارده البشرية حتى بعد حصولنا على الاستقلال . وحتى عندما أقدم بول باسكون عالم الاجتماع ذي الأصول الفرنسية والمزداد بضواحي فاس المغربية على دراسة إقليم الحوزمن الناحية السوسيولوجيةو أثبت بالملموس أن المجتمع المغربي مركب ومتجانس في الوقت نفسه ،وأكد أن إقليم الحوز غني بموارده البشرية وثروات أرضه الظاهرة والباطنة في أطروحة الدكتوراه الصادرة في مجلدين عام 1983م لكننا للأسف لم نعر الأمر أي اهتمام ،فعسى أن يكون زلزال الحوز الذي فجر بأمر الله الأرض شلالات وعيونا وأنهارا وربما غازا وبترولا أن يجعل مسؤولينا لا يكتفون بالإعمار المادي بل يتعدوه إلى الإعمار والتوطين الثقافي ،لتحقيق العدالة المجالية بين كل الأقاليم والجهات حتى ينعم المغاربة بنهضة حقيقية في كل رقعة من الوطن، مما سيساهم _لامحالة في التنمية البشرية قبل التنمية العمرانية المادية ،وما ذلك علينا بعزيز أو مستحيل .
الحاضرة الإسماعيلية _مكناس يوم الخميس 12أكتوبر 2023